سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

التنمّر المدرسي.. آفة سلبيّة بين طلاب المدارس

الحسكة/ آية محمد ـ

أشار الإداري في إحدى مدارس الإدارة الذاتية الديمقراطية “أحمد يونس”، إلى أن التنمّر بين الطلاب آفة سلبية تُهدد حياة الأفراد، وشدّد على أن تصحيح السلوكيات مسؤولية الأسرة والمدرسة.
إن الحديث عن التنمّر المدرسي لم يعد ترفاً فكرياً ولا جدلاً فلسفياً يمكن تناوله بين الفينة والأخرى، لما نراه من آثاره الجسيمة والمدمرة على الأطفال على المستوى النفسي، فضلاً عن علاقاتهم الاجتماعية التي تُنسف من أصولها، لا سيما وهم في أعمار الورود.
التنمّر يقوّض العلاقات الاجتماعية للتلاميذ
وفي السياق، يرى الإداري في إحدى مدارس الإدارة الذاتية الديمقراطية “أحمد خلف يونس“: “يعرف التنمر بأنه السلوك العنيف، أو التعسفي الذي يمارسه شخص، أو عدة أشخاص تجاه آخرين بطريقة متعمدة ومتكررة، مما يؤثر على شخصيتهم بشكل سلبي ويخلق آثاراً وعواقب خطيرة”.
وأوضح، أن ضحايا التنمر عادةً ما تربطهم صفات مشتركة مثل عدم الثقة في النفس والإحساس بالفشل والسلبية والقلق والشعور بالوحدة والانعزال والافتقاد إلى تكوين الصداقات، والشعور بالإهمال من قبل الآخرين، أو عدم الاهتمام بهم.
أسباب التنمّر المدرسي
وهناك العديد من الأسباب لوجود ظاهرة التنمر المدرسي، كخوف الكوادر التدريسية في بعض المدارس من التورط ببعض المشاكل، حيث بيّن يونس: “إن محاولات المدرسين لتصحيح سلوك الطلاب المتنمرين، أو توبيخهم بهدف ردعهم، عرضهم للكثير من المتاعب والمشاكل، وخاصةً مع أولياء الأمور، الذين غالباً ما يتسمون بالعدوانية ويرفضون فهم المشكلة، ولا يحاولون تحري السبب الذي دفع أبنائهم للتنمّر على أقرانهم من الطلاب”.
فيما أكد، أن من أحد أهم الأمور التي تفسر السلوكيات العكسية للطلبة، هي افتقاد الحوافز للتعلم، الأمر الذي يجعلهم يعتمدون على الفوضى لتفريغ طاقاتهم، بالإضافة إلى انعدام الأنشطة التحفيزية الترفيهية، حيث أن ساعات المدرسة تكون مخصصة حصرياً لتلقي الدروس، الأمر الذي يسبب الحرمان والملل لدى الطلاب.
كما وبيّن يونس، أنه في أغلب الأحيان تفتقر الكوادر التدريسية في المدارس إلى الخبرة اللازمة والكافية لحل مشكلة التنمر بين الطلاب، كما أن محاولات حل المشكلة الناتجة عن التنمر تكون فردية وغير متناسقة، ولا توجد سياسات موحدة للتعامل مع هذا النوع من المشكلات.
وأشار، إلى ثغرة التواصل بين الأطراف: “إن ضعف التواصل بين الكادر التدريسي في المدرسة وأولياء أمور الطلاب، وبين الكادر التدريسي والطلبة، وبين الطلبة وأولياء أمورهم، وبسبب هذا الضعف في التواصل ووجود هذه الفجوة، سيسود اللوم المتبادل وإلقاء المسؤولية بين الأطراف”.
أنواع التنمّر المدرسي
وحول أنواع التنمر المدرسي قال يونس: “هناك عدة أنواع وأشكال للتنمر المدرسي تتمثل فيما يلي:
ـ التنمر اللفظي: وهو أحد أكثر أنواع التنمر المدرسي شيوعاً بين الطلاب، ويتضمن العديد من السلوكيات، يتمثل في “السخرية من الطالب والشتائم والإهانات والتنابز بالألقاب والتهديدات لإحداث أذى مستمر وحاد والنكات غير اللائقة التي تكون بغرض إزعاج الطالب”.
ـ التنمر الجسدي: ويتضمن العديد من السلوكيات، منها “الركل، ضرب الرأس، نتف الشعر، الصفع، القتال، اللكم، الدفع، التهديد، إنشاء عصابة ضد الطلاب الآخرين وقتالهم”.
ـ التنمر النفسي: ويتسبب هذا النوع من التنمر بضرر نفسي للضحية، لأن المتنمر يعتمد على أسلوب العزلة الاجتماعية ولتحقيق هذا الهدف يقوم المتنمر بإحدى السلوكيات التالية: تعمد الطالب المتنمر تجاهل الضحية من خلال التظاهر بعدم تواجده أو دون التحدث إليه. بث إشاعات كاذبة ومهينة عن الطالب الضحية، انتقاد الطالب الضحية واستفزازه سواء كان النقد يشمل (لباس، أو تمييز عنصري، أو ديني، أو إعاقة جسدية).
الآثار المترتبة على التنمّر المدرسي
ولا شك بأن للتنمر أثاراً سلبية وخيمة على الطفل المتنمر عليه، كتراجع الأداء الأكاديمي للطفل، ورفض الذهاب للمدرسة، تأثر علاقاته الاجتماعية وفقدان الثقة بالآخرين، انخفاض الثقة بالنفس، الإصابة بالاكتئاب، أو القلق والاضطرابات النفسية، اضطرابات في تناول الطعام وحدوث مشكلات بدنية مرضية.
علاج التنمّر المدرسي
ومن الضروري معالجة أي سلوك عدواني يظهر على الطالب بشكلٍ سريع وبجهود مشتركة ما بين الأسرة والهيئة التدريسية، كمساعدة الطالب على التعرف على قدراته واستثمارها بعيداً عن أذية زملائه، وذلك من خلال توجيه طاقاته إلى مختلف أنواع الأنشطة المدرسية واستثمار طاقة الطلاب في المدرسة والمنزل ومحاولة دمجهم بالحياة العصرية وتعريفهم على التكنولوجيا والطرق الحسنة لاستخدامها والتعامل معها والاستفادة منها. بالإضافة، لتقديم الخدمات للمتأخرين دراسياً وذلك من خلال معرفة أسباب التقصير والمواد المتأخرين فيها وطرق علاج ذلك التقصير، وتنمية مشاعر الثقة بالذات، والاهتمام بالنفس والابتعاد عن جلد الذات في كل فرصة تتاح للشخص، ومحاولة توجيه النقد بطريقة لطيفة محببة بعيداً عن التعنيف الجسدي أو اللفظي، وفقاً ليونس.
واختتم الإداري في إحدى مدارس الإدارة الذاتية الديمقراطية أحمد يونس: “لم يعد التنمر مشكلة عابرة تؤرق المجتمعات، بل أصبح ظاهرة تحتاج إلى تضافر الجهود للقضاء عليها، خصوصاً في الأوساط التعليمية بين الطلاب سواء في المدارس، أو الجامعات”، مشيراً إلى خطورة هذه المشكلة الاجتماعية التي تزعزع ثقة الأفراد بأنفسهم وتؤثر على مستوياتهم الدراسية والمهنية وعلاقاتهم الاجتماعية، كما أنها قد تكون سبباً في التفكك المجتمعي.