سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

“التعديلات القضائية” في تركيا وإسرائيل وجهان لنظام سلطوي

 زياد أبو غزالة_

يحذو القضاء الإسرائيلي حذو نظيره التركي، إذ أصبح “مجلس القضاة والمدعين العامين التركي”، لا علاقة له بحماية مبادئ استقلال القضاء وسيادة القانون، وبالتالي القرارات الصادرة عن المحاكم ليس لها شرعية قانونية، وتصبح القرارات مرتبطة فقط بيد نتنياهو كما هي بيد أردوغان.
صادق الكنيست الإسرائيلي، على تعديل قانون إلغاء “ذريعة عدم المعقولية” بتأييد 64 عضواً من الكنيست دون أي صوت معارض، في ظل مقاطعة كتل المعارضة لجلسة التصويت بعد إغلاق الباب أمام مساعي الوساطة، التي تواصلت حتى اللحظة الأخيرة، وانهيار محاولات التوصل إلى تسوية حول إصلاح جهاز القضاء الإسرائيلي.
حاولت جهات في الائتلاف الحكومي يتقدمها وزير الأمن، يوآف غالانت، الدفع نحو تعديل أحادي الجانب، وتخفيف صيغة القانون، وذلك على وقع تصاعد الاحتجاجات، التي امتدت إلى الجيش، وسط تحذيرات من تداعيات التشريعات القضائية على جهوزية وتماسك الجيش، وما قد تسببه من فوضى داخلية في إسرائيل مدفوعة بانقسامات مجتمعية عميقة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن إصرار الائتلاف الحكومي على تمرير خطة التعديلات القضائية، خاصة تعديل “قانون عدم المعقولية”، تسبب بـ “تطورات خطيرة” داخل الجيش الإسرائيلي قد تؤثر على قدرته التشغيلية.
وقانون “عدم المعقولية” من القوانين الأساس في “إسرائيل”، وهو يسمح للمحكمة العليا مراجعة أي قرار، أو قانون مقدم من قبل شخص، أو هيئة منتخبة. غير أن التعديل الذي يسعى له ائتلاف اليمين الإسرائيلي الحاكم على القانون المذكور يلغي هذا الحق، ويمنح سلطة وصلاحية أكبر للكنيست، والحكومة من المحكمة العليا.
نظام سلطوي شبيه بنظام أردوغان
نتنياهو، الذي يخطط لعقد لقاء مع أردوغان الشهر المقبل في العاصمة التركية أنقرة، يحذو حذو نظيره الذي وصل به الأمر إلى تعطيل قرارات السلطات القضائية، عبر ما يعرف بـ”مجلس القضاة والمدعين العامين”.
ويؤكد باحثون مختصون، أن المجلس التركي أصبح مجرد مؤسسة معرقِلة، ولا تؤدي أي دور لدعم استقلال القضاء وسيادة القانون، وأن الوضع لم يتحسن في تركيا، بل أصبح سيئاً للغاية على الصعيد القانوني، وهو ما سيحصل في إسرائيل.
فعلى سبيل المثال، أظهرت حادثتان مدى تسييس القضاء في تركيا، حيث تدخل أردوغان من أجل الإفراج عن القس الأمريكي أندور برونسون، ومنحه البراءة بعدما تعرض لضغوط أمريكية، بينما أبقى على زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش رغم وجود قرار قضائي ببطلان أسباب حبسه.
وكانت التقارير الأوروبية حول حقوق الإنسان في تركيا، تتحدث عن تراجع دولة القانون، في ظل سيطرة الحكومة على السلك القضائي بشكل كامل ومحاصرة أدوار المحامين، وكل الشواهد تدل على أن القضاء التركي أصبح في قبضة حزب العدالة والتنمية الحاكم بشكل كلي، وهذا ما ستؤول إليه الأمور في إسرائيل، في ظل معاناة الإسرائيليين كما الأتراك من نظام سلطوي، وسيتم التضييق على حرياتهم، وإغلاق المجال العام، مع سيطرة الحكومة على النظام القضائي، وتطهيره من المعارضين.
ويقول منتقدون للتعديلات القضائية في إسرائيل: إن الباب سيُفتح أمام الفساد، وإساءة استخدام السلطة إذا لم يُحافَظ على مبدأ الرقابة بين السلطات، والتوازن بينها.
ردة فعل إيراني حول الاحتجاجات الإسرائيلية
ومع تصاعد الانقسام في المجتمع الإسرائيلي حول الطابع الديمقراطي للبلاد ومستقبلها، سخرت إيران من مشاكل إسرائيل، بينما تشمّتت برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومشاكله الصحية. حيث غرد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: “ورد في الأخبار أن الأطباء استخدموا بطارية لقلب رئيس وزراء نظام الاحتلال الصهيوني”، في إشارة إلى الكشف عن زرع جهاز تنظيم ضربات القلب في جسم رئيس الوزراء، في أعقاب مشاكل قلبية. وأضاف كنعاني: “لكن من الواضح أن الأزمة في قلب الكيان الصهيوني أعمق من الأزمة في قلب رئيس وزرائه”.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تعلق فيها وزارة الخارجية الإيرانية على الأزمة السياسية في إسرائيل، وتشير إلى أنها قد تكون نذيراً بزوال وشيك للدولة اليهودية.
ففي تغريدة بتاريخ 14 تموز، علق كنعاني على الاشتباكات بين المتظاهرين ضد الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية والشرطة: “لسنوات عديدة، حاول الصهاينة المحتلون والمجرمون إظهار نظامهم المزيف باعتباره الكيان الأكثر ديمقراطية في منطقة غرب آسيا”.
التعديلات” توتر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
وبحث الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع نظيره الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، التوترات السائدة على خلفية التعديلات، والتي يصفها سيد البيت الأبيض بأنها “متطرفة”، ورغم الترحيب الحار، لم يخف التوتر السائد على خلفية سعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، للمضي قدماً في إقرار التعديلات القضائية التي تثير انقساماً.
وبعيداً عن البيانات الدبلوماسية، بدا أن المكالمة الهاتفية، التي أجراها بايدن مع نتنياهو، لم تكن كغيرها من المكالمات، إذ كشف الإعلام الأمريكي تفاصيل هذه المكالمة، حيث أثار بايدن بشكل خاص مشاريع القوانين، التي تدفع بها الحكومة الإسرائيلية تحت عنوان ما تسميه “الإصلاح القضائي”، التي تقول عنها المعارضة الإسرائيلية، إنها ستحول إسرائيل إلى ديكتاتورية.