الباحث سام سويني: ثقافة شمال وشرق سوريا تُغني التراث الإنساني

حاوره/ عبد الرحمن محمد –

روناهي/ قامشلو: لكل بلد حضارته وهويته الثقافية التي تميزه, فثقافة شعوب شمال وشرق سوريا حاضرة اليوم وبقوة، إثباتاً منها على تواجدها رغم كل الصراعات السياسية والعسكرية الدائرة في المنطقة فعندما تتوحد الشعوب يصبح لهذه الثقافة تناغم أوضح من خلال إيصالها إلى كافة أرجاء العالم.

وتأكيداً على انتشار ثقافة شعوبنا في مختلف دول العالم كان لصحيفتنا لقاء خاص مع الباحث الأميركي “سام سويني” وهو مواطن أميركي ذاق لذة التمتع بالدراسات التاريخية عن الأوابد والآثار والأماكن التراثية القديمة، زار سوريا مرات عدة ولكن كانت زيارته لمناطق شمال وشرق سوريا بنكهة أخرى أكثر تشويقاً،

تلقى الباحث سويني دراسات باللغة العربية في مدينة دمشق ومن ثم أكمل دراسة الماجستير في العلاقات الإسلامية والمسيحية في جامعة القديس يوسف في بيروت ومن هنا بدأ شغفه بالتعرف على حضارة المنطقة بشكل موسع أكثر مشيراً إلى إنه بدأ يكتب خلال فترة دراسته عن حضارة هذه المنطقة من خلال القيام بزيارات لدراسة تاريخها ونقل هذه الصورة إلى مجتمعه في الغرب وكان حوارنا معه كالتالي:

ـ كيف تتجلى الصورة التاريخية للبعد الثقافي في المنطقة من خلال عملكم ومعايشتكم لشعوب المنطقة؟

كنت أقرأ كثيراً عن هذه المنطقة هناك أشياء كنت متأكداً منها وهي أن هذه المناطق تَحفل بالأمان أكثر من غيرها وهذا ما أعطاني الدافع لزيارة المنطقة فقد لاقيت ترحيباً من قبل الشعوب المتواجدة هنا، وكنت أرى محبتهم؛ وبالنسبة للمواقع الأثرية فللأسف لحق بها الكثير من الأذى والدمار ولكن هناك جهود من قبل الناس المتواجدين هنا للحفاظ على هذه الحضارة، ومازال هناك مواقع جميلة تشجع السياح على العودة لزيارتها بالرغم من كل الدمار الذي لحق بها، وأن إرادة الشعب هي الأقوى، وعندما يقرر الحفاظ على ثقافته سوف ينجح ليس لأنه تاريخ منطقة معينة فقط بل هو يمثل تاريخ للعالم أجمع كما في آثار الرقة وأوركيش بالقرب من عامودا، وموقع أبو هريرة الذي غُمر بمياه بحيرة سد الفرات، وهو أقدم موقع مكتشف للزراعة. وهنا أقول الجميع معني بالحفاظ على هذا التراث الإنساني.

إلى أي مدى لمست التطابق بين الواقع والأفكار التي كنت قد رسمتها في مخيلتك عن المنطقة؟

قبل عام 2011م، كنت متواجداً في سوريا ولكن لم أزور مناطق شمال وشرق سوريا، وأصبحت بعد ذلك اقرأ عن هذه المنطقة وقررت زيارتها أولاً للتعرف أكثر على حضارتها وأيضاً لكي أرى كيف أصبحت في ظل الحرب التي تعرضت لها وما رأيته أنه هناك أمل لإعادة تسليط الضوء على هذه الثقافات من خلال هذا التنوع الموجود بين أبناء المكونات فما رأيته هو تمسكهم بهذه الحضارة واعترافهم بوجود الآخر وإيمانهم بأن كل إنسان له حقوق وأرض وتاريخ وهذه الأشياء كلها إن لم تُرى بالعين فتبقى مغيّبة خلف التضليل، ويتضح جلياً التنوع الثقافي والحضاري والرغبة الشديدة بالحفاظ على كل ذلك.

لديك اطلاع على حضارات المنطقة هل لاحظت بأن هناك شيء من التضليل للحقائق التاريخية التي رأيتها خلال زياراتك؟

هناك إهمال وجهل وعدم معرفة المناطق الأخرى بتاريخ مناطق شمال وشرق سوريا وأنا كنت أتمنى لو إني قمت بزيارة المنطقة بشكل أسرع من ذلك وتحديداً مدينة الرقة وسورها ومتحفها قبل سيطرة المرتزقة عليها، لأني أدركت الغنى الموجود هنا، لم يتم ذكر هذه المناطق لي خلال تواجدي في دمشق كنت أتمنى لو أنهم شجعوني على زيارتها, مع أنني زرت أغلب مناطق الداخل الأثرية، وفي بيروت أيضاً هناك الكثير من يفتقر لمعرفة هذه المناطق الواقعة في شمال شرق سوريا وأجهل السبب إذا كانت مغيّبة أو غائبة ولكنها لم تكن تُذكر.

كيف رأيت مساهمة المُكوّن الكردي في صناعة حضارة المنطقة باعتبارك باحث في الشأن التاريخي؟

هناك وضوح في الأراضي السورية وتحديداً الشمال السوري بأن الكُرد جزء لا يتجزأ تاريخياً وجغرافياً عن هذه المنطقة إضافة لجميع المكونات وهذا ما يلغي النظرة الخطأ التي حاول صنعها الكثيرين في مخيلتهم بأن هنا شعب واحد ومكون واحد يعيش على هذه الأرض “الشعب العربي”، ولأني لا أجيد اللغة الكردية من الصعب أن اتعرف بشكل أوسع على ثقافة هذا المكون، ولكنني أرغب بدارسة تاريخ هذه المنطقة والكردية بشكل خاص.

من الواضح أنه لديك إصرار للتعمق أكثر ودراسة المزيد عن هذه الحضارة إلى ماذا تطمح في الأيام المقبلة من خلال ما جمعته بعد زيارتك للمنطقة؟

الكثير من الصحفيين الأجانب الذين يقومون بزيارة المنطقة يقومون بكتابة تاريخ المنطقة بشكل سريع وسطحي، لذا انا أرى بأن يقوموا بدراسة عميقة وتفصيلية عن هذه الحضارات ومن ثم يكتبوا, أنا بعد الدراسة الموسعة التي أقوم بها بدأت بكتابة تاريخ وحضارة وثقافة المنطقة لكونه أصبح لدي اطلاع عليها وأتمنى في المستقبل أن أتعمق أكثر وأدخل في تفاصيل المنطقة وأقوم بجمع كل هذه المعلومات في كتاب لكي أوصِل هذا الغنى التاريخي والتراثي المهمل للخارج والآن لدي القدرة بأن أوصل هذه الصورة بعد زياراتي ودراستي للمنطقة.

المنتديات الثقافية التي تقام هنا ماهي النتيجة التي يمكن أن نصل إليها من خلالها خاصة بعد كل هذه التعديات على التراث التي شهدناها؟

هذه المنتديات مهمة جداً خاصة المواضيع الثقافية التي يتم النقاش عليها لكون الكثير من بلدان العالم ليس لديهم اطلاع على هذه الحضارات كما أسلفنا بالذكر فمن خلال هذه المنتديات يستطيع الناس التعرف على التاريخ بشكل أكبر خاصة من لديه إلمام بهذه الكتب والدراسات ويصبحون مهتمين أكثر بهذا التراث الثقافي, وهناك أناس لا يعطون اهتماماً للجانب الثقافي ولكن عندما يشاهدون مثل هذا المنتدى أو أي نشاط ثقافي يصبح لديهم نظرة أو بعد ثقافي أوسع, ومن جانب آخر الأشخاص الملمين بالجانب التاريخي عند مشاهدتهم لهذه الندوات يجتمعون لمناقشة الأفكار والمواضيع وقضايا مهمة أخرى كاسترجاع الآثار المسروقة، فهذه المنتديات هي فرصة لالتقاء الأفكار واقتراح الحلول.