سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الطبقة العاملة في زمن جائحة كورونا، مطالب لبلوغ مجتمع أكثر عدالة

تقرير/ آزاد كردي  –

روناهي/ منبج- يحتفل العمال في أنحاء العالم في الأول من شهر أيار من كل عام بيوم العمال العالمي أو كما يطلق عليه في العديد من الدول “عيد العمال العالمي”، ولكن ما هو مختلف تماماً في هذا العام هي جائحة كورونا التي كان لها بالغ الأثر على شريحة العمال بما فرضته من إيقاف كثير من الوظائف، وبالتالي حرمانهم من مصدر رزقهم وحقوقهم كافةً.
وكغيرها من مناطق العالم، تحتفل مناطق شمال وشرق سوريا بعيد العمال العالمي وهي التي قامت بثورتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تكريساً للطبقة الكادحة والفقيرة وحماية اليد المنتجة عبر إقامة كيان إداري (اتحاد العمال) بصفته مرجعاً أساسياً لهم ويعنى بشؤونهم وحقوقهم جميعاً.
الطبقة العاملة؛ حقوق مسلوبة ومطالب محقة
لقد فضحت جائحة كورونا هشاشة النظام الدولي القائم، في مختلف الأصعدة؛ بدءاً من تأثيراتها السلبية التي أصابت الشرائح الطبقية المسحوقة، وفي مقدمتها الطبقة العاملة التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى جيوش من العاملين العاطلين عن العمل؛ بسبب إغلاق المنشآت الاقتصادية والاستغناء عن ملايين العمال دون أن يؤمن هذا النظام الدولي ضمان الحد الأدنى من الكرامة الاجتماعية لهؤلاء الذين فقدوا مصدر رزقهم، ولا سيما ما يطلقه المجتمع الرأسمالي بـ” بلدان العالم الثالث” تلك البلدان التي لا ضمانات ولا تأمينات للكادحين فيها أمام أية ظروف دولية استثنائية أو أية مواجهة ظواهر طبيعية، فسرعان ما ينزلق عمال هذه الدول إلى حافة الهاوية ويلتحقوا إلى مصاف من هم دون خط الفقر ويقعوا تحت ضغط رحى أما الموت من مخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد لعدم تأمين الرعاية الصحية الكافية لهم أو الموت جوعاً لعدم توفر الغذاء لهم، وفي كلتا الحالتين نتيجتها الهلاك.
في مقابل ذلك، كان للقائد الأممي “عبد الله أوجلان” اليد الطولي في فضح جرائم النظام الرأسمالي منذ تمأسسه؛ كنظام هرمي طبقي في العديد من كتبه من مثل: “الحضارة- عصر ملوك خلف الستار والآلهة المقنعة” و “من دولة الرهبنة السومرية نحو مجتمع الديمقراطي” و” المدنية”، هذه الكتب وغيرها، أوضحت كيف أنشأ نظام الزيقورات في عهد الدولة السومرية منذ ما يزيد عن خمسة آلاف عام ق.م، وليخلق كيانات جديدة وطبقات مستعبدة تضم الفئات الدنيا من سواد الشعب وهي الطبقة الكادحة العاملة التي باتت في صراع مع لقمة العيش لقاء خدمة الطبقة الحاكمة. كما وعالج هذه الأمور بمزيد من التحليل والدقة وإبانة أبرز القضايا ومعالجتها أيضاً. فقد رأى القائد “عبد الله أوجلان” أن الحل يكمن في دمقرطة المجتمع المدني، فالمجتمع الديمقراطي برأيه الأساس في نظام ديمقراطي عوضاً عن دولة جديدة.
ثورة الشمال السوري، ثورة ضد الحداثة الرأسمالية
لا شك أن ثورة شمال وشرق سوريا قد شكلت انطلاقة حية ومنعطفاً كبيراً في مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشعوب هذه المناطق قرابة العقدين من الزمن باعتبار أن قبل ذلك كانت من أفقر الشعوب، ولكن بعد أن تفجرت على يد الطبقة الكادحة بدا أن هذه الثورة بالفعل أول بزوغ نحو دلالات التغيير والتحولات الجذرية كافة وأهمها؛ تحقيق أهداف الطبقة العاملة لا بل وحمايتها كونها مصدر هذا التحول والتغيير. ولعل السؤال المطروح كيف تم التغيير إذن؟ في الواقع أن الوسائل هنا لا تنفصل عن الغايات كون حقوق هذه الطبقة مسلوبة ولا تغطي إلا فئة منهم. وبات من الضروري التفكير في القضاء على المجتمع الطبقي بما ينطوي عليه من طغيان وظلم واستعباد، وبات من الطبيعي أن الطرف القادر على تحقيق ذلك وصاحب المصلحة فيه هو الطبقة العاملة التي تستغلها الرأسمالية، وهذا يتطلب إنشاء كيان إداري ديمقراطي يؤمن احتياجاتهم وحقوقهم المدنية منذ نشأة الإدارة المدنية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا لكن في الطرف المحاذي، عبر “منظمات المجتمع المدني”.
العمال ركيزة أساسية في بناء الحضارات الإنسانية
تمثل منظمات المجتمع المدني في مدينة منبج وريفها؛ الجهة الممثلة لعدد من شرائح المجتمع الليبرالية؛ بشكل رديف مع الإدارة المدنية الديمقراطية؛ لتسهم في عملية بناء الحضارة الإنسانية وتطويرها في مختلف الأصعدة. وكان إن عقد اجتماع في صيف العام الفائت بتاريخ 24/6/2019م بحضور لافت لكثير من الشخصيات والنخب ووجهاء وشيوخ عشائر؛ إلى جانب العديد من لجان ومؤسسات ومجالس في الإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة منبج وريفها. على أثر ذلك، بدأت العديد من الاتحادات بالتشكل والانضمام لمنظمات المجتمع المدني، ومن بينها اتحاد العمال، وبهذا الخصوص تحدث لصحيفتنا “روناهي” الرئيس المشترك لاتحاد العمال في مدينة منبج وريفها؛ فواز العمر عن المعاني السامية ودلالات هذا اليوم العالمي للعمال قائلاً: “يعتبر عيد العمال، يوم البهجة والسرور، وهو على أية حال يعد تكريماً رمزياً للعامل باعتباره اليد المنتجة في المجتمع. ولهذا حظيت الطبقة العاملة عند الجميع بمزيد من الاحترام والتقدير تعظيماً لما يقدمونه من إنتاج وعطاء في سبيل البناء والتطوير.
هذا وقد تم تأسيس اتحاد العمال في 30/7/2019م، ويضم الاتحاد كافة العمال من الريف والمدينة والمعامل وعمال البلديات والتربية إلى جانب جميع العمال. ويقدر عدد العمال قرابة خمسة آلاف عامل وعاملة، ثلاثة آلاف عامل منهم في المعابر العون وأم جلود والتايهة، إضافةَ إلى ألفين عامل في المدينة هم البلدية والتربية ومعامل بلوك ومعامل صناعية والمطاعم.
الحركة العمالية طليعة المجتمع
وحول أبرز الخدمات التي يقدمها اتحاد العمال للعمال أنفسهم، أكد الرئيس المشترك لاتحاد العمال في مدينة منبج وريفها؛ فواز العمر بالقول: “لابد من القول إن أهم الأمور التي ينبغي الحرص عليها بحيث تكون الركيزة الأساسية لتقديمها للعمال، تتمثل بحمايتهم كونهم الشريحة المنتجة المجتمع وتقوده نحو التطوير والتحديث، وهذا الأمر يتطلب وجود حقوق ينبغي تقديمها لهم على عجل، لعل أبرزها؛ الرعاية الصحية الكاملة التي تقع على عاتق اتحاد العمال”.
واختتم الرئيس المشترك لاتحاد العمال في مدينة منبج وريفها؛ فواز العمر حديثه بالقول: “مرة أخرى، أكرر امتناني للعمال كافة وأتمنى لهم السعادة الدائمة في حياتهم الخاصة، كما أتمنى منهم الالتزام بتعليمات حظر التجول وبتعليمات الوقاية من وباء فيروس كورونا المستجد، وأؤكد أن اتحاد العمال في مدينة منبج وريفها، سيقوم في الفترة القادمة على تنسيب جميع العمال في الريف والمدينة حتى ينالوا ما يستحقون من رعاية واهتمام وعدالة”.