سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

العقال العربي…. زي من عبقِ التاريخ

تل كوجر/ مثنى المحمود –

العقال جزء هام من الزي العربي القديم، له تاريخ طويل ويمثل رمزية خاصة لمن يرتديه.
أصل العقال وهو جديلة من الصوف أو الوبر أو الحرير، تُلف على الكوفية فوق الرأس فيقال عقال، تطورت الآن صناعة العقال، ولكن كان للعقال مدلول آخر عدا عن إنه قطعة مهمة في لباس العربي.
الأصل والبداية
عُرِّف العقال قديماً على أنه حبل يُربط به البعير ونحوه، صنع أولاً لربط الناقة وتثبيتها في مكان محدد، ومنهم من يقول صُنع بمثابة السوط الذي تضرب به الدواب لحثها على السير، واختلفت الآراء وهناك من يقول أُطلِق عليه عقال لتثبت الغترة أو الشماغ على الرأس.
ومنهم من يقول أن ارتباط العقال والغترة بالعرب يعود إلى قسوة البيئة الصحراوية التي يعيشون فيها لقدرة الأخير على تغطية الرأس والوجه كاملاً لحمايته من أشعة الشمس ورياح الصحراء اللاهبة.
 يعتقد الكثير أن العقال ظهر لأول مرة بشكله الحالي في شمال الجزيرة العربية في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي ويعتقد أن ارتداء العقال و(الغترة أو الشماغ) انتشر من وسط وشمال الجزيرة العربية ثم إلى بقية العرب في العراق والأهواز والشام والأردن وجزيرة سيناء.
 تقول إحدى الروايات الشائعة أن كسرى الثاني (خسرو) ملك الفرس أراد الزواج من بنت النعمان بن المنذر ملك الحيرة فوافق مقابل شرط هو أن يعرض أمر بناته على العرب وأن وافقوا زوجها من كسرى، ورفض تزويجها له، غضب كسرى عليه واستدعاه ووضع في يده عقال بعير وعذبه حتى الموت، ولما عرف العرب بذلك قالوا تشريفاً لعقال البعير الذي ربط فيه النعمان نضعه على رؤوسنا وكان أبيض اللون مصنوع من وبر البعير.
صناعته تراثية
واشتهرت بها العديد من المدن، ومرّت بعدة مراحل، يقول علي الجاسم أحد الأشخاص الذين كانوا يعملون في صناعة العقال أن العقال مر بمراحل عديدة، بعد أن صنع من وبر الجمال صُنع أيضاً من شعر الماعز والصوف كما صنع من خيوط القطن والحرير، وصولاً إلى طرق حديثة في صناعته، وأما العقال الأبيض يُعرف به العلماء وأئمة المساجد الآن.
 يضيف لنا المواطن سالم العبيد الشغوف بقراءة التاريخ والاهتمام بالتراث أنه يوجد أنواع مختلفة من “العُقل” أشهرها في الخليج العقال المكتومي نسبة إلى الشيخ مكتوم وعقال السحاب وعقال المرعز والمقصب، يلبسه الملوك والأعيان ويحتوي على خيوط ذهبية أو فضية وهو العقال الحجازي المضلع.
وتمر مراحل صناعته بأربع مراحل على حد وصف الجاسم الأولى لف العقال والثانية، صناعة البطانة، والثالثة كسره ووصل نهايتيه يبعضها ثم حياكة طرفيه وصولاً إلى المرحلة الأخيرة وهي وزنه ومقاسه وفق قوالب معينة.
مدلولات وقيم ثابتة
يقول سعيد الهوير العارف في أمور العشائر وتقاليدها أن العقال لم يكن مجرد حبل يوضع على الرأس بل كان رمزاً للكبرياء والقيمة والهيبة العربية الأصيلة ورمز اعتزازهم وفخرهم جيلاً بعد جيل حتى بات جزءاً من الزي العربي، ثم يضيف الهوير ويسرد لنا بعض الحالات التي ترتبط بالكرامة والشرف وعلاقتها بالعقال،
حيث يقول الرجل لا يلبس عقاله، إذا كان هناك أمر يُنقِص كرامته كالعار، فلا يلبس عقاله حتى يغسل عاره كما أن رميه على شخص ما، يعني أن هذا الرجل يتوسل بأغلى ما لديه، يضيف أن للعقال مدلولات تتعلق حتى بالمشاعر حيث أن أهل المتوفى عادةً لا يلبسون العقال تعبيراً عن حزنهم كما أنه إذا سقط العقال بشجار يترتب على ذلك فصل عشائري.
شواهد من التاريخ على الأصالة
يقول بعض الباحثين  أن بعثة أثرية من جامعة مؤتة في منطقة قلبان بني مره، في جنوب الأردن سنة 2012 عثروا على منحوتة قديمة، يظهر فيها رجل يرتدي لباساً شبيها بالثوب واضعاً عقالاً على رأسه ويرجع تاريخ ارتداء الثوب والعقال إلى ما بين 3000 ـ 4000 سنة ق. م، كما تؤكد التماثيل والمخطوطات في العراق بأن أصل العقال لبسه أهل حضارة بابل في العراق قبل 8000 سنه ليكون العراقيون هم أول من اكتشف لبس العقال العربي، تبقى هذه الأمور نظريات يطلقها الباحثون، أما ما نعيشه اليوم يُشكل حالة من تراجع ارتداء الزي التراثي إنما لمنطقة تل كوجر خصوصية في هذه المسألة فالكبير منهم والصغير لا يتجاوز ارتداء العقال مهما كان المجلس، يبقى العقال هو ما يُزيّن رأس أبناء بلدة تل كوجر وريفها.