سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الفنان سلمان محمود منيتي…الطبيعة ذاكرة الفنان ومُلهِمته

حاوره/”  آلدار آمد ” –

“أنا ابن ذلك الفلاح الذي يعمل على كسب رزقه من عرقه ليطعم عائلته، توجه الأب من قريته الرشيدية في ريف الشدادي مع ولادة ابنه إلى قرى ريف عامودا، وليستقر به المقام في مدينة الحسكة منذ أكثر من أربعين عاماً”.
هكذا يبدأ الفنان سلمان منيتي حديثه الشيق معنا في مرسمه بمدينة الحسكة، عندما أردناه أن يُعرّف قُراء صحيفتنا به، من خلال حوار مقتضب لنتعرف عليه ويعرفنا بجوانب من حياته وأعماله وبعضٍ من الأمور الحياتية:
ـ الفنان سلمان نشأت في بيئة ريفية ما هو تأثير ذلك على بدايتك الفنية؟
الفن موهبة لا يمكن لأي إنسان أن ينجح فيها، قد يتمكن مع الممارسة ولكن الإبداع والتفوق فيه يحتاج إلى شيء من الموهبة، وهذا ما كنت أشعر به عندما كنت صغيراً حيث بدأت الرسم منذ صغري، وقد كان يشجعني ذلك الفلاح الأُمي الذي يقدم لي كل ما يمكن من المواد اللازمة للرسم مثل الألوان واللوحات، وهذا ما كان يدفعني للرسم بحماس أكثر، وكان للوسط الطبيعي الذي أعيش فيه دور كبير في التأثير على لوحاتي الفنية وخاصة الطبيعة التي كانت من حولي، حيث كان يعمل أبي، حيث رأيت كيفية التعامل مع الطبيعة التي تعطيك الكثير عندما تتعامل بها بلطف وعناية، فالطبيعة هي القاعدة الأساسية التي استمد منها لوحاتي الفنية وهي ذاكرة الفنان لأن كل شيء هو من الطبيعة .
ـ كيف تنظر إلى اللوحة البيضاء المائلة أمامك قبل أن تبدأ بالرسم عليها؟
ـ اللوحة البيضاء تمثل صفوة الحياة ونقاؤها، وعندما تبدأ الريشة بالعمل عليها فأنها تبدأ بنقل صورة ما من هذه الحياة لتدب فيها الحياة مرة أخرى من خلال اللوحة الفنية ولكن هذه المرة عبر الألوان.
ـ أين هي المرأة والحب في لوحات الفنان سلمان منيتي؟
المرأة والحب تتجسد في كل لوحاتي الفنية، فالطبيعة هي الأم والحب، وبدون الأم التي تمثل رمز الحنان والعطاء وترتبط بالطبيعة ارتباطاً وثيقاً لا يمكن أن نجد العطاء والخير، وكل ما يجري الآن من دمار وخراب على جميع الصعد هو بسبب محاولة الفصل بين الطبيعة والأم أو المرأة بشكل عام، علينا أن نعود للعمل من أجل تقوية هذه العلاقة بينهما، وإعادتها إلى مسارها الصحيح، لكي ينعم الخير والسلام.
ـ كيف تقرأ المشهد السياسي في سوريا ومناطق شمال وشرق سوريا؟    
تعرّض الشعب السوري بكل فئاته وشرائحه لمعاناة كبيرة جداً خلال السنوات الماضية، وكان المشهد حزيناً مأساوياً إلى درجة كبيرة، دموع الأمهات وعذابهن لا يمكن لأي إنسان أو فنان يعبّر عنها فهي لا توصف عبر ريشة أو كلمات على ورق، ودماء الشهداء وقداستها هي تمثل الدفاع عن الطبيعة والأم والإنسان وكل ما يمكن تسميته بالحياة، لهذا كانت لمناطق شمال وشرق سوريا لوحة فنية خاصة مميزة لا يمكن أن نرسمها على اللوحة مهما كانت درجة الإتقان لدينا، فهي لوحة تمثل الديمقراطية بكل معنى الكلمة والتي كانت الدماء الزكية ثمنها.
ـ ماذا تمثل اللوحة السوداء في أعمال الفنان سلمان منيتي ؟
لقد حاول البعض من أصحاب الفكر الأسود تدوير عجلة التاريخ إلى الوراء لآلاف الأعوام، وهذا ما لا يقبله التاريخ نفسه، والتطور مستمر، ولا يمكن فرض قيود وأحكام قد ولى زمانها وتاريخها أن تفرض على الشعوب والأمم، وكل الممارسات التي شهدناها من المرتزقة وأصحاب الفكر الظلامي كانت تتجه بنا نحو الظلام, وكانت إرادة الفكر الحر والشعوب أقوى من كل تلك المحاولات وانتصرت الديمقراطية في النهاية.
ـ التهديدات التركية لشمال وشرق سوريا كيف تقرأها كفنان وما يقع على عاتق الفنانين اتجاه هذه التهديدات؟
التهديدات هي ليست تهديدات سياسية فقط، إنما هي تهديدات لكل البينة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية، وبدقة أكثر هي تهديد لحالة الديمقراطية التي تعيشها المنطقة والتعايش الأخوي بين أبناء المنطقة، وعلى الفنان الذي يعشق الحرية في رسمه وفنه بدون قيود تفرض عليه، أن يكون في المقام الأول من المدافعين عن هذه الديمقراطية التي نعيشها هنا في مناطق شمال وشرق سوريا، وأن يعبر عن رفضه لأي اعتداء يمس هذه الشعوب وهذه المناطق من خلال لوحاته الفنية.