سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الشاعر مروان شيخي: الشعر ليس مضيعة للوقت؛ القصائد تُخلد

وجوه ثقافية مع محمود عبدو

حوار/ محمود عبدو_

قد يبدو الشعر للبعض مجرد وسيلة لملء أوقات الفراغ، أو ضربا من ضروب التسلية والترويح عن النفس، لكن الشاعر السوري الكردي “مروان شيخي” يرى في الشعر معنى آخر، وسبيلاً أسمى، اذ يقول في فاتحة حوارنا معه: “لم يكن الشعر يوما مضيعة للوقت، والدليل ما وَصَلَنا منذ آلاف السنين من قصائد خالدة”.
سلسلة “وجوه ثقافية” والتي نسعى بها للتعريف بوجوه منطقتنا الثقافية – ما أمكن- مؤكدين، أن الثقافة لا زالت تشكل العمود لأيّ مجتمعات حيّة، لتكون حلقتنا الثالثة من عامودا أيضا مع أحد الوجوه الشّعرية والثقافية، والإعلامية الفاعلة الشاعر “مروان شيخي”. لنتشارك وإياه مناخاته وقراءاته وتصوراته عن منجزه الشّعري وتجربته:
ـ القصيدة لا زالت هاجسك اليومي وكأنك تتنفس الشعر، يوميا؟ ورغم انشغالاتك الحياتية، مدرسا سابقا وإعلامياً في التلفاز حاليا، نجدك مكثرا من قول الشعر، والنصوص الصغيرة، التي لا زالت تعكس وتمثل مروان الشاب؟ هل يشيخ الشعر أم يشيخ الشاعر؟
ربما يشيخ الشاعر شكلا، ولكن تبقى الروح فتية متنقلة بين مختلف الأعمار، والشّاعر الحقيقي لا يثنيه العمر، وبوده أن ينتشر في كل مساحة متاحة، فتراه يشعر نفسه كما لو في بدئه، لا زال ينحت الصخر. بينما الشّعر في حالة تجديد دائما يواكب العصر بكل تغيراته بالإضافة أنه لا كمال مع الشعر.
ـ أين يجد مروان والشاعر عموما نفسه في هذه المجتمعات التي لا ترى في الكتابة والإبداع والشعر تحديدا، غير مضيعة للوقت والجهد؟
لم يكن الشعر يوما مضيعة للوقت والجهد، والدليل ما وَصَلَنا منذ آلاف السنين من قصائد خالدة، وأبرر ذلك أنه في كل عصر مرّ كانت هناك مجتمعات تهمش الكتابة والإبداع، وتهاجمهم، وتصف بالوقت نفسه الكتابة بأنها لا فائدة منها، ولو يأس كل كاتب من كلام مجتمعه؛ لَما رأينا الملايين من الكتب في المكاتب، لذا فأنا أرى بدوري أن الكاتب الحقيقي والمبدع، لن ييأس أو بالأحرى لن يستطيع ترك الكتابة أبدا، وسيظل يكتب، ويبدع لآخر نفس في حياته.
ـ نجدك تنوس بين عدة أجيال متلاحقة لأي جيل ينتمي مروان شيخي شعرياً وفق نظره؟
كلامك سليم، خالطتُ أجيالا من الشعراء، وتعاملت معهم، رغم أني لست من محبي تقسيم الشّعر بين الأجيال، لكن أستطيع القول: إني كنت من جيل الثمانيات.
ـ السهولة اللغوية، وليونة الجانب والشعري، والذي نجدك تنحاز لهما عموما، ما مرده، وهل ثمة قصدية في اتخاذك للنص القريب من القارئ العادي سمة لأشعارك؟
لكل شاعر لغة خاصة فيه، وإلا لن يكون شاعراً، وليس بشاعر من لا يملك تلك الخصوصية، وفيما يتعلق بالسؤال، فله شقان، فهنالك الاستسهال اللغوي والشّعري، أما ما يتعلق بي فإن هذا الاستسهال خاصيتي الكتابية، التي أخاطب بها فئات المجتمع كلها، وأجده أصعب بكثير من الكتابة التي تنهش في جسد القصيدة بكلمات مثلومة بأيادٍ متطفلة على حديقة الشعر.
ـ وهل تجد النص الشعري معنيا بأسئلة الحياة والقضايا الكبرى، أم أنه تحول للفردي والشخصي أكثر؟
انا مسكون حتى الامتلاء بقضايا الإنسان الكبرى، الحب والحرية، والحلم، والسعي للالتحام بكل وجع آتٍ من أدغال نفس معذبة، أينما وُجدت، ووصل أنينها إلى أذُنيْ، لا أعتقد أنك تقرأ قصيدة لشاعر ما، ولا تجد فيها همّاً إنسانياً، حتى ولو كان همَّ قلبه وحده.
ـ أين هو مروان شيخي الآن لغة؟
طفل ظلّ وفياً لروح الطفولة والشّعر، ما زال يسكن فيه الطفل، الذي تجتمع فيه البراءة والسكينة، والتمرد والشغب، وإدمان اللعب بالكلمات وإيقاعاتها، والذهاب بعيداً في عالم الخيال وشطحاته. كل هذا جعل مني شاعراً قريباً من الروح الإنسانية، قريباً من الناس، الذين كتبت لهم وعنهم بلغتهم البسيطة واليومية عن حياتهم وعواطفهم، وعبرت عن فرحهم وغضبهم، وغنيت معهم أغاني الحب والوطن والطبيعة.
ختاما:
طالما هناك ألم في الحياة سيبقى الشاعر طفلا، ويكتب هذا الألم لا ليخفف عن نفسه فقط، وإنما عن القراء كونه يحمل على عاتقه حملا ثقيلا جميلا يستفرغ هذا الوجع بالكلمة.
الشعر لا يمكن أن يخدم جماعة ضد أخرى، الشعر ليس له وظيفة محددة ينتهي بأدائها، الشعر بحثٌ دائمٌ، وسؤالٌ مستمر يتناسل طرحه في أسئلة لا تتناهى، الشعر سؤال وليس جوابا، الجواب يقين ونهاية فيما الشعر هو شك باستمرار.
ـ نبذة عن مروان شيخي؟
مروان حسام الدين شيخي مواليد سوريا مدينة عامودا 1966، خريج معهد إعداد المعلمين 1989، معلم متفرغ لتدريب وتنمية مواهب الطلاب الموهوبين في كتابة الشعر.
معد ومقدم برنامج قناديل الثقافية في فضائية روج آفا، كتبت الشعر منذ منتصف الثمانيات، ونشرت أولى قصائدي حينها في الجرائد والمجلات السورية، ثم بدأت النشر في المجلات العربية والعالمية والكردية.
صدر لي مجموعة شعرية عام 1999 بعنوان (جسد لا يحتمل أعضاءه) عن رابطة كاوا للثقافة. وديوان شعري آخر بعنوان “أقودُ بكِ الغربة” عام 2018 صادرة عن اتحاد الكتاب الكرد-سوريا.
كتاب قناديل سيرة ذاتية من أربعة أجزاء أنجزت الجزء الأول لخمسين شاعراً وكاتباً، وبصدد كتابة بقية الأجزاء الثلاث.
كنت عضوا بلجنة تحكيم الشّعر في دورة مسابقة الشعر والقصة الشاعر إبراهيم الجرادي، والروائي إبراهيم الخليل عام 2022
عضو لجنة تحكيم مسابقة الشعر الشبابي في تونس عام 2019
كنت من ضمن أفضل الأدباء والإعلاميين في كتاب سيرة الإعلامي، والمبدع الصادر عن مؤسسة البنفسج الورقية لعام ٢٠٢٢
شغلت منصب نائب رئيس لاتحاد الكتاب الكرد في سوريا لمدة ثلاث سنوات، وعضو اتحاد مثقفي روج آفايي كردستان HRRK، عضو شعراء قصيدة النثر العربية.
لي مشاركات بقصائد في كتاب شعراء بلاد الشام للشاعر والناقد محمد عضيمة شاركت بأمسيات شعرية في أغلب المحافظات السورية وفي لبنان، عملت محررا في مجلة منابر لفترة وجيزة، شاركت في الكثير من المسابقات الشعرية محلياً وعربياً، أنشر في المواقع الثقافية الإلكترونية، لدي مخطوطات شعرية كثيرة غير مطبوعة تتجاوز خمسة دواوين.