جل آغا/ أمل محمد –
الحكواتي أو الراوي، أو القصاص هي شخصية تقوم بسرد القصص، والحكايات، انتشرت وذاع صيتها في بداية القرن التاسع عشر للمرة الأولى في بلاد الشام، ومصر، وهي مهنة شعبية مرتبطة بالمقاهي القديمة، وارتبطت بالذاكرة الشعبية عن شهر رمضان كذلك.
حيث يقف الحكواتي على مصطبته، وسط حشد من الرجال، والذين يلتفون حوله؛ ليقوم بدوره بسرد القصص، والروايات والتي غالباً ما كانت تتحدث عن شخصيات تاريخية، مثل عنترة بن شداد والظاهر بيبرس وغيرهم، يحمل الحكواتي كتابه ليبدأ بالقراءة، ويجسد في الوقت عينه الشخصية، التي يتحدث عنها حيث يتفاعل معها بحركات يده، وتغيير نبرة صوته وملامح وجهه لنقل الصورة بشكل جيد إلى المستمعين.
كان ياما كان
اشتهرت مدينة دمشق بكثرة” الحكواتية” فيها قبل سنوات خلت من الآن، حيث كان الناس يتوافدون إلى المقاهي الشعبية، والخيم الرمضانية فقط من أجل الاستمتاع بقصص الراوي، عمل الحكواتي كان يمتد على مدار السنة، وينشط في ليالي الصيف والمناسبات الدينية، والاجتماعية، وهي مهنة تتطلب شروطاً وسمات للعمل فيها، ومنها أن يكون الشخص على دراية بالقصص والأحداث التاريخية، بالإضافة إلى القدرة على جذب انتباه الناس وكما يجب أن يتمتع الراوي بأسلوب سرد بعيد عن النمطية، لكيلا يشعر الشخص المستمع بالملل، يرتدي الحكواتي في بلاد الشام الزي الشامي المعروف، وهو سروال وجاكيت، وحزام عريض وطربوش فوق رأسه.
الحكواتي شخصية محبوبة وفلكلور تراثي، انقرضت في زمننا الحالي، إن سألت اليوم شخصاً في مقتبل عمره عن هذه المهنة، فلن يعرفها، فقد بدأت هذه المهنة تتلاشى مع بداية الستينات من القرن الماضي، والذي شهد انتشار التلفاز، ليحل هذا الجهاز، الذي يقدم الصوت والصورة في آنٍ معاً محل شخصية القصاص الشهيرة، حيث أن المنافسة مع هذه الآلة، التي تُمتع البشر بشكل أفضل شبه مستحيلة.
أصبح الحكواتي تراثاً وشخصية من الماضي، رحلت وأصبحت تُروى، كما كان الحكواتي نفسه يروي عن شخصيات قديمة، لكنها ما زالت ذكرى من عبق الماضي في أذهان الأشخاص، الذين كان لهم شرف اللقاء بهذه الشخصية الفريدة، والمهنة التي سكنت القلوب وامتعت الكثيرين.
