زاوية أطراف الحديث 490 رياض درار
التوزيع الديمغرافي الجديد، بعض إشارات
تصريحات الرئيس التركي أردوغان عن مشروع لـ«إعادة تنظيم المنطقة» دليل على نيته وعزمه استكمال مخططه للسيطرة على الشمال السوري، الذي لا يتوقف عند حدود منبج، بل يتعداه إلى الشريط الحدودي كاملاً، وصولاً إلى الحدود العراقية
ومن ضمن الإعداد لهذا المشروع وافق البرلمان التركي على تقديم الانتخابات الرئاسية بغاية الاستعدادات للعبء الكبير الذي ستتحمله الإدارة التركية حال استمرارها في تنفيذه. وبناء عليه سيكون على السوريين الراغبين بالعودة إلى هذه المناطق والمهجرين القادمين من الغوطة عبء التفاهم حول شكل الإدارة الجديدة وكيفية التعامل مع الواقع الجديد والبحث في دور الحكومة المؤقتة التي لم تفلح في أعمالها الإدارية السابقة نتيجة تنافس الفصائل وعدم التفاتها لتوجيهات الحكومة؛ ما يجعل إعادة تشكيل هذه الإدارة مرتبطًاً بالدور المسموح للائتلاف أن يساهم فيه وقد تبين بعد زيارة بعض قياديه إلى بعض القرى التي سقطت بيد المحتل التركي أن الدور القادم هو للإخوان وللتركمان، وبناء عليه انسحب رياض سيف من الواجهة وهو الرجل الضعيف الذي لا يكاد يصحو من أثر الدواء الذي يتناوله إلا قليلاً، وعلينا للمودة القديمة أن ندعو له بالشفاء ونشكره إن تحرك ضميره بعد تلك الزيارة وعرف أن مشروع تقسيم سوريا ليس من أهداف القوات المدافعة عن عفرين ولكنه مشروع تركي بهدف إقامة كانتون إسلامي أسميه “سوريا الأصولية” مقابل مشروع “سوريا الديمقراطية” الذي ترسم ملامحه قوات سوريا الديمقراطية بفدائية أبنائها وبطولاتهم ضد مشروع داعش الذي كان مرضياً عنه من الدولة التركية
لعل من مشكلات المشروع التركي انتقال الفصائل الجديدة إلى المناطق المدارة من أتباعها، فإن تهجير جماعة جيش الإسلام وجماعة فيلق الرحمن وتحرير الشام وأحرار الشام الذين كان تنافسهم في الغوطة مانعاً لتوحدهم وسبباً، في استفراد النظام بهم ومن ثم طردهم خارج الحاضنة التي تحملتهم ست سنوات عجاف، وها هم يواجَهون من فصائل لا ترتاح لهم ممن يسمى “درع الفرات”. ففي معبر أبي الزندين نحو مدينة الباب تعرض جماعة “جيش الإسلام” للتأخير وللإهانات وهذه مسألة لا يستهان بها، ووراءها حسابات الولاء والبراء. فربما على جماعة جيش الإسلام التخلي عن مرجعيتهم كمشروع “جيش الإسلام”، وقطع الاتصال مع المملكة العربية السعودية التي كانت تدعمه، والانخراط في صفوف “الجيش الوطني السوري” الذي تدعمه تركيا بمعنى تبديد مخاوف الجانب التركي الذي يرى فيهم إشكالية قد تُهدد أمن المنطقة التي تعتبر منطلقاً لعمليات توسعها مع الملتزمين بحلفها في الشمال السوري. فجيش الإسلام تفكيكهم يشكل عبئاً وقد يكون أعدادهم بالآلاف، وتمكينهم من دور يتمثلون به سيشكل عبئاً على الفصائل المتحالفة مع تركيا مما يستوجب دوراً لمحمد علوش والقادة الموجودين في تركيا لاستمالة المقاتلين. وفي الجانب الآخر في عفرين تبدو المهمة أسهل، حيث تم توطين المقاتلين في منازل المهجرين من الكرد في ما ينطبق عليه التوزيع الديمغرافي الذي يساهم فيه أطراف الحلف الرباعي الروسي السوري التركي الإيراني، والايراني سبق بتطبيق ذلك في اتفاق كفريا والفوعة مقابل سكان الزبداني
السؤال؛ هل دعم دخول ووجود قوات عربية وهناك إشارات لذلك في هذه المناطق يخدم الاستقرار مع وجود هذه التغيرات، أم هو الدخول في متاهة جديدة وفتح آفاق لصراع متجدد قد يأخذ طابعاً إقليمياً وبأياد سورية مرة أخرى. إن قراءتنا لهذه التحولات يجب أن تكون قادرة على استقراء المسارات ووضع الخطط التي تؤمن المنطقة من صراع يخدم المشروع التركي، ويستبعد مسيرة السلام والاستقرار التي علينا حمل مسؤولياتها بمبادرات أكثر جذرية من انتظار المسارات ثم التناغم معها، فقد لا ينطبق انتظارنا مع أي من المسارات المرسومة للمنطقة
