الصوم والأمراض المزمنة… داء السكري نموذجاً

قاسم عباس ابراهيم –

رمضان الخير والبركات يطل علينا وعلى جميع بقاع العالم ليضفي الفرح والبهجة على قلب كل مسلم.. لشهر رمضان مكانة متميزة بين شهور السنة بصيامه كأحد أركان الإسلام ولثوابه وفوائده الروحية والمادية التي لاتُعدُّ ولا تُحصى. لذا؛ نجد حتى المصابين بالأمراض المزمنة والسكري يبدون رغبة كبيرة في الصيام ويعرضون أنفسهم لمشاكل وأخطار غير محمودة العواقب، فمن أجل صيام مأمون كان هذا البحث عن الصوم والأمراض المزمنة والسكري.
تعريف الصوم:
الصوم لغة: هو الإمساك عن أي فعل أو قول كان.الصوم شرعا: التعبد لله بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر حتى غروب الشمس مع النية المبيتة في القلب. يُعدُّ الصوم من أهم العبادات في الدين الإسلامي ويُعتبر جهاداً للنفس يمدُّ الصائم بقوة روحية وراحة نفسية وصبر وتحمُّل المصائب. كما يُعَلِّم النظام والانضباط ويُنمِّي عاطفة الرحمة.
الصيام والأمراض المزمنة:
على الطبيب أن يكون دقيقاً في تقديره للحالات المزمنة لمختلف أجهزة الجسم وتقييمها ، فلا إصدار للفتوات ولا تقتير في حكمه ووصفه للمرض حتى لا يصل بمريضه إلى الهلاك.داء السكري والصيام:
داء السكري هو اضطراب مزمن يتميَّز بضعف استقلاب الغلوكوز والمواد الأخرى المنتجة للطاقة مما يحدث تطورا متأخِّراً لاعتلال الأوعية والأعصاب وهو متلازمة استقلابية تتميَّز بارتفاع مزمن لسكر الدم نتيجة تشارك عوامل بيئية ووراثية مُتعددِّة مع بعضها، أو بمعنى آخر هو مجموعة من الأمراض الاستقلابية التي تتميَّز بوجود إفراط في سكر الدم نتيجة عيب في إفراز الأنسولين أوالمقاومة للأنسولين أو كليهما.
يؤدي فرط سكر الدم المزمن إلى أذيات تصيب معظم الأعضاء في البدن وبخاصة الكلى والعينين والأعصاب والقلب والأوعية الدموية.أنواع مرض السكري وإمكانية الصوم في كلٍّ منها:
ـ النوع الأول: داء سكري نمط 1: هو داء السكري الناجم عن تخريب خلايا بيتا البنكرياسية الذي يحدث غالبا عند الأطفال واليافعين ويسمى السكر الشبابي وهذا النوع يعالج بالأنسولين والحمية معا. لذا؛ يطلب من المصابين بهذا النوع من السكري عدم الصيام خوفاً من تعرُّضهم لمضاعفات السكري الحادة مثل الهبوط والارتفاع الشديدين في سكر الدم.
ـ النوع الثاني: داء سكري نمط 2:
وهو الأكثر شيوعا في العالم وله علاقة شديدة بنمط الحياة والبدانة والوراثة وينقسم إلى ثلاث فئات:
1ـ سكري النوع الثاني الذي يعالج بالحمية والأقراص الخافضة للسكر يمكن الصوم لكن بعد استشارة الطبيب والتأكد من عدم وجود أمراض أخرى، أما في حال وجود أمراض أخرى كالقلب والشرايين فيجب عدم الصوم لاحتمالية حدوث مضاعفات حادة مثل ارتفاع أو انخفاض في مستوى سكر الدم.
2ـ سكري النوع الثاني الذي يعالج بالحمية فقط ينصح بالصوم. إذ؛ يعتبر الصوم لهذه الفئة نوعاً من الحمية العلاجية وذلك بعد استشارةٍ طبية.
3- النوع الثاني الذي يعالج بالأنسولين والحمية معا والحقن اليومي بجرعتين من الأنسولين أو أكثر يُطلب منهم عدم الصوم أما الذين يعالجون بجرعة واحدة يومياً فيمكنهم أن يصوموا ولكن بعد إجراء التعديل اللازم على البرنامج العلاجي واستشارةٍ طبية.
ـ السكري الحملي: كما هو الحال في النوع الأول من السكري تمنع هذه الحالات من الصوم تجنُّباً لحدوث مضاعفات ارتفاع أو انخفاض في سكَّر الدم وتجنُّباً لأيِّ خطرٍ على الجنين ويمكن قضاء رمضان بعد الحمل. إذ؛ غالبا ما يختفي سكري الحمل بعد الولادة.النصائح الطبية من أجل صيام مأمون: لا بد من ضبط السكري قبل فترة من شهر رمضان المبارك وخلاله أيضاً والالتزام بالحمية السكرية وتجنب تناول كميات كبيرة من الطعام ليلاً لأنَّ هذا السلوك الغذائي يؤدِّي إلى اضطراب في ضبط السكري كما يجب تعديل جرعات الحبوب الخافضة للسكر مع أخذ الجرعات الكبيرة قبل العشاء والجرعة المنخفضة قبل السحور وكذلك تجنب استعمال مركبات طويلة الأمد والتركيز على استخدام مركبات قصيرة الأمد وأيضاً لمرضى الجرعتين من الأنسولين يومياً، فإن الجرعة الكبيرة كالأقراص تؤخذ قبل العشاء والجرعة الصغيرة من الأنسولين السريع قبل السحور مع تجنُّب الأنسولين المختلط (متوسط، سريع) لاحتمال حدوث نقص السكر خلال النهار، كما يجب قياس سكر الدم المنزلي لكلِّ مرضى السكري المعالجين بالأنسولين الراغبين بالصيام.. وعليهم تناول الطعام فوراً إذا حدث هبوط سكر دموي أو حماض سكري خلوني ومراجعة الطبيب أو المراكز المختصة لمرضى السكري.
من الأخطاء الشائعة في شهر رمضان من قِبل بعض المرضى السكريين حذفهم لأدوية السكري بالكامل أو أخذ جرعات مغلوطة من الأنسولين وفي أوقات خاطئة وهذا يؤدي إلى اضطراب في ضبط السكر.
النصائح الغذائية خلال شهر رمضان:
يجب التقيد بتعليمات الحمية الغذائية والعلاج والإرشادات الخاصة بكمية الطعام المسموح به واتباع التعليمات في تحضير الأغذية والوجبات وتناول وجبة خفيفة بين وجبتي الإفطار والسحور والإكثار من السوائل لمنع حدوث نقص في سوائل الجسم أثناء الصيام مثل الشوربات والحليب وغيرها.. ويفضل البدء بتناول مصدر من السكريات مثل حبتي تمر أو كوب من عصير الفواكه الطبيعي غير المحلى قبل تناول الأدوية وتجنُّب المشروبات الرمضانية الشائعة كعرق السوس والتمر الهندي.. واختيار وجبات قليلة الدهن والملح وتجنُّب المقالي واللحومات المسبقة الصنع إنْ صحَّ التعبير والتركيز على استعمال الزيوت النباتية (زيت عباد الشمس، وزيت الذرة) واختيار أنواع النشويات التي تحتوي على الألياف الضرورية في خفض السكر لأن التغذية الطبيعية تُعدُّ جزءاً رئيساً ودائماً في معالجة داء السكري.إرشادات عامة لمرضى السكري:ـ تجنُّب القيام بمجهود كبير وأخذ قسط من الراحة وبخاصة في فترة ما بعد الظهر ومراجعة الطبيب حتى يتم تعديل الجرعات الاعتيادية من أدوية السكري أو أية أدوية أخرى مثل أدوية الضغط وارتفاع دهون الدم.ـ الحرص على عمل التحاليل اليومية لمتابعة مستوى السكر في الدم وفي حال ظهور أعراض هبوط السكر يجب الإفطار فوراً بتناول بعض من التمر أو السكر دون انتظار الاستشارة الطبية.