سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الشهيدتان يسرى وليمان… رمزا الكفاح والحرية

إعداد/ سيدار رشيد_

مازالت إنجازات الشهيدتان “يسرى وليمان” حاضرة في ذهن النساء بعد مرور عام على استشهادهن، فقد خُلدت أسماؤهن في كتب التاريخ، فكتبنَ في سجل ثورة التاسع عشر من تموز قصص المقاومة والفداء في وجه القمع، والاستبداد، ومع رحيلهنَّ ولدت الكثيرات ليكملنَ مسيرتهنَّ.
بتاريخ 20/6/2023، استشهدت “يسرى درويش، وليمان شويش” باستهداف مسيرة تركية سيارتهما على الطريق الواصل بين مدينة قامشلو، وتربه سبيه، بالقرب من قرية تل شعير، الشهيدة “ليمان شويش” 38 عاماً، أثبتت هويتها الوطنية، في صفوف المناضلات الأوائل في روج آفا، والريادة في مجال تنظيم الشعب، و”يسرى درويش”، التي كرست حياتها لإحداث تغيير مجتمعي شامل في تنظيم فعاليات اجتماعية وسياسية في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا.
نضال ليمان شويش ضد النظام الأبوي
 المناضلة “ليمان أوسي شويش” الاسم الحركي “ريحان عامودا” نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس مدينة قامشلو، التي كافحت بلا هوادة حتى يوم استشهادها ضد الهجمات الممنهجة والنظام الأبوي، الذي ينظر إلى المرأة على أنها عقبة.
كما تصدت لأعقد قضايا المجتمع، على الرغم من الظروف والتعسف والقيود الاجتماعية، في وقت يرى فيه النظام الفاشي هؤلاء الرياديات تهديداً لعرشه، ولهذا السبب وبالتحديد كانت، ولا تزال المرأة الطليعية هدفه الأول، ساعياً بالطرق كلها إلى النيل منها.
وأبصرت ليمان شويش (ريحان عامودا) النور عام ١٩٦٨ في ناحية عامودا التابعة لمقاطعة قامشلو، في أسرة مكونة من (خمس شقيقات وأربعة أشقاء).
ونشأت على حب الوطن والتضحية، وانخرطت في العمل الجبهوي عام ١٩٨٥، وبعدها في العمل الثوري عام ١٩٨٩، ولها تاريخ حافل بالإنجازات والكفاح.
وواجهت ليمان صعوبات جمة خلال مسيرتها النضالية، واعتُقلها الحزب الديمقراطي الكردستاني في إقليم كردستان ستة أشهر خلال عامي 2002 ـ 2003، أثناء نضالها من أجل القضية الكردية وحرية المرأة، كما ناضلت منذ عام ٢٠٠٥ حتى عام ٢٠٠٨ في إقليم كردستان وفي مدينة السليمانية بالتحديد.
ورأت ليمان أن الكفاح والنضال في كردستان وحدها لا يكفي لحل القضية الكردية، لذلك توجّهت إلى روسيا لتواصل كفاحها هناك عام ٢٠٠٨، وعلى مدار سبعة أعوام متتالية عملت دون كلل أو ملل.
ومع اندلاع ثورة 19 تموز في روج آفا وإقليم شمال وشرق سوريا، قررت ليمان العودة إلى وطنها واختارت مدينة كوباني مركز انطلاق الثورة لتواصل كفاحها هناك عام ٢٠١٥.
وتعد “ليمان شويش” من الرائدات الأوائل، اللواتي وضعن حجر الأساس للمشروع الديمقراطي في المناطق المحررة من مرتزقة داعش، وفي مقدمتها مدينة منبج، التي توجهت إليها عام 2016 وناضلت فيها حتى عام 2019.
كما تولت ليمان خلال مسيرتها النضالية الحافلة، مهاماً عديدة، منها ممثلة مؤتمر ستار في إقليم كردستان، وأخيراً نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس مدينة قامشلو.
وناضلت الشهيدة ليمان 38 عاماً، منذ أن تعرفت على قضيتها الوطنية الكردية، فأثبتت انتماءها الوطني وكافحت في صفوف المناضلات الأوائل في روج آفا، بروح المناضلة الكردية في عموم كردستان وخارجها. وبقيت أعواماً طويلة في الظل، جنديةً مجهولة، حتى عرفها الناس مع إعلان استشهادها بتاريخ 20/6/2023، في هجوم تركي استهدف السيارة، التي كانت تقلّها والرئيسة المشتركة لمجلس مدينة قامشلو “يسرى درويش”، وسائقهما “فرات توما”، فدوّن اسمها في صفحات التاريخ.
المعلمة المناضلة يسرى درويش 
“يسرى محمد درويش” من مواليد 1971 في مدينة عامودا، كرست حياتها لإحداث تغيير مجتمعي شامل عبر تنظيم فعاليات اجتماعية وسياسية في مدينة قامشلو.
وحصلت يسرى على الإجازة في اللغة الفرنسية وآدابها عام 2001 قبل ثورة التاسع عشر من تموز في إقليم شمال وشرق سوريا، وبعدها تركت التدريس عند “حكومة دمشق” وانخرطت في صفوف الثورة، وعملت مدرسة للغة الكردية، ومن ثم مديرة ثانوية بتول في عامودا، كانت من مؤسسات إدارة المدارس في عامودا، وانتخبت رئيسة مشتركة للمجمع التربوي في عامودا.
وبعد مسيرة طويلة في السلك التربوي والتعليمي، اُنتخبت رئيسة مشتركة لمجلس مدينة قامشلو بتاريخ 1/11/2022. لذلك؛ فإنّ استهدافها ورفيقتها يسرى درويش ليس أمراً طبيعياً، أو من قبيل المصادفة، فقد اُختيرتا لمكانتهما الوطنية المهمة، فأردوغان الفاشي يخشى تطوّر المرأة من جهة، ولا يقبل بالمرأة القويّة من جهة أخرى، فقد اجتمعت في ذهنه الفاشيّة والهيمنة الذكوريّة الرجعيّة المتراكمة منذ 5000 عام، لذا فهو يهاجم مثل رجلٍ رجعيٍ، وذئبٍ هائج، كل مكان بتهور. لكن؛ ليعلم جيداً إنّه سيغرق في أعماله السيئة.
لماذا يستهدف المحتل التركي ومرتزقته المرأة؟ 
وبما أن المرأة هي المحور الأساسي والضامن الأكيد لتطلع المجتمع بأكمله إلى الحرية، ولأنها أساس تقدمه، وتطوره لما تتمتع به من إرادة صلبة، فينتهج المحتل التركي ومرتزقته ضرب القاعدة الأساسية في المجتمع المتمثلة بالمرأة، وذلك بتنفيذ أنواع العنف ضدها، وحرمانها من حقوقها لإقصائها وتهميشها وقتل تطلعاتها في سبيل إضعافها إلى أقصى حد، والسبب الرئيسي لاستهداف نساء إقليم شمال وشرق سوريا، لأن المرأة في هذه المناطق خاضت نضالاً ومقاومة في وجه أطماعه، التي لم تنته خلال ثورة روج آفا “ثورة المرأة”، ودورها في الحضارات المتعاقبة، فالمرأة المتطلعة إلى الحرية والديمقراطية هدفٌ لكل طامع، ومحتل لأنه يعرف مقدار صلابتها وعنفوانها لردعه.
شهيدات الحرية
وليعلم المحتلّون وأعداؤهم، أنّ الشهيدتين “ليمان ويسرى”، هما بذرتا ريحان غُرستا في ترابنا المقدّس، وأنّ هذه الأراضي، التي أصبحت موطناً للإنسانيّة منذ عشرات الآلاف من السنوات، قد ازدهرت من مسيرتهما النضالية الطويلة، ولن يسمحا للمحتلين ولحلفائهم تنفيذ مخططاتهم الخبيثة في وطننا.
والجدير بالذكر، أنّ استهداف الشهيدتين “ليمان شويش، ويسرى درويش” بتاريخ 20/6/2023، قد تزامن مع اجتماع آستانا، وزيارة مسرور البرزاني تركيا، والتي عدَّت اتفاقاً بين الأتراك والروس، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وأنّهم شركاء في هذه المجزرة، وتزامناً مع إعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية نيتها البدء بمحاكمة قيادات وعناصر مرتزقة داعش.