سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الغزو التركيّ… سويَّاتٌ من التهديدِ والمساومةِ

رامان آزاد_

لا جديدَ عمليّاً في تهديدات أنقرة، بشنّ هجمات احتلالية في عدةِ مواقع بشمال وشرق سوريا، بل إنّ التهديداتِ لم تتوقف، وكذلك عملياتُ قصفِ البلدات والقرى في الشهباء، وفي ريف منبج، وكوباني، وعين عيسى، وسري كانيه وتل تمر، وأسفرت عن استشهاد العديد من المواطنين، وعن إصابات كثيرة، وتدمير في المنازل. وتهدف الهجمات الاحتلالية تحقيق جملة أهداف داخليّة وإقليميّة، وكذلك على المستوى الدوليّ.   
تهديداتٌ مكثفة
يأتي التهديد التركيّ الأخير، في ظلِّ ظرفٍ دوليّ معقّد، عقب فرز بالمواقف الدوليّة؛ بسبب الحربِ، التي بدأتها روسيا في أوكرانيا في 24/2/2022، وفي توقيت اقتصاديّ وانتخابيّ تركيّ بغاية الحساسيّة، ورغبة حزب العدالة والتنمية المحمومة بأيّ إنجاز لترميم الشعبية، التي تراجعت تحضيراً لانتخابات حزيران 2023، ويحاول أردوغان إعادةَ تعبئة القوى الشعبيّة للمجتمعِ التركيّ؛ لدعم حزبه في الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة، عبر إنجاز عسكريّ في شمال سوريا.
والخميس 26/5/2022، أكّد مجلس الأمن القوميّ التركيّ، أنَّ “العملياتِ العسكريّة” الجارية حالياً على الحدود الجنوبيّة للبلاد، والأخرى التي ستُنفذ، ضرورةٌ للأمن القوميّ، ولا تستهدفُ سيادةَ دولَ الجوار.
وفي 29/5/2022 قال الرئيس التركيّ أردوغان، إنَّ بلاده تعتزمُ استكمالَ “الحزام الأمنيّ” الذي تعمل على إقامته على طول حدودها مع سوريا بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ.
ومجدداً عاد أردوغان للتهديد بشن هجمات احتلالية جديدة، خلال كلمة أمام كتلة حزبه البرلمانيّة الأربعاء 1/6/2022، وقال: “نحن بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارنا المتعلق بإنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كم شمال سوريا، وتطهير تل رفعت، ومنبج من الإرهابيين”، وأضاف: “تركيا لا تأخذ إذناً من أحد لمكافحة الإرهاب، وسنتدبر أمرها، في حال عدم قيام الولايات المتحدة بما يترتب عليها بهذا الخصوص”، حسب وكالة الأناضول التركيّة.
في 31/5/2022 كشفت تصريحات مسؤولين أتراك، عن قرب إجراء تركيا “عملية عسكريّة” جديدة شمال سوريا، واستعداد القوات العسكريّة لإجرائها.
وقال وزير الدفاع التركيّ خلوصي آكار، في تصريح صحفيّ: “إنَّ القواتِ المسلحةِ التركيّة بعدتها، وعتادها وجنودها، ومعنوياتها وخبراتها مستعدة لأي مهام، تكلف بها، وهي قادرةٌ، وحازمةٌ، ولديها العزمُ لإجراءِ عمليّةٍ عسكريّةٍ كهذه”، وأضاف: أنَّ “الهدفَ الوحيدَ لتركيا هو الأمنُ القوميّ وأمنُ الحدودِ (…)
 ونقلت وكالة الأناضول عن وزير الخارجيّة التركيّ مولود جاويش أوغلو، تأكيده “ضرورةَ تطهير المناطق شمال سوريا، وأشار إلى محاولات أمريكيّة لمنع شن الهجمات وكشف عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الروسيّ إلى أنقرة في 8/6/2022، مع وفد عسكريّ روسي.
وانضم زعيم “حزب الحركة القومية” دولت باهجلي، حليف أردوغان، إلى جوقةِ التهديدِ مشيراً، إلى الهجمات قادمةٌ وضرورةٌ لا مفرَّ منها؛ بسببِ ما سماه “الهجماتِ” على المناطقِ التي تحتلها تركيا في سوريا.
وسبق أنّ هددت أنقرة بالقيام بعملٍ عسكريّ في 15/10/2021، ونشرت وسائل إعلامها خرائط للمناطق المستهدفة، وذلك بعد مقتل جنديين تركيين، وإصابة خمسة جنود آخرين في هجوم على رتل للجيش التركيّ على الطريق السريع بمحافظة إدلب، وتحدث أردوغان عن نفاد صبر تركيا، والاستعداد لهجومٍ وشيكٍ، ولكن بسببِ المعارضةِ الأمريكيّة الصريحةِ، وكذلك الروسيّة انتهت التهديدات إلى صمتٍ.
وفي 1/11/2021 أكد أردوغان، خلال عودته من روما، بعدما شارك في أعمال قمة G20 ولقائه الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، أنَّ بلاده مستعدةٌ لشنِّ هجمات جديدة في سوريا، مشيراً إلى أنَّ هذا القرار سيتخذُ في حالِ اقتضتِ الضرورةُ، ولن يتمَّ التراجعُ عنه.
مجملُ التصريحاتِ التركيّةِ رغم حدّتها جاءت فضفاضةً، لم تحدد خطوطاً تفصيليّةً، ولا موعدَ شن الهجمات بما في ذلك قول الرئيس أردوغان الأحد 29/5/2022: إنَّ جيشَ بلاده سيشنها “ذات ليلة”، وسادت بالمقابلِ جملة من المواقفِ الدوليّةِ، والإقليميّةِ، والمحليّةِ، في مشهدٍ بدا وكأنَّ “الجميع دخل على الخط”.
لكن الماكينة الإعلاميّة التركيّة، تولّت مهمةَ الترويجِ على أنّها مسألةٌ ساعاتٍ، وفي العملياتِ العسكريّةِ السابقةِ كانت أنقرة تقوم بخطوةٍ تنظيميّةٍ للفصائل الموالية لها، فتجري ترتيباتٍ عسكريّةٍ وتحدد مهامها ومناطق انتشارها، إضافة لاستقدام تعزيزاتٍ عسكريّةٍ ومعدّات ثقيلة، ويعني ذلك، وفق المصادر، أنَّ أنقرة لم تتمكّن حتى الآن من الحصول على ضوءٍ أخضر أمريكيّ وروسيّ لشنّ هجماتها؛ ما يُبقي الحديثَ في نطاقِ التصريحاتِ السياسيّةِ لا أكثر.

اللعبُ في هوّةِ التناقض الدوليّ
دوليّاً تستغل أنقرة مجمل الظروف الدولية، التي أوجدتها الحربُ في أوكرانيا؛ لعقدِ صفقةٍ كبيرةٍ، والحصول على موافقةٍ دوليّةٍ على ما تسمى بالعملية العسكريّة، عبر مواصلةِ اللعبِ في هوةِ التناقضِ الدوليّ الروسيّ ــ الأمريكيّ، واستغلالِ طرفي المعادلة، وتنتقد أنقرة الجانبين الأمريكيّ والروسيّ، وتدّعي عدم التزام واشنطن باتفاق 17/10/2019، وموسكو باتفاق سوتشي 24/10/2019، المتضمن إنشاء منطقة آمنة.
وتعتقد أنقرة بحاجة موسكو إليها في هذا التوقيت أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وتحديداً لجهة الملف الأوكرانيّ، ودور “الحيادِ الإيجابيّ” الذي لعبته أنقرة في الصراع بين روسيا والغرب، رغم قرارها إغلاق مجالها الجويّ أمام حركة النقل الجويّ الروسيّة إلى سوريا، وكان نائب وزير الخارجية الروسيّة ميخائيل بوغدانوف، قد كشف في وقتٍ سابق من أيار، أنَّ موسكو تسعى لإقناع أنقرة بإعادةِ فتح مجالها الجوي أمام الطائرات الروسيّة، التي تقل عسكريّين من وإلى سوريا، وتتطلع أنقرة إلى تحصيلِ مكاسب من موسكو، التي تعارض توسّع الناتو وانضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، وتطرحُ بذلك أوراق تفاوضها أمام موسكو، ولم تُعلن روسيا معارضتها لما تسمى بالعمليةِ العسكريّة منذ إعلان الرئيس التركيّ، رغم النشاط العسكريّ الروسيّ اللافت في الفترة الأخيرة، وتعزيز وجودها في مطار قامشلو، وتحليق حواماتها على طولِ خطوطِ التماس في سري كانيه، والشهباء.
وفيما روّج الإعلام التركيّ، لتصور ساسة أنقرة؛ لانسحابِ القواتِ الروسيّة من سوريا، إلا أنّ هذا التصور لا يتوافق بأيّ حال من الأحوال مع الحقائق الميدانيّة، فقد ذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية، السبت 28/5/2022، أنّ تعزيزاتٍ عسكريّة جديدة بينها ست طائرات مروحيّة، وطائرتان حربيّتان، وصلت إلى مطار قامشلو، والذي يضمُّ إحدى القواعد العسكريّة الروسيّة، وقال وزير الخارجية الروسيّ، سيرغي لافروف الخميس: “إن القوات الروسيّة، باقية في سوريا، لأنّها موجودة هناك بطلبٍ من حكومتها الشرعيّة… ونحن نؤدي المهامَ، التي حددها مجلسُ الأمن في القرار 2254، وسنلتزم بهذا الخط في المستقبل أيضاً”، وأشار إلى أنَّ عدد القواتِ الروسيّةِ على الأرضِ، يتم تحديده من خلال المهامِ العسكريّةِ.
ولكن الخلاف الروسيّ ــ التركيّ يتجاوز ملفي سوريا وأوكرانيا، فأنقرة تواصل استنهاض النزعة الطورانيّة في دول الجوار الروسيّ عبر منظمة الدول التركيّة، والتي أُسِّست في 3/10/2009، وتضمّ دول أذربيجان وكازاخستان، وطاجيكستان، وتركمنستان، وأوزبكستان، وقيرغيزستان، وهو عاملٌ لا يقلُّ خطورةً عن مشروعِ “أطلسة” دول الاتحاد السوفييتي السابق.
رغبة السويد وفنلندا بالانضمام إلى الناتو تولدت على خلفيّة الحرب في أوكرانيا، ولجأت أنقرة للعربدة في إطار الناتو؛ لتساوم واشنطن التي تدعم انضمام الدولتين الإسكندنافيتين، والتأثير على موقفها لتحالفِ الدوليّ ضد الإرهاب؛ لوقف علاقاته مع قوات سوريا الديمقراطيّة.
عارض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكيّة نيد برايس في 24/5/2022 ما تسمى بالعملية العسكريّة الجديدة، التي اقترحها أردوغان بشدة، قائلاً: إن أي هجوم جديد على شمال سوريا سيقوض الاستقرار الإقليمي، ويعرّض القوات الأمريكيّة للخطر.
أعرب وزير الخارجية الأمريكيّ، أنتوني بلينكين، الأربعاء، 1/6/2022 عن رفض أيّ هجمات تركيّةٍ جديدةٍ شمال سوريا، في إشارة إلى تصريحات الرئيس التركيّ، أردوغان الأخيرة. وحذّر بلينكين خلال مؤتمر صحفيّ مشترك مع الأمين العامِ للناتو، ينس ستولتنبرغ من “أنَّ أيّ عمليات عسكرية شمال سوريا يقوّضُ الاستقرارَ الإقليميّ، ويوفّر فرصاً للجهاتِ الخبيثةِ لاستغلالِ عدم الاستقرارِ”.
وقال مسؤول في البنتاغون لـ “سكاي نيوز عربية”: إنَّ إدارةَ بايدن أبلغت تركيا، بأنّ أيَّ توسّعٍ عسكريّ تركيّ في شمال سوريا؛ سيؤدي لتداعياتٍ خطيرةٍ على العلاقاتِ الثنائيّةِ، ومصالح المواطنين الكردِ الأبرياءِ، وأكد أنَّ واشنطن ستواصلُ دعمَ قواتِ سوريا الديمقراطيّة، وتقدّرُ دورها في الحربِ ضد “داعش”، ولم يستبعد المسؤول الأمريكيّ أن يفرضَ الكونغرس عقوبات على تركيا، إذا أقدمت على عملٍ عسكريّ في شمال سوريا.
وكان لافتاً تراجعُ رئيس حلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، مخاطباً الصحفيين “نتعاملُ مع المخاوفِ، التي أعربت عنها تركيا، والجلوس معها إلى طاولةِ مفاوضاتٍ، وإيجادِ أرضيّةٍ مشتركةٍ”، فيما أشار تقريرُ وكالةِ “بلومبيرغ” الأمريكيّة، في 22/5/2022، بأنّ تهديداتِ أردوغان “تثيرُ الشكوكَ بشأن الاعتمادِ على أنقرة كعضوٍ في الحلفِ، وتقوّضُ الأمنَ الجماعيّ لحلفِ الأطلسيّ”، لكنَّ لوائحَ الناتو الداخليّةِ لا تجيزُ “طردَ” أحدِ أعضائه.
الرئيسُ الأمريكيّ بايدن توجّه إلى الكونغرس طالباً موافقته على بيع تركيا أسلحة، ومعدات لتحديثِ أسطولها من مقاتلاتِ إف-16، وعند سؤال الرئيسِ بايدن، مطلع الأسبوع الحالي، عن المخاوفِ التي تثيرها تركيا مقابل قبولها توسيعِ عضويّةِ الحلفِ، أجاب “لن أذهبَ إلى تركيا، لكنني أعتقدُ أنَّ الأمرَ سيكونُ على ما يرام”.
لا يمكنُ اعتبارُ أنّ ثمّة تصادماً مباشراً بين أنقرة وواشنطن، ولكنّ مردّ الموقفِ الأمريكيّ يعودُ لانشغالها بملفاتٍ أكثر تعقيداً على مستوى التنافسِ الدوليّ في تصديها لروسيا والصين، واستغلت أنقرة الظرفَ الحالي لتحسينِ شروطِ المساومةِ، وليس التفاوضِ.
ويتم تداولُ تسريباتٍ عن مسؤولين ومقرّبين من الحكومةِ التركيّةِ، حول موعدِ افتراضيّ للبدء بشن هجمات جديدة في غضون الأيام القادمة، على أن تنتهي قبل انعقاد قمة الناتو في مدريد في 29/6/2022.
واقعيّاً لا تحتاجُ واشنطن أو موسكو في معارضتهما للهجمات شمال سورياـ للاصطدامِ المباشر بالقواتِ التركيّة، أو خوضِ معارك، ويكفي أن تعلن إحدى القوتين إغلاقَ المجالِ الجويّ أمام الطائراتِ المسيّرةِ، والمقاتلات التركيّة، لتتغير الموازين، وتصبح معها أيّ هجمات تركيّة ضرباً من المغامرةِ الخاسرةِ والتهورِ، وذلك بالتوازي مع عقوباتٍ اقتصاديّةٍ مؤثرة؛ لتكون الضربة القاضة لمستقبل العدالة والتنمية.

استغلال قضية اللاجئين السوريين بأكثر من اتجاه
ملف اللاجئين السوريين، هو أحد أهم الملفات التي يتلاعب بها الحزب الحاكم، وفي 3/5/2022 أعلن أردوغان خلال افتتاح مشروع سكنيّ في إدلب عن مشروع العودة “الطوعية” لمليون لاجئ سوريّ، مشيراً إلى أنهم سيعودون إلى “المنطقة الآمنة”، ثم أعلن في 23/5/2022 عن أبعاد المنطقة الآمنة، وأن تركيا ستبدأ خطوات تتعلّق بالجزء المتبقي من الأعمال، التي بدأتها لإنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كم على طول حدودها الجنوبيّة مع سوريا”.
أي أنه أراد الحصول على موافقة الأتراك بمن فيهم المعارضة على الهجمات الاحتلالية، لأنها مقدمة لإنهاء قضية اللاجئين السوريين على الأراضي التركيّة، ليكون ذلك إنجازاً يمكّنه من عبور الاختبار الانتخابي القادم.
ومعلوم أنّ قضية اللاجئين السوريين كان على الدوام العصا، التي تلوح بها أنقرة في وجه الاتحاد الأوروبيّ، رغم التوصل إلى اتفاق معه في 18/3/2016.
مشروع المنطقة الآمنة” مشروع “قديم -جديد”، تحدث أردوغان عنه في 16/5/2013، خلال زيارته إلى واشنطن، ولقائه بالرئيس الأمريكيّ باراك أوباما، وظهر الرئيس التركيّ خلال السنوات الماضية، مرات عديدة يحمل خريطة تظهر حدود هذه المنطقة، وكان أشهرها في خطابه في الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 24/9/2019، وقال، حينها: إنّه “ومع مدِّ عُمق المنطقةِ الآمنة إلى خط دير الزور-الرقة، بوسعنا رفع عدد السوريين، الذي سيعودون من بلادنا وأوروبا، وبقية أرجاء العالم إلى ثلاثة ملايين”.
أهداف الهجمات
بكلّ تأكيد حجج أنقرة، وهواجسها الأمنيّة افتراءات، وعلى طول سنوات الأزمة السوريّة كانت الحدود مصدر القادم من الأراضي التركيّة، والمهدد لأمن السوريين، وانطلاقاً من الحدود دخلت الميليشيات التابعة لأنقرة إلى عفرين، كري سبي وسري كانيه والتهديد الأخير هو استكمال لخطة الاحتلال، التي بدأت في جرابلس في 24/8/2016، ولكلّ منطقة من المناطق التي أعلنتها أنقرة هدفاً لها خصوصية:
تل رفعت: التي تقع على خطوط التماس مع مناطق إعزاز، ومارع، وقرى عفرين، وهي مع جوارها ملاذ أهالي عفرين المهجرين قسراً، واستهدافها مرحلة ثانية من التهجير، وتدرك أنقرة أنّ هذه المنطقة هي منطلق عمليات المقاومة، واحتلالها يعني تثبيت احتلال عفرين، وإقصاء النقاش حول تحريرها، وأما جغرافياً فالهدف وصل المنطقة من عفرين حتى جرابلس المحتلتين.
كوباني ومنبج: القاسم المشترك بين المنطقتين عدا الجوار الجغرافيّ، أنهما تحررتا من داعش بفضل صمود الأهالي، ووحدات حماية الشعب وقسد، وبذلك فإنّ استهدافهما يعني الإطاحة بإنجازات التحرير وانتقام لداعش، وأما جغرافيا، فهو ربط المنطقة جرابلس وتل أبيض.
عين عيسى وتل تمر: بلدتان مهمتان؛ لكونهما عقدة مواصلات تصل مدن الحسكة، وقامشلو والرقة بباقي مناطق شمال سوريا، واستهدافهما عول تلك المدن، وفرض الحصار عليها.
ديرك: وتعد رئة الإدارة الذاتيّة، والتواصل مع العالم الخارجيّ عبر معبر “سيمالكا”، واستهدافها يعني قطع التواصل بين شمال سوريا، وإقليم كردستان العراق، وفرض العزلة على مناطق شمال سوريا، وحرمانها من كل أشكال الدعم الماديّ واللوجيستي وحتى الدوائيّ.
بجمع تفاصيل الخطة التركيّة، فالهدف حربٌ وجوديّة شاملة على كرد سوريا، وتثبيت احتلال المناطق في الهجمات الاحتلالية السابقة، والتحكم بمسار مهم للأزمة، لتفرض أنقرة نفسها عاملاً مهماً في صيغة نهاية الأزمة، وتفرض شروطها على حساب عموم كرد.