سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الانتخابات في الإسلام

د. محمد القادري_

عند تكوين الدولة الإسلامية في بدايتها، لم تكن هناك انتخابات لاختيار القيادة العليا للدولة، أو المسؤولين عن القرى والمدن، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم جاء رسولاً ونبياً وقائداً للدولة ومختاراً من الله سبحانه وتعالى، ومن بعده جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه في اجتماع سقيفه بني ساعده، وكذلك تم تعيين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من قبل أبي بكر الصديق، وليس انتخاباً من المسلمين، والصورة الأولى التي تجلى فيها الانتخاب والاختيار هو ما قام به عمر بن الخطاب قبل رحيله عن الحياة حينما عين ستة من الصحابة وجعل الانتخاب محصوراً فيهم، أي إنهم من ينتخبوا واحداً منهم لقيادة الأمة، وكان الاختيار على عثمان بن عفان، نحن نعلم أن الإسلام قد وضع مبدأ الشورى بقوله سبحانه وتعالى: “وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ”، وجعل سوره كاملة باسم سورة الشورى، أي أنه أمر مهم جداً في الحياة الاجتماعية والسياسية، ويذكر التاريخ أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا بعد مقتل عثمان بن عفان على انتخاب ومبايعة علي بن أبي طالب الذي رؤوا فيه الأهلية لقيادة الأمة الإسلامية، ونقول بوضوح وصراحة إن رؤساء الولايات الإسلامية والمدن والقرى، لم يكن يتم انتخابهم من الشعب، بل كان تعييناً مباشراً من ولي الأمر وكانت تتجلى بعض الصور الديمقراطية في هذا الأمر، حينما كان يتم تعيين الوالي من المنطقة، ويكون أهلا لإدارة شؤونها ومحبوباً لدى أهل ولايته ومنطقته، وكذلك إذا قرأنا التاريخ للدول والإمارات الإسلامية المتعاقبة مروراً بالدولة الأموية والعباسية والمماليك والعثمانية، لا نرى وجوداً أو أثراً للانتخابات بالمعنى والمصطلح الحديث، وما يجري من انتخابات في دول تسمي نفسها اليوم إسلامية إلا تشبهاً بالدول المتحضرة والديمقراطية، لذلك نرى أن مجالس الشعب في الشرق الأوسط كثيراً منها لا يمثل إرادة الشعب، ويتم تعيين أعضائها من السلطات العليا، ولقد قلنا إن نظام الانتخابات لم يكن موجوداً في السابق لصعوبة التواصل وعدم اهتمام أولي الأمر برأي الشعب؛ لأن الشعب مأمور بإطاعة أولي الأمر بقوله تعالى: “أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ”، وما يصدره أولي الأمر من قرارات وفرمانات كانت ملزمة لكل الشعب مهما كان مضمونها، نعم إن القواعد الأساسية للإسلام في إداره المجتمعات تدعو إلى العدالة والمساواة وإعطاء الحقوق، وعدم الظلم ولكن التطبيق على أرض الواقع لم يكن كذلك.