سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الرأسمالية تدفع بالنساء أن يكنَّ سجينات المظهر

مع انتشار عمليات التجميل بشكلٍ كبير أكدت طبيبات وعالمات في الجنولوجيا أن لعمليات التجميل مخاطر صحية تترك تداعيات سلبية على صحة المرأة وعلى واقعها الاجتماعي والاقتصادي.
ازدادت مؤخراً نسبة عمليات التجميل لدى النساء من منطلق أن الشكل الخارجي هو معيار للجمال، ولكن الجنولوجيا (علم المرأة) وأيضاً الطب يعارضان هذه الفكرة ويؤكدان أن مضمون الفرد هو الذي يمثل جماله وأن هذه العمليات ليست سوى تقليداً وتأثيراً بالمجتمعات الغربية.
بات التشابه في الملامح وخروج الفرد عن شكله الطبيعي بعيداً عن حقيقته، ظاهرةً نشاهدها يومياً على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الافتراضي، حتى بتنا نراها بين أفراد المجتمع، إنها العمليات التجميلية التي تلجأ إليها الكثير من النساء لإجراء تعديلات على أماكن معينة في وجههن أو مناطق أخرى من جسمهن، وأكدت معلمة لمادة الجنولوجيا في مقاطعة منبج بإقليم شمال وشرق سوريا أن عمليات التجميل هي حرب رأسمالية ضحيتها النساء، فيما قالت طبيبة من مقاطعة الرقة بأن عمليات التجميل وجِدت لعلاج التشوهات الخلقية أو التشوهات التي تكمن نتيجة الحوادث بينما ما يحدث الآن هو مجرد تقليد للمجتمعات الغربية، وينجم عنها الكثير من الأمراض المزمنة.
عن أسباب توجه النساء لإجراء عمليات التجميل؛ قالت معلمة الجنولوجيا “علم المرأة” كندا جميل: “لاحظنا مؤخراً ازدياد نسبة عمليات التجميل وتعود أسباب هذه العمليات إلى المفهوم الخاطئ عن الجمال، فالمرأة بطبيعتها تحب الجمال ولكن قاسته وفق المجتمع الذي يقيس الجمال وفق المظهر الخارجي للمرء وما يوحيه الشكل الخارجي للآخرين، إلى جانب التأثر بمواقع التواصل الافتراضي والإعلانات التي تروّج لهذه العمليات”.
لافتةً إلى أن “لهذه العمليات الكثير من التداعيات على صحة المرأة وعلى واقعها الاجتماعي والاقتصادي أيضاَ، فهذه العمليات نتج عنها حالات وفيات وتشوهات في الجسد، كما أثرت على الطبيعة البشرية، فالآن نلاحظ أن ملامح الغالبية باتت تشبه بعضها، رغم أن الأفراد يتميزون باختلافاتهم”.
وأشارت إلى أن “الرأسمالية التي تدّعي وتروّج لمثل هذه العمليات أثرت بشكلٍ سلبي على واقع النساء بعد أن جعلتهن آلة تتبع هذه العمليات، وأصبحن نسخ متشابهة وكأنهن مستخرجات من آلة طابعة واحدة سواء شكل الشفاه أو عمليات نحت الخصر والأنف والشد والنفخ، ولو تأملنا قليلاً ندرك بأنه بهذا العمق مارست حربها على المرأة وأصبحت الكثيرات ضحية ذلك”.
وتطرقت إلى منظورهم كجنولوجيا لمفهوم الجمال لدى الفرد قائلةً: “نحن نبحث عن جوهر ومضمون الفرد، فلا يمكن أن نصف فرداً أنه جميل وفق ما يوحيه مظهره الخارجي ولا يمكن نعت أحد بهذه الصفة إذ لم يكن أهلاً لها فنحن لا نقيس الجمال بناءً على الشكل الخارجي، بل نقيسه وفق عقل وتفكير ومنطق الفرد، وهذا الجمال لا يمكن أن نقيّمه إلا بعملية التواصل مع الفرد والتعرف عليه”.
أما عن طرق الحد من عمليات التجميل والتعريف بالمعنى الحقيقي للجمال أفادت بأنه “لا يمكن الحد من عمليات التجميل إلا بإدراك المفهوم الحقيقي للجمال، وتداعيات عمليات التجميل الصحية التي من الممكن النجاة منها أو لا، وهذا يحتاج إلى حملات توعوية للنساء، فإذا عرفت المرأة أن جمالها الحقيقي بجوهرها فستغير من وجهة نظر المجتمع أيضاً لمفهوم الجمال”.
وقد أجرى مركز دراسات الجنولوجيا مسبقاً دراسة حول مفهوم الجمال والأخلاق واستنتجوا خلالها بأن الكثير من النساء يهتمن بالمظهر الخارجي ظناً منهن أنه يزيدهن ثقة بذاتهن أو يكمّل نقص ما في داخلهن، ولكن هذا المفهوم لا يطابق لحقيقة الجملة وأسلوب اكتساب الثقة، ووفق ما استنتجوه من هذه الدراسة، وضعوا خطة واستراتيجية للتغيير من هذا المفهوم كما أوضحت كندا مشيرةً إلى أن “الرأسمالية هدمت المفهوم الحقيقي للجمال واستغلت قلة وعي المجتمع لبث هذه الأفكار بينهم، وبدورنا اليوم نساهم في بناء المفهوم الحقيقي للجمال للرقي بواقع مجتمعنا، وعملية البناء ليست كالهدم تحتاج وقت وجهد أكبر”.
بدروها قالت الطبيبة والرئيسة المشتركة لنقابة الأطباء في مقاطعة الرقة “زينب بهجت الحسن” التي تحدثت عن أسباب اللجوء إلى عمليات التجميل: “لقد أوجِدت عمليات التجميل لإصلاح التشوهات أو آثار حوادث شوهت جزء من جسم الفرد أو أدت لسوء في الحالة الصحية كالحرق أو تشوهات ولادية أو خلقية، وتأتي هنا عملية التجميل كعلاج وحل نوعي لأنها تعتبر من درجات الإصلاح في مثل هذه الحالات”.
مضيفةً أنه “الكثير من عمليات التجميل تحدث تحت تأثير العائلة والبيئة من مفهوم بأن ذلك يزيد ثقة الفرد بذاته، وهذه ليست من ثقافة مجتمعاتنا بل تعتبر صرخات الموضة والتي مصدرها البلدان الأوروبية، ولاحظنا مؤخراً نسبة التشابه بين النساء وعلى وجه الخصوص المشاهير وكأنهم مستنسخين”.
وأوضحت إن “غالبية عمليات التجميل تكون جراحية أي تحتاج إلى ضغط وسكر وخضاب سليم وتحاليل صحيحة، فمن الممكن أن تحدث اضطرابات في الضغط أو السكر خلال العملية الجراحية، كما قد تحدث أخطاء في العمل التجميلي تكون النتيجة حصول تشوهات”.
وعن مخاطر العمليات التجميلية، قالت: “إن أخطر عمليات التجميل التي تنعكس بشكلٍ سلبي على صحة المرأة هي التي تحتاج إلى التخدير لساعات طويلة بالإضافة إلى أدوية كثيرة، وهو ما قد يؤدي إلى إصابة النساء بجلطات دماغية أو الإصابة بأمراض مزمنة”، لافتةً إلى أنه بالإمكان تعويض تلك العمليات بممارسة الرياضة أو اتباع حمية صحيّة.
وترى زينب إن “الشكل الخارجي مهم ولكن ليس بالدرجة التي تغلب أهميته على صحتنا، ولكن مفهوم الجمال الحقيقي ينطلي على جمال الروح لأنه ينعكس على حقيقتنا وطاقتنا”، وتوجهت بنصيحة لجميع النساء “على المرأة ألا تتأثر بما يجري في العالم وأن تتميز بصفاتها والشكل لا يعتبر معياراً للجمال ولا أساساً تُبنى عليه الثقة”.
وكالة أنباء المرأة