سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الرياضة السوريّة تعاني والمنتخب هو الضحية

روناهي/ قامشلو ـ الفساد المستشري في جسم الرياضة السوريّة التي يسيطر عليها العسكر طوال عقود، ما زال يقف أمام تأهل المنتخب السوري لكأس العالم وأيضاً بسبب المحسوبيات ما زال حرمان المواهب مستمراً من ارتداء قميص المنتخب الذي يختلف عليه السوريون هل هو منتخب وطني أم منتخب واسطات؟.
كان حلم الكثير من اللاعبين للعبة كرة القدم ارتداء قميص المنتخب السوري، وكان حلم الجماهير وصول المنتخب لكأس العالم، حلمان لم يتحققا حتى الآن، ولأسباب كثيرة أولها الفساد الذي ينخر في جسد الرياضة السوريّة بشكلٍ عام وكرة القدم بشكلٍ خاص.
مع بداية الانخراط في ممارسة كرة القدم يصبح حلم الكثيرين اللعب مع المنتخب السوري لكرة القدم، حلم لم يحققه الكثيرون لأسباب كثيرة منهم لعدم وجود واسطة، رغم موهبتهم الكثيرون ماتت أحلامهم وتركوا كرة القدم ومضوا في طريقهم وتلك الحسرة بقلوبهم وآخرين هاجروا البلاد وبقي اللعب مع المنتخب حلمهم، أما الذي كان من القومية الكردية فنادراً ما كان يُستدعى للمنتخب أو يصبح أساسياً والسبب لأنه كردي.
ومع بدء تصفيات التأهل لكأس العالم في كل مرة كانت الجماهير تُمني النفس بتأهل المنتخب السوري لكرة القدم، ولكن في المقابل كان هناك من يقول هذا المنتخب لا يمثلنا بكونه منتخب يفتقر للكثير من العوامل وأهمها عدم ضم اللاعبين من كافة الأندية والمناطق، والاعتماد على لاعبين من أندية معينة، وهو منتخب واسطات لا أكثر ولا أقل، وباتت معروفة هذه المقولة عن المنتخب السوري منذ عقود.
العسكر في الرياضة
الرّياضة السّوريّة تُعاني وعلى وجه الخصوص كرة القدم من الكثير من المشاكل والمعضلات، بدءاً من الفساد الإداري إلى المالي وصولاً لتسيّد العسكر زمام الأمور في انتقاء المنتخبات الوطنية وإدارات الأندية، وهذ الأمر واضح، حيث الرئيس السابق للاتحاد الرياضي العام السوري كان برتبة لواء سابق في الجيش “العربي” السوري وهو موفق جمعة، أما الاتحاد السوري العربي لكرة القدم فقد استلمه أيضاً حاتم الغايب وهو عميد في الجيش السوري منذ عام 2019، وتولى زمام الأمور من قبل العسكر وذلك مستمراً في البلاد وهذا الأمر يؤثر على كافة المجالات وخاصةً الرياضة، والدليل المنتخب السوري لم يتأهل إلى الآن إلى كأس العالم ولا إنجازات كبيرة تُذكر على الصعيد العربي حتى الآن.
سوريا تعجّ بالمواهب والنّجوم ولكن المحسوبيات والفساد يطغيان على رياضاتها بشكلٍ عام، ممّا شكّل عدم بروز إنجازات حقيقية للرياضة السوريّة باستثناء بعض المرات بالفوز بميداليات على صعيد الألعاب الأولمبية والفردية، وفي لعبة كرة القدم معشوقة الجماهير السّورية ما زال حلم الجماهير هو التأهّل لمونديال كأس العالم، ولكن بسبب عدم التّعاقد مع مدربين أكّفاء وخبرات حقيقية قادرة لإدارة دفّة الفريق، ناهيك عن تدخّل المحسوبيات والتداخلات العسكرية لانتقاء اللاعبين، تسبّب كل ذلك بعدم تأهل المُنتخب ولو لِمرَّة واحدة إلى مُونديال كأس العالم.
وقبل نهاية عام 2019، تم انتخاب العميد حاتم الغايب رئيساً للاتّحاد “العربي” السّوري لكرة القدم، وفاز العقيد زكريا قناة بمنصب نائب الرئيس، إذاً عميد رئيس للكرة السوريّة ونائبه عقيد بغض النّظر عن تاريخ الشخصين من النّاحية الرّياضية، ولكن متى نشاهد أشخاص رياضيين لم يتطوعوا في السّلك العسكري يديرون الدّفة الرياضية؟ فحتى رئيس الاتّحاد الرّياضي العام السابق كان هو اللواء المُتقاعد موفّق جمعة، الذي ظهرت الكثير من قضايا الفساد ضده ووضع ملف فساد كامل على طاولة المحكمة الدولية الرياضية (الكاس) عام 2019، وفي عام 2020، استلم عنه السباح السابق فراس معلا بأوامر من القيادة القطرية لحزب البعث بحسب تقارير صحفية وقتها، ولكن حصل ذلك ضمن المؤتمر العاشر للاتحاد الرياضي وموفق جمعة دام توليه لهذا المنصب عشرة أعوام تقريباً.
 كل ذلك يدلّ بأن النّظام السوري لم يترك شيئاً إلا وربطه بالمؤسسة العسكرية، والرّياضة مثلها مثل الجوامع والجامعات والمدارس كلها أصبحت تابعة لإدارة العسكر، وهذا الأمر وحده كافياً بعدم تحولنا وتوجهنا لتصحيح المسار في البلد ككل.
استقالات وإقالات؛ فَساد وخلافات
لن نعود كثيراً للوراء، حيث الرياضة السورية المسلسل متشابه فيها منذ عقود، وخاصةً قضية رئيس الاتحاد الرياضي العام ورئيس الاتّحاد “العربي” السّوري لكرة القدم، فهي دائماً رهينة العسكر، وبعد قيام الثورة بعام 2011، ووسط انتظار الجميع بإصلاحات حقيقية في البلاد، فإننا لم نشهد أيّة خُطوة حقيقيّة من قبل النظام السوري في كافة الأصعدة، ووضع الحل العسكري قبل كل شيء، وفي الرّياضة لم تتحسن حالة الرّياضة وفي لعبة كرة القدم الشّغل الشّاغل للجماهير السوريّة الأمور ما زالت تدور في دوامةٍ مجهولة إلى ما لا نهاية، حيث تولّى صلاح رمضان رئاسة الاتحاد “العربي” السوري لكرة القدم في عام 2012 خلفاً لفاروق سرية الذي أصبح معروفاً بفساده داخل الرّياضة السّوريّة والكرة السوريّة بشكلٍ خاص.
ولكن صلاح رمضان قدّم الاستقالة في آذار من عام 2018، بعد خلاف بينه وبين رئيس الاتحاد الرّياضي العام اللواء موفق جمعة، بسبب عقد اتفاق تعاون وقّعه رئيس اتحاد الكرة صلاح رمضان مع القطري حمد بن خليفة آل ثاني، ولكن تم معارضة هذا الأمر بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس وقتها.
بعد ذلك قدم صلاح رمضان استقالته ليتولى المهام عنه محمد فادي الدباس في أيار 2018.
الدباس تعرض لانتقادات شديدة على أثر الخروج المخيّب للمنتخب السوري من بطولة كأس آسيا 2019، فالجماهير والمختصون طالبوا باستقالته نظراً لسوء إدارة المنتخب وتهميش الإعلام، واعترف بارتكاب أخطاء ولكنه ظل متشبثاً بالمنصب رافضاً أن يستقيل.
في أواخر العام نفسه قدم فادي الدباس استقالته مع كافة أعضاء الاتحاد بعد الخسارة من منتخب لبنان في بطولة غرب آسيا، وجاء ذلك بسبب الضّغوطات وخاصةً الإعلامية، بعدها أصدرت دائرة الرّقابة الماليّة السوريّة قرار يقضي بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة للدّباس وزوجته، وأعلنت اللجنة الأولمبية السّورية عن تشكيل لجنة مؤقتة لتسيير أعمال اتحاد الكرة المستقيل برئاسة عضو اللجنة الأولمبية إبراهيم أبا زيد وعضوية فايز الباشا وفايز خراط ومحمد جقلان، وفي الأيام الأخيرة من عام 2019، تم انتخاب العميد حاتم الغايب رئيساً للاتحاد “العربي” السوري لكرة القدم، خطوة وجدها البعض بأنها في مكانها بخصوص شخصية حاتم الغايب الّذي يُمارس الرّياضة مُنذ عقود.
ولكن ظهرت أصوات أخرى تنتقد الخطوة وهي الإبقاء على العسكر للسيطرة على المناصب الرياضية في سوريا، وبالفعل لم يتغير شيء على حال الكرة السوريّة رغم بعض التسريبات الإعلامية والتي أدّعت بأنّ حاتم الغايب قال بأنّ اللواء موفق الجمعة رئيس الاتحاد الرياضي العام لن يتدخّل بعمله في الاتحاد “العربي” السوري لكرة القدم، ولكن سرعان ما ظهر زيف هذا الكلام وقتها وعدم قدرة الغايب حتى الآن لتغيير واقع الرّياضة السوريّة واتهمه الكثيرون بأنه فاسد مثله مثل الذين سبقوه بعد أن رفض الاتحاد “العربي” السوري لكرة القدم اعتراض نادي حِطّين على نادي الجيش وحضور مدرب الجّيش المعاقب لمباراة الفريقين ودخوله الملعب، وليتم معاقبة نفس المُدرِّب وحرمانه مباراتين من مرافقة الجيش مع تثبيت نتيجة المباراة والتي خسرها حطين، وذلك في عام 2020.

محَاكم دوليّة رياضيّة
ووضِع ملف فساد كامل على طاولة المحكمة الدّولية الرّياضية (الكأس) يتضمن الملف حسب تسريبات جميع التجاوزات الغير قانونية التي قام بها رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم فادي دباس وأعضاء الاتحاد السوري لكرة القدم، والمكتب التنفيذي، واللواء موفق جمعة رئيس الاتحاد الرياضي العام عندما كانوا في مناصبهم.
وحسب التّسريبات أنّ ملف الدّعوى يطال شخصيات لها وزنها في الرّياضة السّورية وكرة القدم خاصةً.
الجّدير بالذِّكر أنّ هذه ليست الدّعوى الوحيدة المرفوعة على اتحاد كرة القدم السوري لدى محكمة الكأس حيث إنه هناك دعوى أخرى مرفوعة على الاتحاد السوري سابقاً من قبل شركة هولندية ضد الاتحاد السوري بخصوص مستحقات الشركة المالية التي يتغاضى الاتحاد السوري بتسديدها وتضاعف المبلغ بسبب تقاعس رئيس الاتحاد فادي الدباس المستقيل في عام 2019 في تسديد حقوق الشركة.
المنتخب مُتصدّر ولكن هل من أمل؟
بدأ السوريين كما العادة بالسخرية من المعسكر الذي بدأه المنتخب السوري لكرة القدم بقيادة المدرب التونسي نبيل معلول؟؟؟ بحيث ضم فقط سبعة لاعبين، والبعض طالب المدرب بالتوجه لفرق الأحياء الشعبية في المدن والقرى للحصول على اللاعبين وقالوا هل نفتقر للاعبين حتى يكن المعسكر فقط بسبعة لاعبين؟.
المنتخب يبدو سوف يعتمد على المحترفين، ولكن قضية التجانس في اللعب والأمور التكتيكية باتت تؤرق السوريين ويخافون مثل كل مرة، بعدم تأهل المنتخب وندب الحظ ولوم بعضهم البعض وفي المحصلة المنتخب ضحية والجماهير التي تساند المنتخب.
وانطلقت استعدادات المنتخب السوري يوم الأحد الماضي ودخل معسكر تدريبي داخلي بدمشق تحضيراً لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم (قطر ٢٠٢٢) وكأس آسيا (الصين ٢٠٢٣)، حيث ستلتقي الشهر القادم منتخبات (المالديف، غوام والصين) ضمن منافسات المجموعة الأولى.
المعسكر الداخلي في دمشق سيكون ناقصاً من لاعبي تشرين والوحدة الذين تم استدعاؤهم إلى القائمة بسبب مشاركة ناديي الوحدة وتشرين في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي وكذلك هو حال اللاعبين المحترفين في الدوريات العربية والأوروبية إلى حين انتهاء منافسات أنديتهم.
وشهد المعسكر انضمام كل من: إبراهيم عالمة خالد إبراهيم ـ عبد اللطيف نعسان ـ حسين جويد ـ يوسف الحموي ـ مؤمن ناجي ـ محمد عنز ـ محمد ريحانية، بغية استمرار جاهزيتهم الفنية والبدنية وعدم انقطاعهم عن التدريب بعد أن انتهت المسابقات الكروية المحلية.
وسيدخل المنتخب السوري المعسكر الخارجي: في دبي يوم الخميس ٢٠/٥/٢٠٢١.
ومن ثم سوف يسافر إلى الصين (شنغهاي) : يوم الأحد ٣٠/٥/2021.
أما مواعيد مباريات المنتخب السوري في التصفيات:
ـ سوريا × المالديف ( الاثنين ٧/٦/٢٠٢١ ١٠:٠٠ صباحاً).
ـ سوريا × غوام (الجمعة ١١/٦/٢٠٢١ ١٠:٠٠ صباحاً).
ـ سوريا × الصين (الثلاثاء ١٥/٦/٢٠٢١ ٢:٣٠ ظهراً).
ويتصدر منتخب سوريا الأول فرق مجموعته برصيد ١٥ نقطة.