تل كوجر/ مثنى المحمود –
وجبة طعام بمكونات بسيطة وتاريخ عريق من الأصالة وتراث لم يندثر من على مائدة أبناء الريف السوري بكافة أعراقهم.
إحدى أكثر المأكولات المميزة التي توارثوها الأبناء عن الأجداد جيل بعد جيل في سوريا دائماً ما كانت وجبة الثريد التي تعتبر أساسية في الأفراح والأتراح، يحبها الصغير والكبير وتجيد تحضيرها جُل نساء الريف وحتى المدن، فمكوناتها متوفرة وعشّاقها كُثر.
طعام المجالس
لا يكاد يخلو مجلس في ريف تل كوجر أو مائدة من الثريد، حيث تعد وجبة الثريد ركن أساسي للمائدة العربية، حيث حدثنا المواطن علي الحميد أحد أبناء قرية الخولة بتل كوجر بأنه منذ نشأته لم تفارق هذه الطبخة التراثية مجالسهم في قريتهم، ولا حتى في القرى المجاورة، وتابع: “في الأفراح تحضر صينية الثريد، وفي العزاء تتواجد على المائدة التي تقدم للمعزين صياني الثريد، وعند قدوم الضيف يكون طعامه الأول دائماً الثريد، كبرت المناسبة أو صغرت كثر الناس أو قل عددهم يبقى الشيء الثابت في مجلس الرجال، وفي ربعات المشايخ، هو طعامهم المفضل الذي أصبح عُرف يتوارثه الصغير عن الكبير، فمنذ القِدم وإلى يومنا هذا والثريد حاضراً على الموائد”.
مذاق فريد وقيمة غذائية
رغم تنوع الغذاء وازدياد عدد أنواع المأكولات، يبقى للثريد على حد قول المواطن مصطفى المحمود رونقه الخاص ومذاق لذيذ، سهل التحضير يحتوي على مجموعة من المكونات التي يتقدمها اللحم، بكل أشكاله يأتي في المقدمة لحم الغنم ومن ثم لحم البقر والخراف وحتى لحم الجمل.
تحتوي مكونات الثريد على قيمة غذائية مفيدة للجسم، فهو مصدر للمعادن والفيتامينات إضافةً إلى النشويات، حيث يدخل في تكوين وجبة الثريد مكونات نباتية غاية في الأهمية، منها البطاطا والبصل والثوم والخبز، خبز الصاج والتنور أحياناً، كل هذه المكونات تُطبخ بشكل متجانس مع قطع اللحم، ثم تُسكب في صينية تحتوي الخبز المصنوع بشكل يدوي، معلنةً عن أشهى وجبة عرفناها في تاريخ المنطقة.
أماكن وأسماء
لا تنفرد مناطق شمال وشرق سوريا وحدها بهذا الطبق اللذيذ، فجل البلدان العربية تأكل الثريد، لكن ما يختلف بين بلد وآخر هو الاسم، فلكل بلد تسمية يطلقها على الثريد في مصر يسمونه بالفتة، وهي وجبة محببة لدى عامة أهل مصر أما المغرب العربي فيطلقون على الثريد اسم الشخشوخة، وفي ليبيا يدعى مثرودة وله اسم آخر هو الفتات أما في الخليج والعراق يسمى الثريد وأيضاً يقال عنه التشريب.
وعلى مستوى شمال وشرق سوريا، يتقاسم أبناء المنطقة حب وجبة الثريد، حيث حدثنا حسن حاجي من الشعب الكردي عن حبه للثريد، وتعلقه بهذه الوجبة حيث يقول إنه كان يقصد أحد اصدقائه من سكان بلدة تل كوجر أسبوعياً لكي يأكل عنده الثريد، وحين تفاقم حبه لهذه الوجبة طلب من صديقه أن يعلمه طريقة تحضيرها، وأصبح يعدّها مرات عديدة في الشهر في منزله وأصبحت وجبته المفضلة التي لا يمكن أن ينقطع عن تناولها على حد تعبيره.