سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

السرايا… أقدم مقهى في الرقة

تقرير/ صالح العيسى –
مقهى السرايا أقدم مقهى في مدينة الرقة، حيث تزامن افتتاحه الأول مع وجود السلطة العثمانية في المنطقة. سمي بهذا الاسم نسبة لمكانه الواقع أمام مبنى الحكومة العثمانية الذي كان يطلق عليه أهالي الرقة اسم السرايا، أو المتحف حالياً، وكان الأهالي من أبناء الرقة ريفاً ومدينةً يقصدون مبنى السرايا لتوقيع الأوراق الرسمية وإجراء المعاملات، وكان ازدحام المراجعين أمام السرايا سبباً في افتتاح المقهى، ففي مثل تلك الظروف كان من السهل جذب الزبائن. تم افتتاح هذا المقهى للمرة الأولى في حقبة الأربعينيات من القرن المنصرم، وكان المقهى ملتقى للمفكرين من أبناء الرقة ناهيك عن رواده اليوميين من أبناء الريف والمدينة، حتى أصبح الجلوس في فيه عادةً لا يستغني عنها أبناء الرقة جيلاً بعد آخر، يحمل المكان في حناياه ذكريات جميلة لبعض من يرتادونه، فمنهم من كان يجلس مع والده أو جده؛ يتبادلون النقاش في أمور حياتهم ومنهم من كان يلتقي بأصدقائه فيه فيأتي الآن يستذكر جلساته معهم، إلى أن مرت الرقة بالحقبة السوداء وهي فترة سيطرة مرتزقة داعش حيث أغلقت جميع المقاهي أبوابها حتى التحرير.

وبعد استقرار الرقة وعودة الأمان إليها ورجوع أبنائها إليها وسريان نبض الحياة في جوانبها، أعيد افتتاح مقهى السرايا مجدداً، ليصبح محط رحال لأبناء الرقة كافة، وذلك في مبادرة من أبناء الرقة لإعادة إحياء تراث الرقة، واليوم يرتاد المقهى جميع أبناء الرقة الذين اشتاقوا للجلوس في المقاهي، من مثقفين ووجهاء عشائر وغيرهم، وزبائن هذا المقهى من مختلف الأعمار أيضاً، ليكون الجلوس فيه من أروع الأمثلة للتآلف والانسجام ما بين مكونات المجتمع، ومع تغير مكان المقهى إلًا أن الجميع يتوافدون إليه مصورين في ذلك مشهداً كان بالنسبة لأبناء الرقة أشبه بحلم في السنوات الثلاث الماضية.