الشاعر محمد علي حسو…في قلوبنا كما الوطن

عبدالرحمن محمد –

في كري موزان “أوركيش” كانت ولادته عام 1930م. وقضى فيها شطراً من حياته، في عائلة كادحة وطنية فقيرة الحال، وكان الابن الوحيد فيها، مما حدى بأهله تزويجه باكراً، ورغم إن مواهبه كانت واضحة في مقتبل العمر؛ إلا إن أولى قصائده كانت في مقهى “هافانا” بدمشق بين جمع من المثقفين والشعراء الكرد، حيث كانت لقاءات قامات عالية من أدباء وشعراء ومثقفين معروفين آنذاك أمثال أوصمان صبري، جكر خوين، الدكتور نورالدين ظاظا، موكرياني شاعر مهاباد وجمال نبز رئيس الحزب الشيوعي الإيراني ونال استحسانهم، ومنذ ذلك الوقت دخل ميدان الشعر الكردي، وبدأ بنظم قصائده الرائعة التي انتقى كلماتها كما تُنتقى حباب اللؤلؤ بعناية وإتقان، أنه الشاعر محمد علي حسو.

النشأة الريفية والمعاناة ورهافة الحس كانت الدافع للشاعر المبدع للإبداع والتميز من خلال عشرات القصائد، التي حملت نبضات قلب شاعر عاشق لوطنه محب لأرضه وشعبه شغوف بجمال الطبيعة والسحر المحيط به من كل جانب، وكانت الروح الوطنية والحس الوجداني السمة الأبرز في قصائده.

 المحطة الأبرز في حياته كانت عام 1960م. بفقدانه لأحد أبنائه في مأساة حريق سينما عامودا، ثم كانت المحطة الأخرى في حياته عند استشهاد ابنته “نالين” التي حمل ديوانه الأول اسمها عام 1988م. وهي التي استشهدت ضمن صفوف حركة التحرر الكردستانية، ثم دواوينه التالية: دردي ازيتييه، زيلان، برخودان، بالإضافة إلى عشرات القصائد الأخرى التي تحول العديد منها إلى أغنيات حُب وأناشيد ثورية غناها كبار الفنانين الكرد أمثال آرام ديكران وخليل غمكين وبنكين وسواهم، وحصل على جائزة جكر خوين للإبداع الشعري عام 2008م. وترك العشرات من المخطوطات الشعرية عند رحيله.

عرف الفقيد إلى جانب تميزه كشاعر ومثقف كردي بارز، بنضاله وكفاحه الوطني وكان السباق دوماً في العمل الوطني والمراحل النضالية الأولى في تأسيس الحركة الوطنية الكردية عام 1957م, وتعرض أكثر من مرة للاعتقال والسجن من قبل النظام، وناضل ضمن صفوف الحركة الكردية والشیوعیین،  وفي عام 1993 كان معتقلاً في سجن الحسكة المركزي ونجا بأعجوبة من الحريق الذي اعرض له السجن ليكتب له عمراً جديداً كما يقال.

غيَّب الموت “بافي هفال” عن أحبابه وخلانه ومحبيه، ورحل عن قامشلو التي أحبها جسداً وبقيت روحه وأعماله وكلماته في الأذهان والوجدان يوم الرابع من آذار عام2016م. ويقع ضريحه اليوم في مقبرة الهلالية الجديدة، بينما تغنى قصائده كل يوم على كل لسان لتقول له أنك في قلوبنا كما الوطن الذي عشقته دوماً.