سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الرقة تنفض غبار الإرهاب الداعشي وتعود للحياة الآمنة

الرقة/ حسين علي ـ

يعدُّ تحرير مدينة الرقة من مرتزقة “داعش”، ذكرى تاريخية سطرها الشعب السوري في شمال وشرق سوريا بريادة قوات سوريا الديمقراطية، فكانت لحظة فارقة في مسار الحرب ضد الإرهاب، ولا يمكننا التغاضي عن أهمية الرقة وتأثيرها الواسع لامتلاكها خليطاً مجتمعياً من مختلف الشعوب.
كانت مدينة الرقة واحدة من أكثر المدن السورية تضررًا بفعل القمع والظلم، الذي فرضه مرتزقة داعش على السكان المحليين، فقد تعرضت للتدمير والاستغلال، وشهدت أفظع أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان، وكانت الحياة في الرقة تحت سيطرة داعش كابوسًا مريعًا، حيث عمّ الرعب والقهر، بالممارسات الشنيعة والآثمة التي فعلتها المرتزقة من داعش.
وبالرغم من كل ما فعلته تلك المرتزقة من إرهاب وقتل، فإن الشعب السوري والقوات المقاتلة الباسلة لم يستسلموا أمام هذه الوحشية، حيث أطلقت قوات سوريا الديمقراطية حملة تحرير الرقة في عام 2017، وكانت عميلة تحدٍ كبير، فمدينة الرقة كانت تُعدُّ عاصمة لمرتزقة داعش، التي استخدمها مقراً رئيسياً، لتخطيط وتنفيذ هجماتها الإرهابية، وخاصة الصالات والأماكن الرسمية ساحات قتل وتعذيب مثل الملعب البلدي، الذي كان يسميه أهل الرقة الملعب (الأسود)، فكان يطلق عليه مرتزقة داعش النقطة (11)، حيث كان يشهد عمليات تعذيب النساء، والجلد والقتل والتحقيق وغيره، حسب ما ذكره بعض الشهود، وقد التقت صحيفتنا “روناهي” عدداً من أبناء مدينة الرقة، ومنهم المواطن “إبراهيم العلي“: “لم نستطع الدراسة إبان سيطرة مرتزقة داعش؛ لأنهم كانوا يحاربون التعليم، أما الآن فنقوم بالتحضير والدراسة، وهناك تشجيع من الإدارة الذاتية للتعليم”.
وأضاف: “ندعو الشباب، الذين هجروا المدينة بالعودة إلى أرضهم ومنازلهم في الرقة”.
حالة المدينة قبل التحرير وبعده
وتعدُّ حملة تحرير الرقة أحد أبرز الانتصارات في الحرب ضد الإرهاب، حيث مارست قوات سوريا الديمقراطية جهوداً جبارة لتطهير المدينة من الإرهاب، واستغرقت العملية عدة أشهر من المعارك الشرسة والتضحيات البشرية الكبيرة، ولكنها أسفرت في النهاية عن تحقيق النصر وتحرير الرقة.
وفي درجة الاختلاف بين الرقة زمن داعش وبعد التحرير قال “عبد الرحمن حاج حسن“: “هناك اختلاف كبير بالمجالات كافة، فكان العمل مقيداً ويقتصر على فئة قليلة، لكن بعد التحرير استطعت أن أفتح محلاً بمشاركة أخوتي وبمتابعة مؤسسات المجلس المدني في الرقة وعن طريق اللجان، التي تستمر بالقيام بواجباتها رغم الصعوبات”.
التحول الكبير بعد التدمير للمنشآت الخدمية في الرقة
وبعد تحرير المدينة، بدأت عملية إعادة الإعمار والاستقرار، وتم تسليم الإدارة المحلية إلى المجلس المدني في الرقة، الذي بدأ في تنظيم أمور المدينة وإعادة بنائها، وتعاونت العديد من المنظمات الدولية والإقليمية في تقديم المساعدة الإنسانية والدعم لسكان الرقة لإعادة بناء حياتهم، وتوفير الخدمات الأساسية، وفي ذلك، أوضح الرئيس المشترك للجنة الشباب والرياضة “مظلوم حمو” لصحيفتنا: “كانت مدينة الرقة عاصمة لمرتزقة داعش الإرهابية، وكان ذلك الإرهاب والإجرام خطراً على كامل الإنسانية في العالم”.
وتابع: “استطعنا تحويل ملعب الرقة البلدي، لملعب حقيقي ومتنفس للفئة الشابة، بعد ما كان معتقلاً للأبرياء من المواطنين، الذين تلاحقهم عناصر المرتزقة من داعش”.
وأكد: “ورغم الدمار، التي لحقت فيه عملنا على تعشيب أرضية الملعب، وترميم الصالات للألعاب المختلفة، وتجهيز المدرجات، وأقسام أخرى”.

ممارسات مرتزقة داعش ضد المرأة
وتحرير الرقة ليس فقط انتصارًا عسكريًا، بل هو أيضًا رمز للأمل والصمود للشعب السوري، فقد أظهرت هذه الحملة الجرأة والعزيمة والقدرة على التغلب على الإرهاب واستعادة الحرية والكرامة، فالمرأة كانت الأكثر تضرراً من إرهاب مرتزقة داعش حيث فرضت عليها القيود السوداء، “تغطية العيون، ومنعها من الخروج والعمل وإذلالها بكل الوسائل القمعية”، وفي ذلك قالت الناطقة باسم تجمع نساء زنوبيا “سوسن الخلف” لصحيفتنا: “إن المرأة لم تستطيع التعبير عن وجودها أثناء سيطرة “داعش” على مدينة الرقة، فالكثيرات من النساء تم قتلهن بدم بارد، وجلدهن، وسجنهن بتهم غير منطقية، وغير مقبولة في الأديان”، مضيفةً: “ولكن بعد تحرير مدينة الرقة من إرهاب داعش، استطاعت أن تثبت ذاتها وتساند الرجل في المجالات كافة، واستطاعت أن تساهم بإعادة الإعمار في مدينة الرقة”.
وفي المجمل تحرير الرقة لم يكن نهاية المقاومة أمام الإرهاب، فلا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه المدينة والمناطق المحيطة بها، ويتطلب الأمر جهودًا مشتركة لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، وتوفير الخدمات الأساسية وتعزيز التنمية الاقتصادية، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم التعامل مع التحديات الأمنية المتبقية، وتطهير المنطقة من العناصر المتطرفة المتبقية، كما ويجب أن تستمر الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب، ومنع عودة المجموعات المرتزقة، وأن تعمل الدول المعنية على تبادل المعلومات والاستخبارات، وتعزيز التعاون الأمني لمواجهة التهديدات والحروب التي تستهدف المنطقة برمتها، ويعد تحرير مدينة الرقة من إرهاب “داعش”، حدثاً تاريخياً يجب علينا أن نحتفل به ونستذكره، فإنه يذكرنا بقوة الإرادة البشرية، وقدرة التغلب على الشر والظلام، وعلى الرغم من التحديات القائمة، فإن تحرير الرقة يعطينا الأمل بمستقبل أفضل وأكثر استقرارًا للمنطقة، حيث يمكن للأهالي أن يعيشوا بسلام وحرية، ويبنوا مستقبلًا مشرقًا لأجيالهم القادمة عبر مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، الذي هو الحل الأنسب لجميع المشكلات العالقة في سوريا.
 يشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية حررت مدينة الرقة بشكل كامل من مرتزقة داعش بدعم من التحالف الدولي في السابع عشر من شهر تشرين الأول عام 2017، بعد معارك شرسة شهدتها المدينة، خلفت على إثرها دماراً هائلا لمناحي الحياة كلها، حيث أعادت الأمان والحياة والإعمار إليها.