الحكواتي… تقليد رمضاني أضحى طيَّ النسيان

إعداد/ غاندي اسكندر_

الحكواتي، أو الراوي، أو القاص عادة شعبية تقليدية، وهو شخص امتهن سرد القصص في المنازل، والمقاهي، والطرقات، كان يحتشد حوله الناس قديما، ولم يكن يكتفي الحكواتي بسرد أحداث القصة بتفاعل دائم مع جمهوره، بل يدفعه الحماس أحياناً لأن يجسد دور الشخصية، التي يحكي عنها بالحركة، وبالصوت.

فرصة للترويح عن النفس

ويعدّ الحكواتي من التراث القديم، ولاسيما في بلاد الشام، حيث كان يعدّ المسلي الوحيد قبل ثورة التكنولوجيا، فبعد دخول المذياع والتلفاز إلى البيوت، اختفى الحكواتي، وبات من الماضي، وقد كانت المقاهي الشعبية مركزا من مراكز الحكواتي، الذي كان يحكي حكايات البطولة، والرجولة أمام جمع من الناس على مدار السنة، لكن في شهر رمضان كانت له خصوصية، وهي ارتباط حكاياته بالشهر الفضيل، فالصائم بعد الصيام كان يحتاج إلى وقت للراحة، وللترويح عن النفس، فكان يجد ذلك في جلسة الحكواتي، لكن بعد أن يكون قد أدى صلاة التراويح.

 وقد جسد شخصية الحكواتي الكثيرون، ففي القرن التاسع عشر صار الحكواتي جزءاً من التراث الشعبي في بلاد الشام، ومن الحكايات المعروفة التي كان يرويها الحكواتي، هي حكاية عنترة فارس العرب، والزير سالم، والظاهر بيبرس وغيرها.

قصة عنترة من أهم حكايا الحكواتي

وقد كان الحكواتي لا يروي حكايته دفعة واحدة، بل يرويها على أقسام، وغالبا ما كان الحكواتي ينهي الحكاية في موقف متأزم وحرج، وبهذا يربط المستمع، ويشده في اليوم التالي لمتابعة ما حصل للبطل، ومن الطرائف التي تدور حول حكايا الحكواتي، ولاسيما عندما كانت القصة المسرودة، هي قصة عنترة بن شداد العبسي، ومغامراته وقصة حبه لعبلة، فيُروى: أنه عندما كان يصل الحكواتي إلى القسم الخاص بزواج عنترة، يقوم عشاقه بتزيين الحي، وإقامة الأفراح، وقرع الطبول.

 وتاريخيا يعود ظهور الحكواتي إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث كان الناس يعتمدون أسلوب التواتر الشعبي في تداول الأحداث التاريخية، وسرد السيرة النبوية، وللحكواتي أسماء مختلفة في البلدان العربية، ففي مصر سمي (بالراوي) وفي العراق سمي (بالقص خون) في حين أطلق عليه أهل المغرب (المحدث) أما في بلاد الشام، فقد سمي (بالحكواتي)، ومن الصفات التي يتصف بها الحكواتي، هي الارتجال (الخروج من النص) حيث يتفوه بكلمات جديدة  ليداعب الناس بها، ويحاول إفهامهم، ويتحاور معهم، وكانت الغاية من قصص الحكواتي، هي تغذية نفوس المستمعين بنفحة من القيم، والفضائل، التي كان يتمتع بها أبطال حكاياته.