العقد الاجتماعي خال من ذِكرِ الرياضة والرياضيين!

إعداد/ جوان محمد ـ

منذ فترة تقوم لجنة إعادة صياغة العقد الاجتماعي عبر ممثلين لها بإقامة اجتماعات مُكثفة مع مختف شرائح المجتمع لبحث مسودة هذا العقد، والتي تعتبر كقوانين ستوضح معالم إدارة المناطق في شمال وشرق سوريا وواجبات الفرد والمجتمع فيها، ولكن كالعادة المجال الرياضي خارج نطاق الذِكر، ولم يتطرق هذا العقد ولو بجملة عن الرياضة والرياضين.

وهذا العقد كما ذكرنا سوف يُنظم الحياة بحسب الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وطبيعة العلاقة لها في الداخل والخارج، ويوضح خطتها ورؤيتها للأحداث الجارية في سوريا، ويحمل في طياته قوانين وبنود ومواد يتفق عليها المواطنون في رقعة جغرافيّة معينة.

وهناك 93 مادة ضمن هذا العقد قابلة للزيادة أو النقصان بحسب ما يتفق عليه أخيراً بعد عقد سلسلة اجتماعات مع كافة أطياف المجتمع والعاملات والعاملين ضمن دوائر الإدارة الذاتية.

الرياضيون وإنجازاتهم خارج الحسابات!

ولكن هذه المواد الـ 93 لم تحمل أي مادة تخص أو تتذكر الرياضيين رغم أنهم ككتلة بشرية يعتبرون الأكثر بعد ملاك هيئة التربية والتعليم، ويأتي ذلك رغم كل الإنجازات التي حققها الرياضيون وخاصةً على صعيد الرياضة الأنثوية، فقد حققت سيدات فريق روج للتايكواندو العديد من الميداليات الملونة على الصعيد الدولي، وحققت سيدات عامودا والخابور ألقاب على صعيد الدوري السوري لكرة القدم للسيدات، وحققت سيدات فريق بدي بسكليت شهرة إعلامية عالمية، علاوةً عن نجمات كرة السلة والطاولة والكاراتيه والكيك بوكسينغ والطائرة والعديد من الألعاب الأخرى، ومن جهة الشباب والرجال فالقائمة طويلة لنجوم كرة القدم والتايكواندو والكاراتيه والطائرة والألعاب الأخرى الفردية والجماعية منها سواء إن كانوا مدربين أو لاعبين.

وبالرغم من أهمية الرياضة في معظم المجتمعات في دول العالم وحتى بعض البلدان لم تظهر ولم تُعرف على الخريطة إلا بعد إنجازات رياضية تحققت من قبل ممثليها في المسابقات والمحافل الدولية إلا أن في شمال وشرق سوريا مازال يُنظر للرياضة كترفيه فقط، وليست كهوية لشعوب شمال وشرق سوريا، ومن شأنها أن تكون هوية ورسالة للمجتمعات والرياضيين في العالم في أن هذه الرياضة مازالت قائمة وتحقق الإنجازات وخاصةً على الصعيد الأنثوي وسط الحروب والهجمات المتكررة وخاصةً من دولة الاحتلال التركي.

مراحل الوصول إلى العقد الاجتماعي

وفي شمال وشرق سوريا وبالرغم من وجود ميثاق للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، المستمد من العقد الاجتماعي الذي أُعلن من خلاله الإدارة الذاتية في المقاطعات الثلاث (الجزيرة، كوباني، عفرين) عام 2014، إلا أن الإدارة تناقش اليوم تعديل صياغة العقد وإقراره من جديد لكامل مناطقها.

وفكرة التعديل ظهرت بعد تحرير مناطق أخرى واتساع رقعة مناطق الإدارة الذاتية وتشكل إدارات ومجالس مدنية جديدة، والإعلان عن إدارة عامة لشمال وشرق سوريا في عام 2018، بالإضافة إلى أن الميثاق المذكور آنفاً تم إعداده على عجالةً من أمره عندما تم الإعلان عن الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا عام 2018، وبهدف تلافي الأخطاء بسبب الاستعجال في قضية الميثاق كان من الضروري صياغة عقد اجتماعي والاعتماد عليه بحسب تصريحات إعلامية للرئيسة المشتركة للمجلس العام للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، سهام قريو.

ويأتي صياغة العقد الاجتماعي بعد مُخرجات أعلن عنها من قبل مجلس سوريا الديمقراطية في مؤتمره الوطني لأبناء الجزيرة والفرات والذي عُقِد في 25 تشرين الثاني عام 2020، والذي ضم وقتها ممثلين عن التيارات السياسية وشيوخ ووجهاء عشائر وشخصيات مستقلة بالإضافة لورشات عمل وحوارات في الداخل والخارج السوري.

وتنفيذاً للمُخرجات شكل المجلس العام في الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا لجنة مصغرة مؤلفة من 30 شخصاً في اجتماعه 15 تموز المنصرم من العام الماضي، مهامها كانت إعادة صياغة العقد الاجتماعي والتي تم عرضها فيما يلي على لجنة موسعة تألفت من 158عضوة وعضو.

ودخلت إعادة صياغة العقد الاجتماعي مرحلتها الثانية اعتباراً من الـ 11 من كانون الأول العام الفائت، عندما بدأت اللجنة المُصغرة بطرح آخر ما صاغته، على اللجنة الموسعة المؤلفة من 158 عضواً وعضوة، من “عرب، كرد، سريان، شركس، أرمن، شيشان، وغيرها” ممثلين عن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والأحزاب السياسية، والتنظيمات النسوية، وأخرى شبابية، وكذلك ممثلين عن الحقوقيين، ومؤسسات المجتمع المدني وفعاليات مجتمعية متفرقة في المنطقة.

وانتهت المرحلة الثانية من صياغة العقد بتاريخ 11/2/2022 بعد انعقاد أربع جلسات خلال كانون الأول من العام الماضي، وكانون الثاني وشباط من العام الجاري، بفاصل زمني قُدِرَ بما يقارب الـ 20 يوماً بين الجلسة والأخرى.

وشهدت المرحلة الثانية والتي اعتبرت الأصعب من بين المراحل السابقة والقادمة، في جلساتها الرابعة نقاشات مستفيضة حول بعض المصطلحات، والتسميات، والبنود والمواد المدرجة في مسودة العقد الاجتماعي المعاد صياغتها، حسب ما أشار إليه المشاركون في اللجنة الموسعة وقتها.

وتمخض عنها توافق الشعوب في الدرجة الأولى، وموافقة المشاركين بالإجماع على الصيغة النهائية للعقد المعاد صياغته، والدخول للمرحلة الثالثة من إعادة الصياغة.

والمرحلة الجديدة للعقد ستكون كما ذكرنا في بداية التقرير هي مناقشته مع أكبر قدر ممكن من شرائح المجتمع والمؤسسات والتنظيمات والتيارات المتواجدة في المنطقة، وستعود اللجنة الموسعة لدارسة المقترحات والاتفاق على الصياغة النهائية للعقد ليحوّل إلى المجلس العام في الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا للمصادقة عليه، وبعدها ستكون بنود ومواد العقد القوانين المستقبلية في شمال وشرق سوريا.

ويضم العقد الاجتماعي الذي تعاد صياغته، إلى جانب ديباجة العقد أربعة أبواب رئيسية هي “المبادئ الأساسية، الحقوق والحريات، تنظيم المجتمع، الأحكام العامة”، ويتفرع عن الأبواب الأربعة الرئيسية إلى 93 مادة حول “شكل ونظام إدارة شمال وشرق سوريا، وهيكلية مؤسساتها، وآلية تنظيم المجتمع والانتخابات، ورؤيتها لمجتمع شمال وشرق سوريا بمختلف أطيافها وشعوبها، بالإضافة إلى موقف شمال وشرق سوريا حيال مستقبل سوريا، ورؤيته للأحزاب والتنظيمات السياسية، واللغات المعتمدة، ورؤيته للمرأة، ورؤيته لحضارة وثقافة المنطقة للدفاع، وللبيئة والاقتصاد، والتربية والتعليم، والرقابة وآلية المعالجة.

وذكرنا نبذة مختصرة عن العقد الاجتماعي ومراحله بسبب عدم معرفة الكثير من الرياضيين لهذا العقد، والذي لم يُذكر فيه أي بند يخص هؤلاء الرياضيين الذين حققوا الكثير ويعتبرون جزءاً أساسياً وهاماً من المجتمع، ويضم مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين في وسطه، إلا أن رؤية الإدارة الذاتية للرياضة كما نوهنا ضمن التقرير مازالت أن الرياضة هي فقط للترفيه.