سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الخريفُ إشاحة الماضي واستقبال تغيير جديد

عبد الله رحيل_

في العَامِ يأتي مرةً واحدةً، يُغيِّبُ قيظَ الصَّوائفِ، فتعبث المراعي بصدى نايٍ محزنة، لفَّها الوادي بأشجان موغلة، عُلِّقت ألحانه على أغصان أشجار مجردّة، وزهورها ذابلة مكفهّرة، كم هي الشكوى تعثر في ألفاظ ممدّدة، وكم هي القاع موحشة، فحمامُها الهَدِلُ هجر أعشاشه المقفرة في وجوم التلال والسهوب.
 مثل مسافر من أرض هجرته عاد، تحدوه رياح الخريف على شدو الجداول بالخرير، وطيور الغاب توسّدت طريق الرجوع، منتظرة فرحاً جديداً، فهناك بين المنحنيات والهضاب، ريح أدارت جهة الهبوب؛ لتلمّ قصص الليل البهيم، ووريقات صفر مخدّرة بين أعشاش العنادل، على مداخن منازل خريف قد طرق الأبواب مسرعا، تعلو الأرجاء ثم تغطُّ بنوم عميق، أدمى عينيها تجرّد الأديم؛ فلبس لونه الخمريّ لثورة التغيير، هادئا سيرك أيّها النهر المتجعّد كأفعوان شاردة ملّها الجحر القديم، قد أبطأه تزاحم التغريد للقاء المطر الدفيء على خدود ذرات التراب المُعَنَّى بحبِّ الندى والمطر.
فقف أيّها الرائي على المنحنى، وجُلْ بنظرتك الكليلة نحو مديد صفو السماء، ترَ السحب العليلة قد نبهت الغسق بولادة المطر، ثم غِبّ من خضله الهاطل كدفء بكاء الطفولة، طرباً أنت كالفضاء الرحيب، تسمو بعينيك ثم ترحل مثلما الفكر، متلفِّعًا وشاح الحبور من حقيبة خير القدر.
هو مَوات لبدء كان منتظرا، وهو حياة لموت كان مأمولا، وهو بدء لنشء آخر، في موسم ريح تذرو أمامها نحو الفناء كلّ قديم لم يتقن فن البقاء، وكذلك هم البشر، فلا تصحبَنَّ مَنْ لم يتقن فنَّ حسن اصطحابك.
يَبَابٌ ويَبْسٌ ممتدٌّ بصمت الأمكنة، وانسلال الغروب نحو التجدُّد، في جفاء العين، والجسد، لكنه بدء خريف فيه أنواع السحر، وصفاء ماء بجداول ملَّت غبار التقادم، وتلوُّث وجه الماء المجرور، وغنّت على لقاء البدور في انعكاس ألوانها في عتمة الديجور، فجميل من الشاعر العراقي بدر شاكر السياب نظمه للخريف، لكنّه أمات التبديل فيه، ونشر البكاء والكآبة في لياليه، حتى بدا هو والخريف ضدّين في طبيعة التغيير والنمو:
في ليالي الخريف،
حين أصغي
وقد مات حتى الحفيف
والهواء
تعزف الأمسيات البعاد
في اكتئاب يثير البكاء“.
وخريف من الموت حياة، ونماء واستراحة الهبوب والحقول، فكن، عنوة، تبعث النماء، مثلما تزيّن خدود العذارى قطرات البكاء، لا مثلما مرَّ محمود درويش على الدروب الخريفية، وقد نثر كلّ أحزانه فيها، وراح يشدو نشيد الوداع:
“كان الخريف
يمرّ في لحمي
جنازة برتقال
قمراً نحاسياً تفتته الحجارة
والرمال
وتساقط الأطفال في قلبي
على مهج الرجال
كلُّ الوجوم نصيب عيني
كلُّ شيء لا يقال..
ومن الدم المسفوك
أذرع تناديني: تعال”!
كن أيّها الشاكي بلسما للوجه، تلقاك فيه الطبيعة؛ فتغيّر فيك وجه الضجر، تربو على كتفيك بنبل النشاط، وتزرع فيك جيوب الأمل، كخريف راح يجني معالم الحياة؛ ليعطيك مفتاح النهار، والحبّ لتصحو من جديد، وحسنا فعل أدونيس حين علّمنا الخريف الحياة:
“الخريفُ يعلّمنا كيف نَحيا
ما الذي تَسْتَشْرِفُ الآنَ؟
وما المعنى الذي تبحث عنه؟
واثقٌ أنّكَ تلقاهُ
وتَلْقى مَن يؤاخيكَ
ومن يُصغي إليكْ؟
سنغنّي
ليكونَ الزّمنُ الطّالعُ باباً.
وتكونَ الرّيحُ مفتاحاً
وضعنا لهبَ الأسرارِ فيهِ.
ورَماهُ حبّنا بين يديْكْ”.
ومن جميل معاني الخريف، أن للغة كلاما منوّعا عنه، وقد شملته معاني اللغويين، والمنظرين لكلمة خريف، وهكذا جعله الأصمعيِّ، أوَّلَ ما يبدأُ المطر في إقبال الشتاء، فاسمُه الخَرِيفُ، وهو الذي يأْتي عند صِرَامِ النَّخل. وعند عمرو بن العلاء، الْخَرِيفُ، هو السَّاقِيَة، والْخَرِيفُ هو الرُّطَبُ المُجْتَنَى، والخَرِيفُ يعني السَّنَة والْعامَ.
وَخُرِفَتِ البَهائِمُ، أَصَابَهَا الخَرِيفُ، أو أَنْبَتَ لها ما تَرْعَاهُ، وَقال أَبو حَنِيفَةَ: ليس الخَرِيفُ في الأَصْلِ باسْمٍ لِلْفَصْلِ، وإِنَّمَا هو اسْمُ مَطَرِ القَيْظِ، ثم سُمِّيَ الزَّمَنُ به.
فمثلما اليَبس طريق للنماء، ومثلما التجرُّد من الماضي العتيق بناء جسد لتجديد مفيد، يأتي أثير الخريف للخلائق دفئا لعمر بات على مشارف الذهاب نحو خريف العمر، ينفض عنه الماضي، فتتمرَّس في كهولة الرجال الحكمة، والرأي السديد، فيختار خريف العمر مهابة للإنسان، ويضفي جمالها عليه، كما قال المتنبي:
“إِن تَريني أَدِمتُ بَعدَ بَياضٍ
فَحَميدٌ مِنَ القَناةِ الذُبولُ
صَحِبَتني عَلى الفَلاةِ فَتاةٌ
عادَةُ اللَونِ عِندَها التَبديلُ
فمنذ بدء التاريخ، تمرُّ الحضارات، وتقوى، وتبسط هيمنتها الثقافية، والعمرانية، وبطولة جيوشها، التي ملأت التاريخ حكايا ونفوذا، ثم تمضي، فينسج نسيج نهايتها خريف قضائها فتتبدّل، مثلما النبت والأفاعي، حين تتخلّص وتتجرّد من ثوبها بين أحجار الصحارى والوديان، لكن للشاعر عبد الله البردوني سحرا آخر، لما وسمه طيف الخريف بوسم الألم والشكوى، وغدا للخريف هبابا للريح، تطوي فيه البيدُ أنى شاءت:
أحيا كعصفور الخريف بلا
ريشٍ، بلا عشٍ بلا فَنَنِ
أقتات أوجاعي وأعزفها
وأشيد من أصدائها سكني
وأتيه كالطيف الشريد بلا
ماضٍ، بلا آتٍ، بلا زمن
وبلا بلاد: من يصدقني؟
إني هنا روح بلا بدن
آنستُ، نهارًا، من بين الفصول خريفا، لملمتُ فيه بقايا الماضي والشكوى، لأعبر من جسوره المديدة إلى غد مشرق، أقتات فيه عذب الأماني، وأقطف منه عناقيد الحقيقة، وقد قامت الأنام من سباتها العميق، فاذكريني كلَّما الطير غدا في حنايا الغاب خلف الجدول، واذكريني كلما الليل حوى نجوم الغاب في الفضاء الأمثل، أنسيتِ أن الأرض في خريفها تبعث بأمل جديد؟ ونسيت أن البيد تراقب المطر، وأن الأغصان يسلبها تجرُّد اللحاء، آذنة بنضارة جديدة؟ وها قد عاد الخريف، يا سيدة النظرات والحكايا، وقد عادت معه فوانيس كلماتك ووعودك، أأودع الخريف دونك إلى خريف آخر؟ أم أنّي أقوم لطيفك مرتاعا، حين يقدم كل خريف؟ وها هو الخريف قد عاد مرة أخرى، ولم تعودي، فما زالت الأغصان كئيبة، لكن أملي محمول على ضباب غيم كليلة، توصله، أينما ترحلين وأينما تحلّين، نسائم خريفية باردة، تهب برفق، لكنها تلسعني لفراقك كالسياط، وقد هدَّأ روعي نزار قباني:
“وما بين فصل الخريف
وفصل الشتاء…
هنالك فصل
أُسَمِّيه فصْل البكاء!
تكون به النفس
أقرب من أي وقت
إلى السماءْ!”.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle