سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الشعب السوري بين سندان (سيزر) ومطرقة المصالح الدولية

إعداد/ رفيق إبراهيم

بعد شد وجذب ورفض لقانون سيزر خلال الخمس سنوات الماضية، صدق مجلس النواب الأمريكي على قانون سيزر “لحماية المدنيين في سوريا”، بعد حصوله على تأييد 375 نائباً من الحزبين واعتراض 48 نائباً فقط، وبعد مصادقة مجلس النواب قُدِّم إلى مجلس الشيوخ ليتم المصادقة علية بغالبية مطلقة من أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ومن ثم ليُقدم إلى الرئيس الأمريكي ليوقّع عليه هو الآخر.
أصل التسمية والمغزى منه
سُمّي مشروع القانون بسيزر (قيصر)، وهو اسم حركي لمصوّر عسكري سوري انشقّ عن النظام السوري عام 2013، ونشر تسريبات لما يفوق 55 ألف صورة لـ 11 ألف من السجناء الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، قتلوا تحت التعذيب وعرضت هذه الصور في مجلس الشيوخ الأمريكي، وقد أثارت ضجة وردود أفعال غاضبة من المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية. وكان من المقرر انتهاء فعل هذا القانون بعد مرور خمس سنوات عليه، ولكن الكونغرس الأمريكي مدده لعشر سنوات أخرى، بغية النظر فيما ورد فيه مرةً أخرى، وأصدرت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بياناً في الثاني والعشرين من كانون الثاني 2019، بأن المجلس قد صوت على تفعيل القانون من أجل حماية المدنيين في سوريا، وفرض عقوبات جديدة أكثر صرامة على النظام وحلفائه وداعميه، في مجال الطاقة والأعمال والنقل الجوي. كما جاء في بيان للخارجية الأمريكية بأنها ستطلب من الرئيس الأمريكي فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة تتعامل مع النظام السوري، أو توفر لها التمويل بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن والمصرف المركزي السوري، وتشمل العقوبات الجهات التي توفر الطائرات وقطع غيارها التي تعمل لصالح شركة الطيران السورية، أو ممولي مشاريع البناء والهندسة أو صناعة الطاقة، وبموجب القانون يمكن للرئيس إلغاء العقوبات على أساس كل حالة على حدا.
الجهات المُستهدفة بقانون “سيزر”
كان قد قدم إلى مجلس النواب في عامي 2016 و2017، وفي المرتين صدق من قبله، لكنه ظلّ معلَّقاً في مجلس الشيوخ، إلى أن تم تقديمه هذه المرة وتم تمريره ليحيل إلى الرئيس ويوقّع عليه هو الآخر، ويعود الفضل في وصول مشروع القانون إلى هذه المرحلة إلى عدد من الناشطين السوريين في الولايات المتحدة. ينصّ مشروع القانون على فرض عقوبات على النظام السوري والدول الداعمة له (روسيا وإيران والصين)، لمدة 10 سنوات، بالإضافة إلى كل من يدعم النظام في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، وعلى كل “جهة أو شخص يتعامل مع النظام السوري أو يوفّر السيولة المادية لدعمه في حربه على السوريين. بحيث تشمل العقوبات الأشخاص الذين يقدّمون دعماً أو يشاركون في صفقات مع النظام، بما في ذلك “القوات العسكرية أو المقاولون الذين يتصرفون نيابة عن سوريا أو روسيا أو إيران، وأيضاً يفرض القانون عقوبات على من يبيعون أو يقدمون عن قصد البضائع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو المعلومات المهمة التي تسهّل أو توسّع الإنتاج النفْطي المحلّيّ للحكومة السورية، وعلى من يبيعون “الطائرات، أو الأجزاء أو قطع الغيار، أو الخدمات ذات الصلة التي تستخدمها القوات العسكرية التابعة للنظام السوري، وكذلك كل من يقدم الخدمات الإنشائية أو الهندسية. ويطال القانون شخصيات بارزة سياسية وأمنية من ضمنها الرئيس السوري ووزراءه ورؤساء الفرق والقوات المسلحة السورية، ومديري السجون والمحافظين ورؤساء الفروع الأمنية وغيرهم، ويقدّم القانون حلولاً جديدة عسكرية وغير عسكرية لحماية المدنيين المتعرضين للقصف والعالقين عند الحدود أو المهجَّرين من بيوتهم.
تطبيق القانون وأهميته للسوريين
لهذا القانون أهميته لكونه نتاج جهد سوري خالص وتعب من أجل إقراره الكثير من الناشطين والحقوقيين السوريين، وكان للجالية السورية في الولايات المتحدة الأمريكية دوراً كبيراً في تحقيق المبتغى من القانون، حيث جمعت تبرعات فاقت مليونَي دولار، وعملت ليل نهار حتى حققت النجاح والضغط على الكونغرس الأمريكي. وهذا القانون سيكون تحذيراً لروسيا بشكل خاص لأنها الداعم الأساسي للنظام، لأنها ستتخذ الحذر في التعامل مع النظام من الآن فصاعداً، والقانون سيمنعها من لعب أي دور، أو تمويل في إعادة إعمار سوريا، وهذه رسالة للروس مفادها أن عليهم “إعادة حساباتهم فيما يخصّ سوريا والتعامل مع النظام، وعلاقتهم به والعملية السياسية التي وباعتقادي ستنحو منحىً آخر نتيجة بنود قانون “سيزر”.
وهنا علينا الاستشهاد بقول مايكل ماكول، النائب الجمهوري الأمريكي الذي يقول: إن العالَم يجب ألا ينسى جرائم الأسد، وألا يطبِّع العلاقات مع نظامه”، وأن قانون سيزر لحماية المدنيين السوريين يضمن أن لا يعامَل الأسد إلا بصفته شخصاً منبوذاً.
ومن جهتها قالت صحيفة واشنطن بوست، إنه في حال توافرت الإرادة عند الإدارة الأمريكية، فإن القانون يمكن أن يُستخدم لفرض عقوبات جديدة تشكّل ضغطاً على نظام الأسد وروسيا وإيران، بما قد يدفعهم باتجاه التفاوض الجادّ حول حلّ سياسي في سوريا. وستواجه إيران وروسيا ضغطاً كبيراً نتيجة دورهم الكبير في بقاء النظام السوري حتى الآن، وستزداد تكاليفها لمشاركتها المباشرة في الحرب السورية والوقوف بجانب النظام، ويقول النائب الجمهوري في البرلمان الأمريكي آدم كينزينغر، لن تُنهِي هذه العقوبات الألم والحزن الذين سببته الحرب في سوريا، لكنها تبعث برسالة مفادها أننا لن نتجاهل الفظائع المرتكَبة، وسنضمن أن يدفع المسؤولون عنها الثمن الباهظ.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيساهم قانون سيزر (قيصر) على إسقاط النظام ورموزه أم لا؟ وبخاصة أن العقوبات جربت على دول عديدة ولم تستطيع إسقاط الأنظمة فيها، والاعتقاد السائد في الشارع السوري بأن هذه العقوبات سيكون ضررها الأكبر على الشعب السوري الذي يعاني بالأصل ما يعانيه اقتصادياً ومادياً.