الكرة السّوريّة… استقالة جماعيّة لإدارة نادي تشرين وحجز أموال حاتم الغايب وزوجته!

إعداد/ دلير حسن_

---

مُسلسل التخبّط الإداري والفساد المالي مازال مُستمراً في الكرة السّوريّة التي تُدار في مناطق سيطرة حكومة دمشق، وآخرها استقالة مجلس إدارة نادي “تشرين الرياضي”، والحجز الاحتياطي على أموال رئيس الاتحاد العربي السوري لكرة القدم السابق “حاتم الغايب” وزوجته “أمل المناور”.

 إن حالة التخبّط الإداري للأندية والفساد في الكرة السوريّة مسلسل طويل ولم ينتهِ بعد، ويبدو أنه لن ينتهي في ظل حكومة تغرق في الفساد بكامل مؤسساتها، ومنها الرياضية التي تدار من قبل حكومة دمشق واتحادها العام الذي يترأسه “فراس معلا” الذي دخل في معركة قبل أيام مع “أنور عبد الحي” رئيس نادي الوحدة السابق، حيث اتّهم الأخير “فراس معلا” بتورطه في نهب مئات آلاف الدولارات وبتساهله في صفقة فساد مع رئيس نادي الوحدة الحالي “ماهر السيد” ليخرج بعدها “أنور عبد الحي” ويعتذر من “فراس معلا”  بعد حملة تهديد على الفيسبوك لموالين له، وهو المُقرّب من عائلة رئيس حكومة دمشق “بشار الأسد”.

استقالة جماعيّة لمجلس إدارة تشرين!

وشهِد الموسم الكروي 2022 ـ 2023، الكثير من التخبطات الإدارية والمشاكل، فمن استقالة وإقالة مجموعة كبيرة من المُدربين وصولاً لغرامات مالية وإيقافات بحق مدربين ولاعبين لأسباب مختلفة، ناهيك عن الضرب والشتم للحُكّام، وصولاً لخطوة تقديم مجلس إدارة نادي تشرين السوري الاستقالة الجماعية عبر مؤتمر صفحي بعد أن عرفوا بأنهم سيتم إقالتهم قريباً، ولحفظ ماء الوجه خرج المجلس واستقال.

ومؤخراً تم الإعلان عن استقالة جماعية لمجلس إدارة نادي “تشرين” خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في مقر النادي في مدينة اللاذقية، وذلك عبر بيان.

وجاء في بيان النادي: “مع إنجاز مهمتنا بإنقاذ النادي بنسبة 80% وحاجتنا للراحة معنوياً ومادياً، وكون وجودنا في هذه المرحلة لن يخدم نادي تشرين كون الدوري القادم على الأبواب وبحاجة إلى الكثير من العمل المادي والمعنوي واللوجيستي”.

“ولإفساح المجال والوقت الكافي والمبكر للإدارة الجديدة لتبدأ عملها بتلبية تطلعات الشارع التشريني، نعلن استقالتنا بشكلٍ جماعي تاركين المجال لرجال المرحلة القادمة لإكمال مسيرة النادي نحو البطولات”.

ويأتي تعيين الإدارات للنوادي التابعة لحكومة دمشق من خلال شعبة حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، وبالتنسيق مع الاتحاد الرياضي العام الذي يترأسه “فراس معلا”.

وأغلب الأندية تعيش حالة تخبّط إداري لأن الكثير من أعضاء هذه الإدارات هم أشخاص غير رياضيين، ويتم تعيينهم بالواسطة وبأوامر من شعبة حزب البعث العربي الاشتراكي كما ذكرنا آنفاً.

مسلسل الفساد مُستمر

واستمراراً لمسلسل الفساد المالي الرياضي، فقد أصدرت وزارة المالية مؤخراً قراراً بالحجز الاحتياطي على أموال “حاتم الغايب” وزوجته “أمل المناور” لسداد مبالغ تُقدّر بنحو مليون يورو بما يتعلق بعمله السابق في الاتحاد العربي السوري لكرة القدم.

ولم يستغرب الشارع الرياضي السوري كثيراً من خبر الحجز على أموال “حاتم الغايب” وزوجته، حيث بات معروفاً للجميع عن الفساد المستشري في الرياضة السوريّة وعن الأموال التي تُنهب وتُسرق تحت مُسميات رياضية مختلفة.

 “حاتم الغايب” استلم في عام 2019 رئاسة الاتحاد العربي السوري لكرة القدم من “فادي الدباس” ، الذي استقال من منصبه مع أعضاء مجلس الإدارة، وتعرّض وقتها “فادي الدباس”  لحملة إعلامية واسعة وانتقادات كثيرة من رياضيين وإعلاميين سوريين طالبوه بالاستقالة على خلفية النتائج المُخيبة للمنتخب السوري في منافسات كأس آسيا التي أُقيمت في الإمارات، وبالفعل استقال واستلم منه “حاتم الغايب” والذي استقال بدوره في عام 2021، من رئاسة الاتحاد، وذلك عقب الخسارة التي تعرّض لها المنتخب السوري من قبل نظيره اللبناني في الأردن، بنتيجة 3-2، في تصفيات آسيا المؤهِلة لكأس العالم قطر 2022.

ومن أبرز التعليقات التي نشرتها بعض المواقع على خبر الحجز على أموال حاتم الغايب وزوجته: “كنت عم اسأل حالي كيف كان عم يكفيه معاشه؟ بس ليش لوحده؟ يعني ما في حدى حواليه.. هيك.. هيك.. دبروها ممكن المليون يطلعوا ٥٠ وأكتر إذا دققتوا بغيره”، ” أي شو هالغايب هاد.. كيف لو كان حاضر شو كان عمل لسا”، “وين الرقابة وقت كان مستلم؟ معقول هيك مبلغ يمرق من تحت الطاولة.. “، “بس مليون يورو… هاد استلم فترة قصيرة وهيك.. معناها فراس معلا ويلي قبلو أديه محصلين؟”.

“حاتم الغايب” هو من مواليد مدينة العشارة في محافظة دير الزور 1967انتسب بعد تخرجه من كلية الحقوق لكلية الشرطة وتخرّج منها برتبة ملازم أول وتدرّج في الفئات والرتب حتى وصل لرتبة العميد في قوى الأمن الداخلي، ويمارس حالياً العمل الإداري كمدير لكرة القدم في نادي الشرطة بدمشق.

وبحسب موقع سناك سوري بأنه لم يكن القرار الأول من نوعه حيث سبق وأن صدرت قرارات بالحجز على أموال شخصيات مختلفة في سوريا منذ 2016.

ويعود أول قرارات الحجز في السلسلة إلى عام 2016، حين حجزت وزارة المالية على أموال رجل الأعمال السوري “عماد غريواتي” وعائلته، بما فيهم والدته وأبناؤه وأشقاؤه، لحق القرار السوري، قراراً إماراتياً مماثلاً بالحجز على أموال “غريواتي” في “دبي”.

وسبق ذلك، إدراج “غريواتي” على لائحة العقوبات الأوروبية على “سوريا” قبل أن يقرر الاتحاد الأوروبي حذف اسمه من لائحة العقوبات، مع الإشارة إلى أنه يُعدُّ اسماً بارزاً في الاقتصاد السوري نظراً لكونه شريكاً مؤسساً في عدة شركات ومصارف وسبق أن شغل منصب رئيس اتحاد غرف الصناعة السوريّة ورئيس غرفة صناعة دمشق وريفها.

الحجز على أموال 35 شخصاً

وبحسب مواقع إعلاميّة سوريّة مختلفة أن بعد “حاتم الغايب” هناك حجز الأموال يلاحق 35 مسؤولاً بينهم “العراقية والعزيز”.

وبحسب هذه المواقع فقد أصدرت “المديرية العامة للجمارك” التابعة لحكومة دمشق قرارات رسمية تنص على فرض الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لـ 35 مسؤول تبين أن بينهم قائد مليشيا الدفاع الوطني” في دير الزور، “فراس الجهام” المُلقب بـ “فراس العراقية”.

وحسب قرار الحجز الاحتياطي الذي حمل توقيع “ماجد عمران”، المدير العام للجمارك التابعة لحكومة دمشق، بالتفويض من وزير المالية “كنان ياغي” فإن الحجز جاء ضماناً لحقوق الخزينة العامة من الرسوم والغرامات المتوجبة بالقضية رقم 83/2023 مفرزة دير الزور الخامسة.

وذلك بمخالفة الاستيراد تهريباً لبضائع (لم تحدد نوعها) وقدّرت قيمتها 16 مليار و664 مليون و491 ألف و750 ليرة سوريّة، ورسومها التي تعادل نحو مليار ونصف ليرة سوريّة، وغراماتها التي تتخطى 99 ونصف مليار ليرة سوريّة، وعُمِّم القرار بتاريخ 29 أيار الماضي.

ومن الشخصيات التي طالها قرار الحجز الاحتياطي “فراس ذياب الجهام”، وفي شباط 2022 الماضي، نشرت الصفحة الرسمية لـنادي “الفتوة” الرياضي، بياناً مقتضباً أعلنت خلاله عن تعيين “الجهام”، رئيساً فخرياً للنادي الرياضي بدير الزور الذي حقق الدوري السوري الممتاز للرجال مؤخراً.

ولم يُشِر بيان الحجز الاحتياطي إلى الحجز على أموال الزوجات، حيث لم يرد اسم زوجة “الجهام”، التي كانت تصدّرت مواقع التواصل حيث صدمت مسناً بواسطة سيارتها وسط تهديدات بأن مرافقتها “سوف يقومون بربط المسن بسيارتها لتقوم بسحبه في الشارع”، وسبق أن قامت بإهانة امرأة وطردها من مؤسسة “شهيد” لأنها طالبت بسلة غذائية.

ويُعرف أن “الجهام”، هو قائد ميليشيا ما يُسمى بـ “الدفاع الوطني” في دير الزور، وهو من الشخصيات المحسوبة على حكومة دمشق وسبق أن قام المندوب الأول لقاعدة حميميم الروسية في سوريا، بتكريمه فيما توجه لها بالشكر لزعمهم بدورها في “تحقيق السلام العالمي”، حسب الإعلام الحربي لدى حكومة دمشق.

وكان تسبب القيادي المذكور بحالة توتر بعد ضبط عنصراً أرسله لتقديم امتحان الشهادة الثانوية عنه، وسبق أن حصل على شهادة التعليم الأساسي بالغش أثناء فترة حصار مدينة دير الزور من قبل داعش، ويشتهر كونه قيادي بارز في صفوف ميليشيا “الدفاع الوطني” في مدينة دير الزور بسوريا.

والإضافة إلى حجز أموال “العراقية” قررت حكومة دمشق حجز أموال رئيس نادي الفتوة “مدلول عمر العزيز” وفي حزيران من العام الماضي نشر “نادي الفتوة”، بياناً صادراً عن الاتحاد الرياضي العام التابع لحكومة دمشق يقضي بتشكيل مجلس إدارة للنادي وتكليف “مدلول عمر العزيز” برئاسة المجلس.

ويُعرف عن “العزيز” بأنه شخصية جدليّة لا سيّما مع حصوله على مقعد في مجلس الشعب سابقاً وهو أمير سابق في “جبهة النصرة”، وقيادي حالياً في ميليشيات موالية لإيران، بعد أن هرب في عام 2015 إلى العاصمة السوريّة دمشق وأجرى مصالحة مع حكومة دمشق، وتطوّع لصالح المخابرات الجوية.

في حين ورد في بيان الحجز الاحتياطي بتهمة التهريب 35 شخصاً من مسؤولي النظام والشخصيات النافذة منهم: “غنام الحسين – حامد المشهد – ثابت الدهام – باسل السلوم – أحمد العكلة – جديع الصالح – مبارك العبد الله – حسن الغضبان”، وغيرهم.

هذا وتمخضت عدة فضائح رياضية مؤخراً منها كما ذكرنا عن سجال إعلامي نشب بين “فراس معلا”، رئيس الاتحاد الرياضي العام لدى حكومة دمشق، وبين رئيس نادي الوحدة سابقاً “أنور عبد الحي” في حين خرج الأخير بتسجيل مصوّر يعتذر به عن تصريحاته التي أثارت جدلاً واسعاً حول فساد القطاع الرياضي.

وكشفت مصادر إعلامية موالية لحكومة دمشق عن فساد يُقدّر بأكثر من مليون دولار في اتحاد كرة القدم التابع لحكومة دمشق، وأشارت إلى أن قضايا فساد الاتحاد الرياضي تتوالى، فلا يكاد يمر عام دون الكشف عن قضية فساد مالي أو إداري، فيما تزعم الحكومة بأن التحقيقات ستخرج للعلن قريباً.