البيت بين الحلم وتردي الواقع الاقتصادي..

تل كوجر/ مثنى المحمود –

---

شباب تل كوجر يسعون للاستقلال في بيوتهم الخاصة، ويصطدمون بواقع اقتصادي يُعيق أحلامهم.

يبقى بناء بيت صغير حلم لجُل شباب تل كوجر، والقرى المحيطة بها، حيث لا يساعدهم الواقع الاقتصادي المتردي على خوض غمار تجربة بناء منزل خاص بهم، البعض منهم يكافح وآخرون يجدون في منزل العائلة مستقر، حتى تتغير الأحوال ويتحوّل الحلم إلى حقيقة.

حلم بعيد المنال

يتابع جل شباب تل كوجر الواقع الاقتصادي، بترقبٍ وتأمل وأعينهم ترصد الحال، الذي يبدو حالياً بعيداً عن التغيير، حسام أحمد العلي شاب يبلغ من العمر 25 عاماً، متزوج ولديه ولد وحيد عامل في المجمع التربوي بتل كوجر يقول بأن حلمه الوحيد هو أن يمتلك منزلاً مهما كان بسيطاً لا تهمه مواصفات المنزل، إنما ما يهمه هو أن يتخطى مرحلة الأحلام.

مبيناً بأن راتبه حالياً لا يكاد يكفيه لسد حاجاته هو وعائلته الصغيرة، حيث يجد نفسه مطالباً في السنوات المقبلة بالخروج من منزل العائلة، لكن يبدو إن بقي الحال كما هو عليه لن يستطيع العلي الخروج من منزل والديه، ويذكر حسام العلي إنه يمتلك قطعة أرض صغيرة لكنه عاجز عن بناء منزل، وتابع: “أمتلك الأرض ولا زلت في مرحلة الحلم فكيف حال من لا أرض لديه”.

“غرفتان بمساعدة أهلي”

لدى تجولنا في أحياء تل كوجر، متقصين الشبان الذين ساعدتهم الظروف على الحصول على منزل جديد، التقينا بعلي محمود، وهو شاب انتقل إلى منزله الجديد منذ مدة بسيطة، وهو متزوج منذ عشرة أعوام انتقل إلى منزله الجديد المؤلف من غرفتان بسيطتان، منذ بضعة أشهر يقول علي محمود الذي يعمل سائقاً على سيارة متوسطة، أنه وبعد معاناة طويلة استطاع وبمساعدة والده وأخيه الذي هاجر إلى أوروبا منذ خمس سنوات، أن يبني بيته المتواضع بعد أن كان قد يأس من التجارب الفاشلة، لكنه أخذ يقتطع من قوت عياله، جزء بسيط بشكلٍ شهري وجمع مبلغ بدأ به مشروع البناء، ثم قدم له أبوه المساعدة، كما أن أخاه أيضاً هرع لمساعدته وها هو الآن يقطن منزله بحسب قوله، وأكد: “كأني أعيش حلماً، هاتان الغرفتان تعادلان الدنيا بحالها”.

حلول بديلة وبيوت بدائيّة

غالبية الشباب في تل كوجر يتوجهون اليوم إلى العودة للقرى، حيث يرون أن سعر الأرض هناك أرخص بكثير مما هي عليه في تل كوجر، إضافةً إلى ذلك تكلفة البناء تختلف حيث يقول مصطفى السبع من أبناء قرية الوريدة، أنه حين عجز عن بناء منزله في تل كوجر أقدَم على بيع أرضه في تل كوجر وتوجه إلى شراء أرض أكبر في الوريدة، وبقي لديه بعض المال الذي بنى به بيت من عدة غرف.

لكن السبع عمد إلى بناء بيت من الطين وبمواد بسيطة الحائط من الطين والسقف من التوتياء، ويعزي ذلك لرخص هذه المواد وغلاء أسعار البلوك والإسمنت واستحالة شراء الحديد ومواد البناء الحديثة.

تبقى لدى الشباب مشاكل في بناء منازلهم بعيدةً عن المادة، حيث أن استحصال رخصة البناء يُعد من مشاكل التي تعيق العديدين، حيث أن جل القرى بعيدة عن التنظيم المدني، وأن معظم الأراضي التي يحاولون البناء عليها هي أرض زراعية، لذا يطالب الشباب المسؤولين عن التنظيم المدني للقرى، والبدايات التي يُعد استحصال الرخص من صلب عملهم، إلى التعجيل في أخذ القرار وإعطاء الرخص نظراً إلى اقتراب الشتاء، حيث أن من الصعب بناء بيوت في الطقس الشتوي وهناك بعض المنازل التي أوقف العمل بها، وهي الآن في طور الانتظار لذا يضع الشباب أنفسهم وبيوتهم في رسم انتظار القرارات التي تصدر عن البلديات حيث لا يرغب أحد منهم بمخالفة القوانين إنما هم ينتظرون الحلول.