سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الحركة الطورانيّة… الثقبُ الأسودُ في التاريخ

رامان آزاد_

تتعاطى السياسةُ مع مفرداتِ القوةِ والسطوةِ وليس مع الحقائقِ، والباحث عن الأصولَ العِرقيّة لآل عثمان يواجه جملة من الألغاز، إذ تستقيل علوم التاريخ والآثار، ولا تبقى إلا قصص أقرب للخرافةِ منها إلى الحقائقِ، بلا سندٍ تاريخيّ وثيقٍ، تم ابتداعها بسببِ إغداق السلاطينِ الأموالِ الضخمة لترويجها، وكذلك فعلت من بعدهم الحكوماتُ التركيّةُ المتعاقبة، فروّجت لنظرياتٍ خياليّة من قبيل النظرية الطورانيّة لتمجيدِ الأتراك ونقائهم العرقيّ وتفوقهم على البشريّة، وتوظيفِ الأسطوغرافيا لتجميل التاريخ والترويج لسياسةِ اليوم.
الحاجة إلى هوية بديلة عن الإسلام 
تتعدد النظريات في أصول بني عثمان، وشاع في نسبهم أنهم من التركمان أو السلاجقة، ولاحقاً قبائل الترك، فيما وثّق المؤرخون الأصول التتاريّة للعثمانيّين والسلاجقة والخوارزميين على حد سواء، وخلال الحقبة العباسيّة كان كل من يُعرف بأنّه تركيّ يعود في أصله إلى آسيا الوسطى (شمال الصين) وهي موطن التتار وعلى هذا الأساس يرجع المؤرخون أصول العثمانيّين والسلاجقة والخوارزميين والسلالات التركمانيّة، إلى التتار، ولم يتم تداول مصطلح الترك في ذلك الوقت.
وشخصية “أرطغرل” (1191–1281) والد عثمان، تُوصف بالأسطورية، وهي غير مذكورة في أهم المخطوطات الإسلاميّة والبيزنطيّة التي أعقبت بقليلٍ الحقبةَ التي يقول الأتراك إنّه عاش فيها، كما أنّ المغول في عهد تيمورلنك أحرقوا غالبية الوثائق العثمانيّة لدى غزوهم منطقة الأناضول.
لم تتبلور الهوية التركيّة طيلة المرحلة السلجوقيّة، وحتى العثمانيّة التي توسعت على ثلاث قارات، واتخذت لنفسها هوية عثمانيّة، أكثر منها إسلاميّة واستندت إلى القوةِ، وجندت أبناء المناطق المحتلة وفرضت ضريبة الغلمان وشكّلت الجيش الانكشاريّ، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأت الدولة العثمانيّة تنهار وخسرت تباعاً الولايات الأوروبيّة والعربيّة، ومع تلاشيها الإمبراطوريّة، تفجّر السؤال عن الهوية بشكلٍ محرجٍ!
أدركت النخبة السياسيّة العثمانيّة أنها ماضية إلى زوال وأنّ الأناضول سيكون البقية الباقية من الإمبراطورية، وأنّ الخلافة والركون إلى البعد الدينيّ لن ينقذها، فكان البحث عن هوية بديلةٍ تلم شعث القبائل والأقليات المتناثرة التي كانت تحت الحكم العثمانيّ، وبذلك بدأ التنظير لانتماء آل عثمان إلى قبائل الترك، وصناعة “القوميّة التركيّة”، التي سيُناط إليها دور مهمٌ في الحرب الثقافيّة في مواجهة مع “الهوية الجرمانيّة” لألمانيا والسلافيّة التي دعت إليها روسيا القيصريّة ومعها البلقان (بلغاريا وصربيا) واليونان و”الهوية الرومانيّة” لغربِ أوروبا وكان عليهم مواجهة تحدي وتنامي المطالب القوميّة للعرب والكرد والأرمن.
وبذلك بدأ التنظير لإيجادِ دولةٍ بديلةٍ تضمُّ القوميات التركيّة فقط، تمتد من أواسط آسيا على حدود الصين، حتى بحر قزوين والقوقاز وتركيا الحالية. رغم أنّ سكانَ الأناضولِ هم خليطٌ متعدد الأصولِ، ويعود في أصوله إلى التتارِ المسلمين وشعب الخزر التتاريّ من اليهود، لا التركيّ أيضاً، إضافةً إلى العرقِ الفنلندي، وهذا الخليط هو من هاجر من آسيا الوسطى إلى الأناضول مع السلاجقة ثم العثمانيّين.
بداية التنظير القوميّ
اعتمد مشروع صياغة القوميّة التركيّة، على أفكارِ ماتياس ألكسندر كاسترين، عالم الأعراق واللغات الفنلنديّ ــ السويديّ والذي اعتبر سكان وشعوب وقبائل منطقة طوران ما بين الهضبة الإيرانيّة وبحر قزوين هم بالكامل من أصول تركيّة وأنَّ “القوميّة الطورانيّة” أو التركيّة هي أصل كلِّ شعوبِ البلقان أو القوقاز أو آسيا الوسطي وأوروبا الشرقية وشمال أوروبا ومناطق من روسيا القيصريّة، وبذلك تشملُ “طوران” منطقة واسعة في آسيا الوسطى ما بين سيبيريا شمالاً، والتبت والهند وأفغانستان وإيران جنوباً، وصحراء جوبي شرقاً، وبحر قزوين غرباً.
استكمل تلك الأبحاث غير الدقيقة المفكّر اليونانيّ الأصل، العثمانيّ الجنسية، اليهوديّ “موئيز كوهين”، وكان يُكتب في الصحف والدوريات العثمانيّة باسم “مؤنس تكين آلب”، وقال إنَّ سكانَ الأناضول هم أتراكٌ وليسوا عثمانيين، ويجب أن ينحازوا إلى القوميّة الطورانيّة التركيّة دون الخلافة الإسلاميّة، ويجب أن تكونَ لهم قوميتهم وثقافتهم المنفصلة.
اللافت أنّ الدعوة إلى الطورانيّة تزامنت مع دعوات يهوديّة لإقامة وطنٍ قوميّ لليهودِ، وانعقد المؤتمر الصهيونيّ الأول بزعامة تيودور هرتزل في مدينة بال السويسريّة في 29/8/1897.
حرّض مصطلح الطورانيّة في أوربا علماء “التوركولوجيا” الروس والألمان والفنلنديين والدنماركيين وبخاصةٍ المجريين، وأول من تطرّق لهذا الموضوع من تركيا هو “مصطفى جلال الدين باشا” بعنوان كتابه باللغة الفرنسيّة” الأتراك القديمون والأتراك الجدد عام ١٨٦٩م، وكان جلال الدين لاجئاً بولونيّاً، دخل الجيش العثمانيّ ووصل لرتبة باشا، واسمه الأصليّ قسطنطين بورزسكي، وكتب آنذاك أحمد وفيق باشا عن النزعة التركيّة في مجال اللغة عام ١٨٧٦، وادّعى في كتابه “اللهجة العثمانيّة” أنَّ الاتراك هم الفرع الغربيّ لمجتمعٍ قديمٍ وكبيرٍ يمتد على كامل آسيا ابتداءً من الأناضول وصولاً إلى سواحل المحيط الهادئ! وهناك طورانيّون من أمثال “سليمان حسني باشا” وشمس الدين سامي” وأهوندزادة فاتح علي، ودعا إسماعيل غاسبرينسكي (غاسبرالي) وهو من القرم إلى توحيد اللغة التركيّة.
استمرت الطورانيّة عبر “جمعية تركيا الفتاة”، ومع بداية القرن العشرين، أصبحت جمعية “الاتحاد والترقي” الحركة السياسية التركيّة التي توجّه مقدرات الدولة العثمانيّة وتدير شؤونها، منذ الانقلاب الدستوريّ 24/7/1908 حتى الهزيمة بالحربِ العالميّة الأولى وتوقيع معاهدة “مودروس” 30/10/1918.
كان الفكر السّياسي لجمعية “الاتحاد والترقي” يؤكّد الأفكار الطورانيّة التي استحوذت على عقول العديد من النخب الثقافية التركيّة، وأيّدت جمعية “الاتحاد والترقي” بقوة الفكر الطورانيّ، وكان شعارهم عدم التدين، وإِهمال الجامعة الإِسلاميَّة، إِلا إِذا كانت تخدم القوميّة الطورانيّة، فتكون عندئذٍ وسيلةً لا غايةً.
كان ليهود الدونمة تأثيرٌ كبير في دوائر جمعية “الاتحاد والترقي”، فالنائب اليهوديّ أيام السلطنة العثمانية إيمانويل كراصو هو أحد الأدمغة المفكّرة البارزة في الجمعية، وكان جاويد بك من الدونمة وزيراً للماليّة وذو نفوذ كبير في الحكومة، وكان رئيس مكتب الصحافة يهوديّاً من سالونيك، وكان منصبه يتيح له إيقاف أي صحيفة وتقديم المسؤول فيها للمحاكمة، كذلك كان رئيس دوائر الشرطة ومستشار وزارة العدل يهوديين.
نشرت الجمعية هذه الأفكار ومن أشهر كتابها موئيز كوهين اليهوديّ مؤسس الفكر القوميّ الطورانيّ، ويُعدُّ كتابه في القوميّة الطورانيّة، الكتابَ المقدّسَ للسياسة الطورانيّة التي هددت الخلافة العثمانيّة وأحبطت فكرة الجامعة الإسلاميّة. وكان كوهين ينشرُ باسم تركيّ وهميّ هو تكين ألب. عمل الكاتب اليهودي موئيز كوهين على التّعريف بجمعيّة “الاتحاد والترقي” في الصّحف الأوروبيّة، فهو كان يكتب باللغة العبرية والتركيّة والفرنسية، ما ساعد على انتشار كتاباته. وفي أحد مقالاته باللغة الفرنسية تحت عنوان “الأتراك يبحثون عن روح قومية”، أشاد بدور الجمعية الداعي إلى القوميّة التركيّة.
ومن منظري الطورانيّة الأوائل الكاتب التركيّ الشَّهير ضياء كوك آلب الملقّب بـ”أبو القوميّة التركيّة”. الذي في مقالته “الأمة التركيّة وطوران” بأنَّها “جميع البلدان التي يقيم فيها أصحاب العرق التركيّ ويتحدثون فيها التركيّة”. وفي افتتاحية كتاب “دولة طوران الغد”، الذي نُشر عام 1914 بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، كتب كوك ألب في قصيدته مستبشراً بالنصر على روسيا القيصريّة التي كانت تحكم معظم مناطق طوران: “ستدمّر أرض سكان موسكو. يجب أن تنمو تركيا وتصبح طوران”، ما سيؤدي تحرير الأتراك الموجودين في روسيا والصين (مثل الأوزبك والإيغور) إلى إنشاء إمبراطورية تركية كبيرة – طوران – تحت قيادة الأتراك العثمانيّين.
بالنسبة إلى كوك ألب، كان مشروع طوران رمزاً يشير إلى هدف الوصول إلى تركيا أكثر ازدهاراً وقوة، ولو كان ذلك بتدمير كل من يقف في وجه هذا المشروع. أفكار كوك ألب كانت تدعو إلى أن تتحول تركيا من دولة متعددة القوميات إلى دولة القوميّة الواحدة – القوميّة التركيّة. بالنسبة إليه، الوطن الأم للأتراك ليس تركمنستان ولا تركيا نفسها، بل دولةٌ جامعةٌ للأتراكِ تدعى طوران الوطن، وطن عظيم وخالد.
موئيز كوهين
ماتياس ألكسندر كاسترين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدعوة للتتريك
يتضمن تحقيق “الطوران الكبرى” تتريك الشعوب غير التركيّة القاطنة ضمن حدود الدولة العثمانيّة كالأرمن والعرب والكرد واليونانيين والآثوريين والسريان وغيرهم، ودعا الرعيل الأول من مُنظري الطورانيّة مثل ضياء كوك ألب ويوسف قجوران وأحمد آغاييف وفؤاد كيوبريلو وغيرهم، للعمل على تتريك الشعوبِ غير التركيّة في داخل الإمبراطورية أو إبادتهم، والتوسع خارج حدود الدولة واحتلال مساحات إضافيّة وتشكيل إمبراطوريّة طورانيّة.
وكان أعضاء تركيا الفتاة يقولون للعرب: “عليكم أن تفهموا أنّكم أتراك ولستم عرباً، وليست هناك دولة للعرب”، كما أطلق مصطفى كمال تسمية “أتراك الجبال” على كرد تركيا، ولإنجاح عملية التتريك اقترح مصطفى كمال في وقته عشر وصايا: قم بتتريك أسماء أعضاء أسرتك، صلِّ وتكلم باللغةِ التركيّة، سلِّم اطفالك بيد معلميّن أتراك، صادق الأتراك وحدهم…إلخ. وكان هدفه خلق شعب تركيّ عملاق يتبع شعار “تركيا للأتراك فقط.”
ولم يتردّد “كوك آلب” عضو الاتحاد والترقّي في تصوير الشعوب على أنهّا جسمٌ غريبٌ حين قال: “إنّ الإغريق والأرمن وبقيّة الاقلّيات هم أتراكُ الهويّة فقط، لا في الانتماء القوميّ التركيّ، وسيبقون عضواً غريباً في جسدِ الأمّة التركيّة”.
التخلّي عن الإسلام
حافظ السلطان عبد الحميد لدرجة ما على الدولة بالدعوة إلى الإسلام حتى بعد ثورة 1908، ولكنّ نجاح الثورة وانفصال أقاليم إسلاميّة، مثل ألبانيا ومقدونيا، بدّد الأمل بأنَّ الإسلام كفيل بالوحدة وتلاشى الحكم الإسلاميّ عند قيام الثورة العربيّة، ووقف العرب إلى جانب بريطانيا، وهاجموا الأتراك، وقال وزير الدفاع أنور باشا: “إنَّ هذه البدعة الخياليّة المخيفة التي يسمّونها الأمّة الإسلاميّة، والتي ظلت سدّاً يحولُ دون تقدّمنا وتحقيق الوحدةِ الطورانيّة، في طريقها إلى الزوالِ والتفكّك”.
أثبتتِ السياسة التركيّة لاحقاً تناقضها والدين الإسلاميّ، وتبنى مصطفى كمال أتاتورك (أبو الأتراك) قرارات تخالف الإسلام منها: ترجمة القرآن إلى التركيّة وإلغاء الحجاب ومنع المظاهر الإسلاميّة واستبدالها بالمظاهر الغربيّة، ومع بداية 1914 اتجهت حكومة تركيا الفتاة سريعاً نحو القوميّة الطورانيّة وتخلّت عن العثمانيّة والإسلاميّة.
وجد كوك آلب في التاريخ التركيّ لا في التاريخ العثمانيّ عصراً ذهبياً سبق قدوم الإسلام. لقد مجّد أعمال البطولات العسكرية في الغزاة الأتراك أمثال أتيلا، وجنكزخان، وتيمورلنك، وهولاكو وغيرهم. لقد شدّد على الصلة القوميّة والتعاليم الأخلاقية في الشعب التركيّ.
قد تكون الأسس النظرية لضياء كوكالب الركائز الأساسية التي بُنيت عليها هذه القوميّة ورسمت معالمها واستُعملت في النضال التركي، وهنا يقول يوريل هايد الذي كتب سيرة حياة ضياء كوك آلب ما يلي: “لقد وضع كوك آلب في كتاباته أسس القوميّة والدولة التركيّة الحديثة. هذه الدولة التي تحقّقت أخيراً على يد مصطفى كمال، وبعيداً عن تأثيره الفكريّ في طلعت باشا وأنور باشا، كان كوك آلب عضواً في جمعية الاتحاد والترقّي، عُينّ في مجلس الشورى وطُلب منه التحقيق في شروط الأقلّيات، وخصوصاً الأرمن، وإيجاد الحلول الملائمة لحلّ مشاكلهم، لقد وافق الحزب على قسم كبير من اقتراحاته، وقام بتنفيذها خلال الحرب العالمية الأولى.
مصطفى كمال أتاتورك
ضياء كوكالب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الداروينيّة الاجتماعيّة وإبادة الشعوب
نظريّاً، طمحت الطورانيّة إلى أن تصبح الإمبراطورية العثمانيّة ولكن بدون مشاكل الشعوب ومضايقاتها. كانت الغاية الرئيسية التي تصبو اليها هي زيادة الشعور القومي عند الأتراك العثمانيّين، والعمل على إضعاف هذا الشعور عند الشعوب الأخرى، وخصوصاً الأرمن، وإشعارها (أي الشعوب) أنّه لا مكانّ لأفرادها في العيش ضمن حدود الدولة الجديدة.
ولتحقيق حُلم “دولة طوران” يجب أن تكونَ الأقوام الدنيا فريسة للأقوام العليا السامية بحسب القوانين الطبيعيّة، أو نظرية “الداروينيّة الاجتماعيّة”، وهي العنصريّة العلميّة التي درجت في الجامعات الألمانيّة في النصف الأول من القرن العشرين، ويُنظر إلى إبادة الأقوام الدنيا على أنّها غاية الأقوام النبيلة العليا، وتنظر الأخيرة إلى الأولى كعدوٍ لدود، وأن تُطبق برامج الإبادة تطبيقاً شاملاً دون التأثُّر بأحدٍ.
استمرت الطورانيّة فكراً رغم تعرضها لثلاث نكساتٍ كبيرةٍ أطاحت بآمال دعاتها وهي عدمُ زوال روسيا واستمرارها في إطار الاتحادُ السوفياتي بعد الثورة الشيوعية 1917، وهو يضمِّ دولاً من منطقة “الطوران”، وهزيمة الدولة العثمانيّة بالحربِ العالميّةِ الأولى، وانتصار الاتحاد السوفييتيَ على النازيّة بالحرب العالمية الثانية.
وعلى ضوء النظرية الطورانيّة تُفهم الدوافع العنصريّة لارتكاب المجازر بحق الكرد والأرمن والسريان، والتدخّل ومحاربة الكرد داخل تركيا وعبر الحدود في سوريا والعراق، واحتلال مناطق في شمال سوريا ودعم تركمان سوريا والعراق، والإيغور، وكذلك معارضة أنقرة لضمِّ شبه جزيرة القرم الذي يضم التتار ودعم أذربيجان في حربها ضد أرمينيا وحتى العلاقة التاريخيّة مع إسرائيل والتناقضات مع موسكو وطهران.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle