سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

التضخم وانخفاض القوة الشرائية

د.هاجار عبد الفتاح_

التضخم، ظاهرة اقتصادية مركبة متعددة الأسباب والأبعاد، ذات خلفية اجتماعية، ولها العديد من المظاهر، والأشكال والآثار:
1ـ ازدياد الطلب، لسبب ما مقابل انخفاض العرض، أيًّا كان السبب فترتفع الأسعار، وفي ظل الآزمة، التي تمر بها سوريا، فقد حدثت هذه الحالة نتيجة انخفاض الطلب، وانخفاض العرض في آن معاً، إلا أن العرض انخفض بنسبة أكبر من انخفاض الطلب.
2ـ ارتفاع تكاليف الإنتاج لأي سبب كان:
وفي الوضع السوري، فالسبب الرئيسي لازدياد تكاليف الإنتاج، بدأ من انخفاض قيمة العملة الوطنية، وارتفاع أسعار المواد الأولية، وتكاليف الحصول عليها، عدا الارتفاعات اللاحقة في الأجور، وتكاليف الطاقة والشحن.
3ـ الزيادة في (الكتلة النقدية، سرعة دوران النقود) بالمقارنة مع حجم (الكتلة السلعية) خلال فترة معينة، والواقع يشير إلى أن الخلل في المعادلة كان مضاعفاً ومزدوجاً، حيث تقلصت الكتلة السلعية من جهة، وازدادت فيه الكتلة النقدية من الجهة الأخرى.
والتضخم، ليس مجرد ارتفاع الأسعار جزئياً، أو موسمياً، أو مؤقتاً، أو محدوداً، لبعض أنواع السلع، والخدمات، في هذا القطاع أو ذلك، بل أن التضخم كحالة أو ظاهرة، تكون متسمة بارتفاع شامل، ومستمر، ومديد، وتراكمي للأسعار.
وللتضخم أنواع عديدة، يرتبط كل منها بجملة المتغيرات الاقتصادية وغير الاقتصادية السائدة (التضخم المكبوت)، أو (الكامن) الذي يستتر بالبطاقات التموينية، وبالأسعار المنخفضة للسلع المدعومة، ولطالما بقي الدعم الحكومي، لا تكون لهذا النوع من التضخم آثار اجتماعية سلبية.
وتتراوح حدة التضخم ما بين (المرغوب)، الذي تكون نسبته بحدود 2%، (والتضخم الزاحف) المستمر المعتدل المتدرج بطيء التصاعد، و(التضخم الجامح) المنفلت السريع، سرطاني الانتشار الشيطاني في دورته، التي أن بدأت بارتفاع تكاليف الإنتاج على سبيل المثال:
تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، الذي بدوره يؤدي إلى زيادة الأجور والإيجارات والبدلات؛ ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج من جديد، ومن ثم ارتفاع الأسعار من جديد، وهكذا دواليك لتبقى الأمور في حلقة مفرغة.
وفي النهاية، لابدّ من التأكد على أن المكافحة الناجعة للتضخم، لا تكون بالتوجه نحو مكافحة آثاره، ونتائجه، بل بالتركيز على إزالة أسبابه.