سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الشهيدة زهرة بركل.. رسمت نهجاً حرّاً للمرأة

عُرِفت المناضلة في قوى الأمن الداخلي الشهيدة زهرة بركل في مجتمعها وبين رفاقها بروحها القيادية وقوة شخصيتها وشجاعتها إلى جانب شخصيتها المرحة، فكانت مثالاً للمرأة ذات الإرادة الصلبة التي لا تهاب الصعاب ولا تتوانى عن أداء واجباتها حتى ارتقت لمرتبة الشهادة.
ولدت الشهيدة زهرة بركل محمد في  قرية بوراز غربي مدينة كوباني على ضفاف نهر الفرات في عام 1989م, وتنتمي لعائلة مؤلفة من خمسة أخوات وأربعة أخوة وهي الصغرى من بين أخواتها, وكانت تسكن زهرة في حي الأسدية غربي مدينة منبج مع عائلة أخيها.
نبذة عن حياتها..
قضت الشهيدة زهرة بركل  طفولتها في قرية بوراز, ودرست في مدرسة القرية حتى الصف الرابع, و بعد أن انغمرت قريتها بالمياه بعد بناء سد تشرين الواقع جنوب شرق مدينة منبج بـ20 كم في كانون الأول من عام 1999م, انتقلت زهرة مع أسرتها إلى دير حافر في الريف الشرقي لمدينة حلب, وبعد مرور ما يقارب ثلاثة أعوام تقريباً فقد والدها حياته, وبقت مع والدتها وأخيها وبعد مرور ستة أعوام انتقلت مع أغلب الأهالي من قرية بوراز إلى قرية نعيمية التابعة لبلدة مسكنة في الريف الشرقي لمدينة حلب, ومارسوا هنالك عمل الزراعة في الأراضي, وبقوا في القرية إلى أن سيطرت مرتزقة داعش على بلدة مسكنة ومع بدء الاشتباكات بين الحكومة السورية ومرتزقة داعش انتقلوا إلى مدينة منبج بعد تحريرها.
مثالاً للمرأة المناضلة
كانت تعرف زهرة بين مجتمعها وقريتها كقدوة ومثال للمرأة المناضلة والقوية, وحملت مسؤولية مساعدة أخيها ورعاية والدتها من خلال قيامها بالأعمال الزراعية, وكانت تعرف بروح المسؤولية اتجاه الجميع, كما كانت تحب الطبيعة وحسب ما أفادت عائلتها بأن منزلهم كان مليئاً بشتى أنواع الزهور التي زرعتها زهرة.
وتحدثت بهذا الخصوص شقيقة الشهيدة “زهرة بركل” وصديقاتها لوكالة JIN NEWS  عن شجاعة زهرة وثقتها بذاتها وروح المسؤولية التي كانت تتمتع بها.
حيث أشارت في البداية شقيقة الشهيدة “زهرة بركل” أليف بركل بالقول: “بالرغم من منع النساء العمل إبان سيطرة مرتزقة داعش إلا أن زهرة وبكل جسارة شكلت ورشة للنساء للعمل في الأراضي الزراعية, إذ أنها كانت تأخذ دور إدارية فريق العمل آنذاك”.
انضمامها لقوى الأمن الداخلي
وبعد تحرير مدينة منبج من قبل مجلس منبج العسكري قصدت زهرة مع والدتها وعائلة شقيقها مدينة منبج, وباشرت بالعمل فور وصولها في مشفى الشهيد هيوا سنا العسكري لمدة عامين, وبعدها انضمت إلى قوى الأمن الداخلي لترفع من وتيرة عملها ونضالها في خدمة شعبها.
وتابعت أليف: “خلال سيطرة داعش على بلدة  مسكنة  أقدموا على اعتقال أحد أشقائي والذي مر على اعتقاله ستة أعوام, فكان هذا من أحد دوافع انضمام زهرة لصفوف قوى الأمن الداخلي, للانتقام من مرتزقة داعش وممارساتهم الشنيعة بحق الأهالي, إذ أنها كانت تحن لشقيقها المعتقل لدى داعش”.
حماية المرأة من أي تهديد
وأوضحت أليف بأن زهرة كانت محبوبة من قبل كل من يحيطها لتمتعها بروح مرحة ولتواضعها, مشيرةً إلى أن زهرة كانت تعشق عملها في قوى الأمن الداخلي, وتسعى بكل إرادة وقوة وتفاني من أجل حماية المرأة والمجتمع من أي تهديد أو خطر.
الفخر والاعتزاز بشهادتها
وأكدت أليف بأنها تشعر بالفخر والاعتزاز بشهادة زهرة لأنها لم تتوانَ ولو للحظة عن تأدية واجباتها الوطنية والدفاع عن أرض الوطن في وجه الأعداء, وقالت: “عندما أرى رفيقات زهرة أرى ملامح زهرة في عيونهن, فهي تشكل الأمل في حياتي”.
انضمت الشهيدة زهرة بركل إلى أول دورة تدريبية في أكاديمية الشهيد محمود العلي لقوى الأمن الداخلي بداية عام 2020م.
وأما عن حين سماع أليف لنبأ استشهاده زهرة, قالت: “كنت عائدة من السوق ولدى وصولي للمنزل شاهدت أقربائي في منزلنا وأخبروني بأن أحد أقربائهم توفي وأنه يجب التوجه لتقديم العزاء لهم, لكن أخبرتهم أنني لست ذاهبة, وفي حين عودة زوجي سألني ما إذا كنت قد سمعت بصوت الانفجار أم لا, وأن ذلك حصل مع قوات النجدة وهنالك جرحى وشهداء, حينها توجهت بسرعة إلى مكان المجزرة, وكاد قلبي يتوقف لدى سماعي نبأ استشهادها”.
ونوهت أليف: “بالرغم من صعوبة سماع نبأ استشهادها, لكنني فخورة لأنها قدمت روحها في سبيل الحفاظ على أرضها وحماية شعبها”.
“لن نتراجع قيد أنملة عن أهدافنا”
واختتمت أليف بركل بالقول: “ليعرف كل من يسعى للنيل من إرادتنا والقضاء على وجودنا بأننا لن نتراجع قيد أنملة عن أهدافنا وستبقى إرادتنا وعزيمتنا قوية”.
وبدورها قالت رفيقة الشهيدة “زهرة بركل” الإدارية في قوى النجدة ميديا جزائر حسو: “خضعت مع زهرة لدورة تدريبية ذاتها, وكنتُ اكتسب منها الكثير من المعرفة, بالإضافة إلى أنها كانت مثال للرفاقية والتواضع وروح المسؤولية اتجاه رفيقاتها وعملها, إذ أنها كانت تمتلك أهداف كبيرة وتسعى بشكل دؤوب لتحقيقها”.
وأردفت ميديا بالقول: “الشهيدة زهرة كانت تتمتع بشخصية قوية وإرادة صلبة, وسعت على الدوام لاكتساب المعرفة لتكون قادرة على إعطاء كل ما لديها لمن حولها, وتقدم المساعدة وتحل المشاكل التي تعرض عليها, كما أنها كانت تشجع رفيقاتها بأن يكنّ صاحبات إرادة وعزيمة وفكر”. وذكرت ميديا خلال حديثها بأن الشهيدة زهرة كانت السبّاقة في جميع الأعمال والمهام العسكرية, لتمتعها بروح المسؤولية والقيادة, وفي ذات اليوم الذي استشهد فيه طلبت بأن تكون ضمن تلك المجموعة التي توجهت إلى مكان تواجد اللغم.
“أعاهدها بالاستمرار على خطاها”
وحيال سماع نبأ استشهاد زهرة, قالت ميديا جزائر حسو: “تأثرت كثيراً باستشهادها فهي التي كنتُ استمد منها قوتي, وأعاهدها بالاستمرار على خطاها ورفع مستوى النضال لتحقيق أهدافها”.
ومن جانبها أفادت عضوة قوى الأمن الداخلي كوليزار مسلم حول هذا الموضوع قائلةً: “كنت مع الشهيدة زهرة في أغلب الأوقات, وخضعنا معاً لدورة تدريبية واحدة في أكاديمية الشهيد محمود العلي, إذ كانت مصدر إلهام وقوة وإرادة بالنسبة لي”.
واستمرت بأن قوة شخصيتها وشغفها وحبها للعمل وتفانيها كان مثال يحتذى به, مبينةً بأنها لم تتوانَ عن أداء واجباتها لتجعل من جسدها درعاً لحماية رفاقها وشعبها, وفي كافة المهمات التي قامت بها في التدريب كانت دائماً الأولى في أداء مهامها العسكرية, بالإضافة إلى مشاركتها الفعالة في الدروس الفكرية من خلال إبداء آرائها والنقاش حول كل موضوع، بحسب كوليزار.
وأشادت كوليزار بالجهود الحثيثة التي بذلتها الشهيدة زهرة خلال تأدية عملها, منوهةً بأنه بعد انضمامها لقوات النجدة, سعت بكل قوة وجهد للانضمام إلى القوات الخاصة, وذلك لرغبتها في تقديم الخدمة لشعبها ووطنها.
واختتمت كوليزار مسلم حديثها قائلةً: “تحدثت الشهيدة زهرة معي قبل خروجها للمهمة وأخبرتني بأنها ودعت جميع الرفاق وأنها تتوجه إلى القوات الخاصة, لكن بعد مرور ساعة تلقيتُ نبأ استشهادها”.
“الكلمات لن توفي ما حققته الشهيدة زهرة”
كما وتحدثت أسماء مصطفى محمد التي أشارت إلى أن الكلمات لن توفي بحق الشهيدة زهرة, لأنها تعجز عن الإتيان بصفاتها وخصالها التي لطالما عُرفت بها بين رفاقها وأبناء شعبها, مبينةً أن زهرة كانت تمثل القدوة لهن ومثال العطاء والجهد والمحبة, وأنها لم تعرف التعب والصعوبات بل كانت دائماً نشيطة وعلى رأس عملها، بحسب تعبيرها.
وتطرقت أسماء إلى تلك اللحظة التي سمعت فيها نبأ استشهاد زهرة قائلةً: “فقدان رفيقة مثلها مُحِبة للجميع وطليعية في عملها كان بالأمر الصعب علي”.
وعاهدت أسماء مصطفى محمد في ختام حديثها بمواصلة النضال ورفع وتيرة النضال للاستمرار على خطى الشهداء حتى تحقيق النصر والحرية.
والجدير بالذكر أن المناضلة زهرة استشهدت أثناء أداء مهامها العسكرية بانفجار للغم أرضي كان مزروعاً على جانب الطريق عند دوار الشهداء شرقي مدينة منبج في صباح الـ24 من شهر حزيران من العام الجاري, وشيع جثمانها في اليوم نفسه بمزار الشهداء جنوب مدينة منبج.