سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الانقلاب على إرادة الشعب في باكور كردستان انقلاب على القانون والديمقراطية في تركيا

الدرباسية/ نيرودا كرد –

تستمر فعاليات شعوب باكور كردستان وتركيا، الرافضة لمحاولات حزب العدالة والتنمية، وحليفه الحركة القومية الفاشية، الانقلاب على الإرادة الشعبية في باكور كردستان، والتي عبرت عن نفسها في الانتخابات البلدية التي أجريت في 31 آذار الفائت في باكور كردستان وتركيا.
وكانت السلطات التركية قد اصدرت حكماً بالسجن لمدة 19 عاماً وستة أشهر بحق رئيس بلدية جولميرك في باكور كردستان، محمد صادق آكش، وعينت بدلا عنه وكيلا من حزب العدالة والتنمية.
الأمر الذي عدُّه الشعب الكردي، وشعوب كردستان، انقلابا على إرادة الشعب الذي عبر عن نفسه، من خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث كان حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، قد فاز ببلدية جولميرك، إضافة إلى معظم البلديات في باكور كردستان.
إسكات صوت الحق مُحال 
في مواجهة هذا الانقلاب، نظم حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، العديد من الفعاليات الاحتجاجية والمظاهرات، في العديد من مدن باكور كردستان وتركيا، ومن ضمنها جولميرك والبلدات التابعة لها.
من جهتها، استعرضت الرئيسة المشتركة العامة لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب تولاي حاتم أوغولاري، التطورات المدرجة على جدول الأعمال في اجتماع المجموعة الحزبية بالبرلمان، وصرحت: أن “إرادة الشعب لم تؤخذ بعين الاعتبار عند تعين الوكيل”.
وردت على كلام رئيس حزب الحركة القومية الفاشية، دولت بهجلي: “بهذه الممارسة، أنتم تقولون للكرد ليس لديكم الحق في التصويت والانتخاب، لستم المواطنين الأصليين في هذا البلد، تقولون للشعب الكردي والقوى الداعمة له أنتم مشكلة أمنية، تقولون لملايين الأشخاص، إذا كنتم تعتقدون أنه يمكنكم التأثير على إرادتنا، عن طريق تشويه الحقيقة في جلسات البرلمان، فأنتم مخطئون إلى حد كبير، خارج البرلمان تتحدثون عن المساواة والأخوة مع الكرد، لكننا سئمنا من لعبتكم هذه، عليكم التخلي عن مسرحيتكم الهزلية”.
ولم تقتصر معارضة ما جرى في باكور كردستان، على الشعب الكردي وقواه السياسية فقط، ولكن كانت هناك معارضة من العديد من الأحزاب القوى السياسية التركية أيضاً، والتي أصدرت بيانات إدانة حول كل ما حدث.
وفي السياق، أدلى دنيز يوجل، المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، بياناً، حول الاستيلاء على بلدية جولميرك، جاء فيه: إن “هذه الممارسات تقوض أركان الدستور الأساسي للدولة والديمقراطية، وإن نتائج الانتخابات المحلية، التي أُجريت في 31 آذار، قد وجهت رسائل مهمة للغاية لحزب العدالة والتنمية، وعليه أن يفهم ذلك”.
وتابع: “حزب العدالة والتنمية، دائماً ما يظهر انقلابها على الديمقراطية، ومن حق الذين فازوا بالانتخابات، أن يقودوا بلدياتهم، وما حدث في جولميرك هو سلب لإرادة الشعب وإسكات صوته، وكل ما يحدث غير قانوني، حسب الدستور التركي نفسه؛ لأن من تم تعينهم لا يمثلون شعوب المنطقة، وهم وكلاء عن حزب العدالة والتنمية، وهذا الأمر مرفوض من قبلنا”.
ودعا، إلى وضع حدٍّ لممارسات وانتهاكات الوكلاء، بحق الأهالي: “ما دامت هناك ديمقراطية، واختار الشعب مرشحيه، لماذا تم الاستيلاء على البلديات، وعين بدلا عمن اختارهم الشعب الوكلاء؟ هذا الأمر مرفوض حسب القوانين التركية”.
وأضاف: إن “تعيين الوكلاء من حزب العدالة والتنمية، واستيلاءهم على بلدية جولميرك وغيرها، والممارسات الإقصائية بحق الشعب، لا يمكن قبولها، وعلينا أن نضع حداً لها، وعلى الجميع في اللجنة المشتركة للبرلمان، التوافق على إعادة الحقوق لأصحابها، أي إعادة البلديات لمن فازوا بالانتخابات في 31 آذار الماضي، ومن الواجب اليوم إخضاع الجميع لسلطة القانون والديمقراطية، التي ننادي بها”.
ردود فعل المنظمات الحقوقية
هذا وقد أثارت هذه الانتهاكات، ردود فعل لدى العديد من المنظمات الحقوقية، فقد أدلت جمعية “حقوقيون من أجل الحرية (OHD)”، و”جمعية المحاميين المعاصرين (CHAHD)”، و”حقوقيون من أجل الديمقراطية والقانون الاجتماعي”، أدلى كل منهم بياناً رافضا لما تم من ممارسات غير قانونية أمام محكمة أنقرة.
وقال أمين فرع منظمة “حقوقيون من أجل الحرية في أنقرة”، سيبان جيزرلي، في بيان له: “السلطة السياسية، تستخدم اليوم القانون أداة لقمع الشعب الكردي، وكسر إرادته، وإن تلك السلطة تدعو الشعب الكردي التخلي عن هويته حتى يتمتع المواطن الكردي بحقوقه، وهذا مرهون بشرط “التخلي عن هويته الكردية”، ويستخدم القانون الحالي أداة قمع لممارسة التمييز ضد الكرد، لقد أصبحت هذه السياسات والقوانين التمييزية أكثر وضوحاً مع انتهاكات الوكلاء، وتستمر سياسة الدولة المركزية المتبعة، منذ سنوات في باكور كردستان، على شكل استغلال للإرادة السياسية والوكلاء”.
وأشار جيزرلي: إلى أن “سياسة الإنكار بحق الشعب الكردي، تتم من خلال سياسات الوكلاء، ويتم انتهاك قواعد القانون الوطني والدولي”.
وأنهى سيبان جيزرلي، حديثه: “إن سياسة التمييز ضد الشعب الكردي، تشكل تهديداً لمستقبله السياسي والوجودي، وعلى المنظمات الحقوقية والرأي العام، أن يعلما أن الوقوف في وجه تجاوزات الوكلاء، سيكون حاسماً في منع سياسات الضغط والقمع، التي تمارسها السلطة السياسية، ولذلك، يجب أن نعلم أننا في مرحلة تاريخية من تطور الأحداث، والوقت ليس في صالح النظام التركي، الكل يعلم أن هناك تجاوزات، وانتهاكات لحقوق الشعب الكردي”.
قمع قاسٍ للاحتجاجات 
قابلت حكومة العدالة والتنمية، التظاهرات والاحتجاجات بمزيد من القمع والبطش، حيث نشرت الشرطة التركية الدوريات والحواجز في محيط الأماكن المخصصة للاحتجاجات، كما استخدمت في بعض الأماكن العنف المفرط للتعامل مع المتظاهرين، فضلا عن اعتقال العديد منهم.
وحول ذلك، قالت الرئيسة المشتركة العامة لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، تولاي حاتم أوغولاري: “لا فرق بين الظلم في فلسطين اليوم، والظلم في جولميرك، إن حكومة حزب العدالة والتنمية وشركاءها، الذين يذرفون دموع التماسيح على فلسطين، يمارسون العنف ذاته ضدنا، انظروا، إلى عيون المظلومين، غزة هي جولميرك، وجولميرك أيضاً هي غزة، وكيفما يقاوم شعب فلسطين، يقاوم أيضاً شعب جولميرك والشعب الكردي، وشعوب تركيا السلطات الفاشية التركية”.
من خلال هذه الممارسات وغيرها، يستمر حزب العدالة والتنمية، وكذلك حلفاؤه في الحركة القومية، سياستهم الإقصائية تجاه الحريات السياسية والديمقراطية في باكور كردستان، وعموم تركيا، حيث تُظهر هذه الممارسات أن النظام التركي، لم يفق بعد من آثار الصفعة الأخيرة التي تلقاها في الانتخابات البلدية الأخيرة، لذلك، يسعى إلى إعادة بسط هيمنته على مفاصل الحياة كلها، بما فيها تلك التي انتزعت منه من خلال صناديق الاقتراع، وذلك باستخدام مختلف الأساليب غير القانونية.
تأتي ممارسات أردوغان وحزبه في ظل الاضطرابات، التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط والعالم، ومع انشغال العالم بالجبهات العسكرية المشتعلة، في أوكرانيا وفلسطين، تنتهز حكومة العدالة والتنمية الفرصة للمضي قدما في سياساتها الاستعمارية والقمعية بحق شعوب المنطقة.
فإلى جانب ما يقوم به نظام أردوغان منذ الخامس من حزيران الجاري في جولميرك، وباقي مدن وبلدات باكور كردستان، يستمر هذا النظام الفاشي في شن هجماته ضد الشعب الكردي، وقواته العسكرية في مناطق الدفاع المشروع، وكذلك في إقليم شمال وشرق سوريا. حيث يسعى أردوغان لتوحيد الجبهتين الداخلية والخارجية، لصرف الرأي العام المحلي والعالمي، عن الإخفاقات، التي يُمنى بها يوما بعد يوم، لا سيما في السياسات الداخلية، وذلك من خلال انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، وكذلك تدني المستوى الاقتصادي والمعيشي لمجمل الشعب التركي.
يُدرك أردوغان، أن يلعب في الوقت بدل الضائع، ففي ظل هذه الأزمات، التي تعصف بالشرق الأوسط والعالم، يسعى جاهدا لكسب المزيد من الوقت، ظنا منه أنه قادر على إكمال مخططاته الفاشية والتوسعية في المنطقة، وذلك قبل أن تُحل الأزمات الإقليمية والدولية، الأمر الذي سيؤدي إلى التفات المجتمع الدولي إلى الأمور الداخلية للدول وحلها، ويبدو أن دولة الاحتلال التركي، ستكون الخاسر الأكبر لسياساته الرعناء الداخلية والخارجية.
ونحن ندرك، أن أردوغان ونظامه الفاشي سيستمران باتباع السياسات نفسها، التي يتبعها اليوم، فضلا عن أنه سيسعى جاهدا للبحث عن ثغرات يمكن من خلالها تصعيد هذه السياسات متأملاً نجاحها، ولكن الأيام القادمة لن تكون كما يتمناها أردوغان وطغمته الحاكمة في تركيا.