سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الطوفان… وسفينة الإنقاذ السوريّة

ميرخان عمادي_

تمر السنوات العاصِفة على الشعب السوري الذي تتقاذفه الأمواج وتمنع سفينته من الوصول إلى بر الأمان، هذا الشعب الذي يبحث عن الحرية المفقودة في ظل الصراع بين القوى الإقليمية والدولية، وأصبحت الأراضي السورية مسرحاً للصراع المحلي والإقليمي، وسط هذه الفوضى العارمة؛ يعتبر مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية مثل سفينة نوح التي تستطيع إنقاذ الشعوب من الطوفان.
أسباب عديدة عقّدت هذه الأزمة وجعلتها من الأزمات المعقدة؛ منها ما هو متعلق باستمرار تعنت حكومة دمشق وعدم تقبّلها لأيّ حوار سوري ـ سوري ، وعدم تقبّلها لأي مبادرة من شأنها أن تفضي إلى حلول سياسية تنهي الأزمة.
 من جانب آخر دور الدول الإقليمية المتداخل في الشأن السوري ،وخاصةً الدور السلبي لدولة الاحتلال التركي الذي كان السبب الرئيسي لإطالة أمد الأزمة، وذلك من خلال احتلال الأراضي السوريّة والمجازر المستمرة، واستهداف البنى التحتية، وعمليات التغيير الديمغرافي وارتكاب المجازر بكافة أنواعها، ومن خلال سياسة الحرب الخاصة بكافة أشكالها، مثل قطع مياه الفرات عن الأراضي السوريّة، وقطع مياه محطة علوك عن أكثر من مليون ونص مواطن؛ ناهيك عن إحراق المحاصيل الزراعية وضرب البنى التحتية، ولا ننسى هنا الدور التركي البارز في دعم الإرهاب في سوريا وتحت تسميات مختلفة، هذا الإرهاب الذي تحول لخطر يهدد أمن العالم بأسره وليس الشعب السوري فقط، وكل ذلك يتم في ظل صمت دولي مجحف متواطئ مع تلك الانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانية.
ترك ذاك الصمت المخزي أردوغان يواصل إرهابه بحق الشعب السوري من خلال دعمه لداعش وأخواتها، وفتحت تركيا حدودها على مصراعيها لتدفق الإرهابيين من كافة أصقاع العالم وأصبحت مركزاً لتدريبهم وتجنيدهم ومن ثم إرسالهم لتنفيذ مصالح أردوغان.
تركيا التي كانت ولازالت تهدد الأمن الوطني لسوريا والعراق وليبيا والنيجر وغيرها من الدول، وأصبحت الداعم الرئيسي للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والعالم ترتكب المجازر تحت حججٍ وأكاذيبٍ تستهدف شعوب شمال وشرق سوريا التي كان لها الدور الأساسي في حماية المنطقة والعالم من إرهاب داعش حليفة أردوغان.
الصمت الدولي يعتبر تأييداً واضحاً لتركيا؛ كون المصالح هي سيدة المواقف، ويهمها بقاء فتيل الحرب مشتعلاً في سوريا ولا تريد لهذه الحرب الخلاص ولا يهمها الشعب السوري الذي ذاق الويلات على مدار ثلاثة عشر عاماً، والدليل على ذلك مسار أستانا بين تركيا وإيران وروسيا، هذا المسار الذي أجّج الوضع في البلاد إلى صراع أكبر واحتلال وتقسيم لسوريا وصفقات لذروتها في كافة أنحاء البلاد.
تركيا تتخوف من المشروع الديمقراطي كونها تعاني من أزمات عديدة في داخلها وتعاني من انعدام الديمقراطية نتيجة السياسات المتبعة من قبل حزبي العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وكذلك الوضع الاقتصادي الهش، والتدخلات في شؤون دول الجوار، وانعدام الحقوق وتفشي الفساد، لذلك توهم الشعب التركي أنها تتدخل في شؤون سوريا والعراق بحجة حماية الأمن القومي التركي، ويحاول أردوغان خلق المزيد من الأزمات لترميم جدار سلطانه المتهالك.
ولمواجهة هذه التدخلات والانتهاكات تستطيع القوى الديمقراطية والشعب السوري مواجهة أطماع كافة المؤامرات التي تحاك ضده، من خلال الجلوس على طاولة حوار واحدة لإنهاء الأزمة، لأن الحوار هو مفتاح الحل بعد هذه السنوات التي أرهقت كاهل الشعب السوري، فهناك الكثير من المشاريع والأجندات والمخططات بين تلك القوى تتم على حساب الشعب السوري.
على الشعب السوري أن يجتمع ويلتف حول مشروع وطني ديمقراطي يختاره وأن لا يترك المجال أمام تلك القوى للتمادي أكثر في مجازرها.
اليوم وبعد أكثر من ثلاثة عشر عاماً على الثورة/ الأزمة، نجد أكثر من 90% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، ووضع اقتصادي متدهور وأكثر من 13 مليون سوري يعيش حياة النزوح والتهجير، ولهذا يجب أن تكون هناك حلول تنقذ هذا الشعب من المأساة التي وصلت لذروتها.
ما من سبيل أمام الشعب السوري سوى أن يتمسك بقضيته وكامل حقوقه على أرضه والدفاع عنها، وعدم اللجوء إلى الهجرة، وعلى المستوى السياسي يجب توحيد القوى السورية وأخذ دورها لإيجاد حل سياسي ينهي معاناة كافة السوريين من خلال اتخاذ نموذج الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا وتطبيق هذا المشروع لإنهاء الصراع.