سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

التدابير الوقائية في مخيمات الشهباء ساهمت بمنع ظهور كورونا

تقرير/ صلاح إيبو –

روناهي/ الشهباء- مع تزايد مخاوف انتشار جائحة كورونا، يتبادر إلى أذهان الجميع مخاوف جدية من تفشي هذا الوباء بين التجمعات السكانية الكبيرة، وتُشكل المخيمات التي تتميز بالكثافة السكانية ومشاركة أعداد كبيرة للمرافق العامة معاً بيئةً جيدة لتفشي المرض وانتشاره بسرعة فائقة، إذاً ما هي أوضاع مخيمات الشهباء التي يقطنها مُهجرو عفرين في ظل انتشار هذا الوباء في دولٍ مجاورة؟ وما هي التدابير التي اتخذتها الإدارة لحماية قاطنيها؟.
المخيمات المنتشرة في الشهباء اليوم باتت كُتل بشرية معزولة عن المحيط الخارجي، والسبب ليس وجود المرضى بل منع دخول الحالات المشتبهة بها إلى المخيم ومنع اختلاط قاطني المخيمات مع سواهم من القاطنين خارجه، وتم تفعيل قرار منع دخول وخروج الأهالي من المخيم قبل سريانه في كافة أرجاء الشهباء بثلاثة أيام، وبهذا هُيئت الفرصة لحماية قاطنيه بشكلٍ أفضل، إضافةً لعمليات فحص حراري للوافدين والداخلين للمخيم بشكلٍ يومي، لكن بعد مضي أكثر من شهر على الحظر كيف يعيش المهجرين قسراً في خيم لا تتسع لشيء؟!.
لم يغادر العم عبدو المخيم الذي يقطنه منذ خمس أسابيع، وانقطع عن عمله وأصدقائه خارج المخيم، نتيجة إعلان حالة حظر التجوال ومنع دخول وخروج قاطني المخيم إلا للضرورة بهدف منع انتشار فيروس كورونا القاتل، هنا يمضي العم عبدو ذو 63 عاماً معظم أوقاته باللعب مع أحفاده الثلاثة القاطنين مع والديهما في تلك الخيمة الصغيرة وتقضية باقي أوقاته في متابعة الأخبار ومحادثة كبار السن المجاورين له.
تعقيم يومي للمرافق وتوعية عامة
اتخذت البلدية في المخيم تدابير عدة للمحافظة على نظافة المرافق العامة، كون أن الحمامات والمغاسل هي جماعية، لذا تم اتباع نظام تعقيم دوري وآخر يومي، إذ يتم تعقيم دورات المياه والمغاسل ثلاثة مرات في اليوم الواحد بالماء والكلور والمنظفات الأخرى، يبدأ عمال البلدية منذ ساعات الصباح الباكر بتعقيم كتل الحمامات وتتكرر هذه العملية كل خمس ساعات تقريباً.
إضافةً إلى ذلك اتبعت بلدية المخيمات البرنامج العام للبلديات في الشهباء، وشمل هذا البرنامج تعقيم كافة الخيم العامة كالإدارة والمسافات الفاصلة بين الخيم كافة بالعقيمات الكيماوية كالكلور، إضافةً لرش المبيدات الحشرية كنوع وقائي وقرب فصل الصيف أيضاً.
وليد محو أحد أعضاء إدارة البلدية في مخيم برخدان، أشار إلى أنهم يبذلون ما بوسعهم للمحافظة على المرافق العامة نظيفة معقمة قدر المستطاع، ونوه إلى دور التوعية الشخصية للعائلات والتركيز على النظافة الشخصية للعائلات والتي ساهمت بشكلٍ جيد في تسهيل عمل البلدية ومنع ظهور المرض في المخيم.

المنظمات الدولية لم تقدم إلا القصاصات الورقية
ولكن رغم خطورة هذا المرض والمخاوف المترتبة عنه، لم تقم أية جهة رسمية سواءً من منظمة الصحة العالمية أو المنظمات المعنية بهذا الإطار بزيارة المخيم والاطلاع على أوضاعه، واقتصر تقديم الخدمات الطبية على منظمة الهلال الأحمر الكردي فقط، وفي بعض الأحيان تأتي لجان من الهلال الأحمر السوري لكن إطار خدامته الطبية محدود جداً ولا يفي بالغرض.
واكتفت منظمة الصحة العالمية بإرسال بروشورات توعوية توضح أدوات الوقة الواجب توفرها في النقاط الطبية للتعامل مع المصابين بفيروس كورونا، وهنا يقول مسؤول نقطة الهلال الأحمر الكردي في المخيم، الدكتور حسن نبو أنهم يفتقدون اللباس الخاص العازل، ونظرات الأعيان، وتابع بالقول: “للأسف المنظمات الدولية والمحلية لم تقدم أي مساعدات، فقط اكتفت بالكلام وإرسال الملصقات التوضيحية لأساليب نقل العدوى والوقاية منها”.
جهود ذاتية ساهمت في حماية المهجرين
وعن الوضع الصحي في المخيم، قال نبو أنه جيد ولم تظهر أي حالات اشتباه بين قاطني المخيم، وأرجع الأمر للتدابير العامة التي اتخذت بمنع دخول وخروج قاطني المخيم، وكذلك فحص جميع الداخلين للمخيم وفي حال الاشتباه يمنع دخوله المخيم.
والملاحظ في المخيمات هو اهتمام القاطنين فيه بالنظافة الشخصية لدرجة عالية، لدرجة باتت رائحة الكلور تفوح من الغالبية العظمة للخيم، وتنوه بهذا الصدد من ضمن المخيم أسمهان علي إلى اهتمامها بنظافة خيمتها الصغيرة، كتدبير وقائي لحماية عائلتها من الإصابة المفترضة، وتقول أسمهان أنها تحاول قدر المستطاع القيام بالأعمال في خيمتها وعدم الاعتماد الكامل على المرافق العامة، ولكن رغم الحرص البالغ من قبل الأهالي على الاهتمام بالنظافة الشخصية، ظهرت بعض الحالات التي استخدم فيها المواد المعقمة بشكلٍ غير أمن مما تسبب بحالات اختناق تم إسعافها للنقطة الطبية.
وينوه الدكتور حسن إلى أن الخلط الزائد للكلور بمنظفات الملابس أو الأرضية يتسبب بتفاعل كيميائي وإنتاج غازات سامة، ونتيجة الحيز الصغير في الخيمة يكون أثره سلبياً على الأهالي، ووصلت ستة حالات خلال الأسبوعين الأول للحجر، وعليه بدأت لجان الهلال الأحمر الكردي بتوعية الأهالي لكيفية استخدام الكلور وعدم خلطه بالمواد الأخرى، وكذلك تحذير الأهالي بمنع استخدام الكلور في غسل أدوات الطبخ والأكل من ملاعق وصحون، نتيجة الأثر المتبقي للكلور على تلك الأدوات والتي تتسرب إلى جسم الإنسان ومع مرور الوقت يتسبب بأمراض للإنسان.
توقف الأعمال وغلاء المعيشة نتائج سلبية لحالة الحظر
وتجاوب غالبية الأهالي مع القرارات الصادة من الإدارة وحالة الطوارئ لمواجهة خطر الفيروس، وهذا التجاوب ساهم في منع تفشي الوباء بهذه المنطقة التي تفتقر للبينة التحتية من كافة النواحي، وتُشير إدارة مخيم برخدان إلى أن الأهالي رغم المصاعب التي يوجهونها نتيجة توقف الأعمال وانخفاض المردود المادي للعائلات والذي ترافق بارتفاع جنوني للسلع الغذائية بشتى أنواعه، وهذا الوضع فرض على إدارة المخيم زيادة مخصصات العائلات من المواد الغذائية ومواد التعقيم والنظافة الشخصية، إلا أن هذا لا يفي باحتياجات العائلة كاملةً، مما تسبب في حالة ضيق مادي لمعظم العائلات.
وهنا يختم العم عبدو حديثه معنا عن الوضع المعيشي السيء للنازحين في الشهباء بالقول: “الأسعار باتت تكوينا، ومدخولنا اليوم لا يتجاوز الألف ليرة، كيف يمكننا الاستمرار بالعيش وسط هذه الظروف؟!”.