سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

البيت الكردي القديم.. مقصد هواة جمع الأدوات التراثية في الحسكة

الحسكة/ محمد حمود ـ

تحول “البيت الكردي القديم” لصاحبه جامع المقتنيات التراثية “حمزة محمد علي” مقصداً لسكان مدينة الحسكة وزوارها من مناطق إقليم شمال وشرق سوريا؛ حيث يقتني الرجل الخمسيني أدوات تراثية عديدة تعكس ثقافة أبناء المنطقة.
لا تزور مدينة الحسكة دون أن تطرق باب متجر الخمسيني “حمزة محمد علي” والذي يجمع فيه القطع القديمة من التراث والفلكلور الكردي، وهذا ما دفعه لتسمية المحل بـ”البيت الكردي القديم”.
حمزة من سكان مدينة الحسكة، وقد بدأ مشروعه بعدة قطع قليلة، لكن مع مرور الوقت تمكن من زيادة محتويات “البيت”؛ حيث تجد في متجره مجموعة متنوعة من السيوف والخناجر والمسابح والأحجار والرحى. كما يقتني في متجره إلى جانب أباريق وفناجين وأكواب قديمة وغيرها، كان الكُرد يستخدمون أغلبها في حياتهم اليومية قبل عشرات أو مئات الأعوام.
حمزة محمد علي وخلال سنوات الحرب عانى من النزوح واللجوء داخل البلاد وخارجها؛ لكن ذلك لم يدفعه لإيقاف مشروعه، الذي استمر به؛ فانتقل من ساحة “الشهيد سرحد” بحي المفتي شرق المدينة إلى محيط الكنيسة الآشورية في حي تل حجر شمال المدينة.
يقول علي، إنه قبل اندلاع الحرب في سوريا، كان يعتمد في معيشته على “بيع الخضار ليبقى موضوع جمع المقتنيات والقطع التراثية في إطار الهواية الشخصية فقط”.
ويضيف أنه للجوء إلى جنوب كردستان خلال استمر في عمله ببيع الخضار فترة ثم انتقل لبيع سُبّحات وأدوات تراثية على بسطة بالقرب من الكراج الرئيسي في مدينة دهوك؛ وهنا كانت انعطافة الهواية إلى مهنة؛ حيث عاد إلى مدينته الحسكة بعد أربعة أعوام من اللجوء ليفتتح متجره التراثي.
ويشير هنا: “كنت أقوم بجمع وشراء القطع الفلكلورية القديمة من دِلال قهوة وسجاد قديم ومسابح وكل القطع القديمة التي كان القرويون والنازحون يبيعونها”.
كما جلب حمزة محمد علي معه من جنوب كردستان الكثير من القطع والمقتنيات التراثية والفلكلورية، التي ضمها إلى مجموعته في منزله الذي حوّله في العام 2018 إلى ما يشبه متحفاً صغيراً، يمارس من خلاله هوايته والتي أصبحت مهنة يتدبر من خلالها قوت يومه أيضا.
وفور عودته باشر علي بجمع الأدوات التراثية والاحتفاظ بها، حتى أنه خصص بعضاً منها “للعرض والمشاهدة وليست للبيع”، يقول: “لدي الكثير من القطع القديمة من نحاسيات وهاون، ورحى جنجلي، وسيوف وخناجر قديمة ومسابح وقداحات وعملات قديمة وخواتم وغيرها”.
كما يبيع حمزة محمد علي مسابح وسكاكين وأدوات أخرى جديدة يحضرها من العاصمة دمشق إرضاء لزبائنه، لا سيما كبار السن الذين لن يستغنوا عن هذه الأدوات التي ترافقهم أينما ذهبوا.
وتتراوح أسعار المسابح الثمينة والخواتم المرصعة بالأحجار الكريمة ودلال القهوة النحاسية وأحجار الرحى والسيوف والخناجر التراثية بين مئة دولار أميركي إلى آلاف الدولارات لبعض القطع الأثرية القديمة.
ويطمح حمزة محمد علي حالياً لاستكمال مشروعه بمتحف، لكن هجمات دولة الاحتلال التركي الأخيرة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في المنطقة نتيجة الحصار المفروض عليها تتسبب بتأخر إنجازه للأعمال اللازمة لتحقيق ذلك.
 وبالإضافة للمشروع التجاري والقيمة التراثية، أصبح “البيت الكردي” مقصداً المثقفين وشعراء ومغنين أقام بعضهم أمسياتهم الشعرية والموسيقية فيه.
فيما يشير حمزة محمد علي مستغربا موقف البعض وتعاملهم مع الأدوات التراثية: “بعض السكان لا يعرفون قيمة الأدوات التي توارثوها عن آبائهم، بينما يتخلص آخرون من كل ما يشغل مكاناً ولا يعينهم مباشرة في معيشتهم، بسبب عدم الاستقرار وتدهور الأوضاع المعيشية”.
ومن الجدير بالذكر؛ أنه ورغم الأسعار التي تبدو “باهظة” للقطع المعروضة في المحل، إلا أنه يستقطب مهتمين بالتراث من سكان المدينة أو زوارها؛ حيث تمتلك شعوب مقاطعة الجزيرة تراثا مشتركا في استخدام الأدوات وخاصة ما يتعلق منها بالحياة اليومية والأعمال الزراعية وتربية الحيوانات.