سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الثقافة غذاء روحيٌّ وواجب وطنيّ وقوميّ

إبراهيم كردو (محامي)_

إن التجربة الثورية في مجال الثقافة والمعرفة الاجتماعية والوعي، هي حصيلة التطور الشاق، أنتجته أفضل العقول البشرية من مقولات ثقافية، وفلسفة علمية، ونظريات اقتصادية، ولوحات النظام الاجتماعي، وانتشار المعارف الاجتماعية، والثقافة التقدمية، أصبحت ملكاً لكل البشرية وللقوى الوطنية والثورية، وهي سلاح جبّار للنضال من أجل الحرية والديمقراطية، والتقدم الاجتماعي؛ للانعتاق القومي بالثقافة المتطورة، رفيعة المستوى والثقافة الروحية التقدمية، ولكي لا تبقى الثقافة والمعرفة الفلسفية الصادقة وفق نظرية الديالكتيك للنخبة فقط، يجب أن تلتصق بحياة الجماهير الكردية المادية والفكرية جدلياً شاملاً.
ومن أهم العلوم الاجتماعية علم المادية التاريخية، وفق قوانين الديالكتيك لتطوير الثقافة واللغة القومية، ولمعرفة ثقافة كل طبقة وأهدافها السياسية المتحركة، الثقافة السياسة والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، ولغتها ولهجتها، وتكون في متناول كل أسرة وفرد، وبين أيدي الشغيلة ذات طابع تقدمي، تنظر إلى الأمام، هذه الثقافة العامة والروحية، لا توجد من تلقاء نفسها، ولا تصل إلى الناس ذاتياً، بل بالنضال الدؤوب لنشرها في الزوايا المظلمة، وتكون في متناول الشعب وربط الثقافة التقدمية الكردية وتراثها التقدمي بالثقافة العصرية التقدمية وبالنظام السياسي والعلاقات الاقتصادية، وفق جدليه الواقع، وتأثيرها على الجانب المادي والفكري للجماهير الكردية؛ لأنها مرتبطة بحياة الناس العملية، والنظرية، ولتطوير الثقافة واللغة القومية وبناء العقلية العلمية؛ لتؤثر على أشكال النضال الاجتماعي والسياسي، ولكن بروح ثورية عملية وضد المفاهيم والثقافة الميتافيزيقية والإكلينيكية؛ لكي لا تؤثر على العقلية العلمية للحركة التحررية على ثقافتها العلمية، ولغتها وإبعاد الوسط الاجتماعي الكردي من تأثيرها، وانعكاسها على الدماغ والعقل الكردي، فلا بدّ ومن الضروري نشر الثقافة العلمية، والفلسفة العلمية الواقعية، والمقترنة والمتناغمة مع التثقيف الذاتي المبرمج والمنهجي والعمل المتواصل في تطوير الثقافة العامة والروحية، دون إهمال وباستمرار، والاصطلاح على كل ما انتجته وتنتجه العقول البشرية من المعارف الاجتماعية والفلسفية، لأن الثقافة غذاء روحي وواجب وطني وقومي.
لأهمية الثقافة في تاريخ الشعوب وبالأخص للكرد، قال فيلسوف فنلندي: “إننا لن ننتصر على أعدائنا إلا إذا تفوقنا عليهم ثقافياً” ولكن لا يزال التقصير قائم بنظرية الديالكتيك لتطوير اللغة والثقافة والفلسفة العلمية للجماهير والشغيلة، ولكي لا نسير خلف الأحداث السياسية، وخلف ستار الحكم البالي البراغماتي وأيديولوجيته، ولا نقع في حبائل الدعاية والثقافة المبتذلة الإكلينيكية لطمس ثقافتنا القومية، لا بدّ من اتقان أشكال النضال كله، وأكثرها فاعلية عملياً ونظرياً، ولمعرفة الظروف الموضوعية المتغيرة والمتجددة، وما هو ممكن وغير ممكن، يجب أن نهتم بالسياسة والاقتصاد أكثر، إن لم تكن هناك مخاطر سياسية الأكثر تعقيداً.
والسؤال، ما العلم الذي يرشدنا إلى العمل؟ لمعرفة عقدة العمل السياسي؛ لأن علم السياسة يشبه علم الرياضيات العليا للوصول إلى أسباب الاضطهاد القومي، والعلم الاجتماعي والطبقي وديكتاتورية الثقافة الميتافزيقية على الشعب الكردي، وحسب تجربة الحركة الثورية العالمية لا بدّ من القراءة المادية للتاريخ، وعلم التاريخ والمادية التاريخية، وأصول الفلسفة المادية ومنهجها وجوهرها العلمي، وفق نظرية الديالكتيك، والاطلاع على كل ما انتجه العقل البشري من المعارف والثقافة، وحتى في العلوم الشخصية للتحرر والتقدم.
لكي لا تبقى الجماهير الغفيرة والناس أسيرة التضليل، والتضليل الذاتي في السياسة والثقافة، فالتضليل وراءه علماء النفس البرجوازي الطفيلي، والبيروقراطية والتيوقراطي، وانتهازيون وتجار السياسة، وثقافتها جذورها مادية اقتصادية وميتافيزيقية، لا بدّ من تربية وتثقيف الجماهير لكشف الحقائق وجوهر الصراع، والتنافر والتناقض والتعارض في لوحة العالم الحالي والسابق ونستشعر الحاضر، ونرسم للمستقبل، إنها مرحلة التأرجح وتبلور الرؤيا النظرية، ولقراءة التاريخ مادياً واقعياً، لا بدّ من الاستمرار بالثورة الثقافية والسياسية؛ لأن الحركة مطلقة نظريا وعملياً، ولأن الانتهازيين مسالمون للبرجوازية الطفيلية والتيوقراطية، لا يريدون تثقيف الجماهير إلى مستوى الطليعة الثورية.
قال المناضل عبد الله أوجلان “..لا يزال يسود العجز الاهتداء بالفكر الديالكتيكي؛ لتسليط الأضواء على المجازر والإبادات، التي جرت على تلك الثقافات”. هذا يعني أن نتسلح بنظرية الديالكتيك المرشدة للعمل في النضال للتحرر، والتقدم الاجتماعي، والسياسي، والثقافي، بامتلاك ناصية المعرفة.
 قانون المعرفة العلمية للعالم الموضوعي وتطوره، يدحض الدجل البرجوازي الرجعي في الثقافة العلمية، والتي نمنع انتشارها بين الجماهير الكردية، فالفلسفة الميتافزيقية تفسد الثقافة والأخلاق، لمحاربة التراث الثقافي التقدمي للكرد؛ لأن الثقافة كبنية أيديولوجية تتغلغل كقوة فاعلة في مختلف أنسجة المجتمع وهياكله السياسية الثقافية مصباحاً للتنوير الاجتماعي والتاريخي، الثقافة ليست عملية محايدة في الصراع والتناحر الاجتماعي، والسياسي، فديكتاتورية ثقافة التيوقراطية منبعها الرجعية التركية والفارسية والعربية، خطرها على الثقافة الكردية وتراثها ومحاربتها نهج مشؤوم عنصري مخالف لأبسط القواعد القانونية والإنسانية والعلمية.