سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الإيكولوجية الاجتماعية

بيريفان عمر_

علم البيئة الاجتماعية، هو منهج علمي لكيفية تأثر الهيكل الاجتماعي وتنظيمه ببيئة الكائن الحي ويتعلّق علم البيئة الاجتماعية بعلم الاجتماع بشكلٍ كبير. تتكون الإيكولوجيا الاجتماعية، وهي جزء من علم البيئة، من تيار فكري تم تطويره ومعالجته وطرحه بواسطة موراي بوكتشين، العالم الأناركي الأمريكي.
حيث تنطلق الإيكولوجيا الاجتماعية من قناعة، بأن جميع مشاكلنا البيئية الحالية تقريباً تنشأ عن مشاكل اجتماعية متأصّلة وقديمة. وانطلاقاً من هذا الموقف، لا يمكن فهم المشاكل البيئية، ناهيك بإيجاد الحلول، دون فهم دقيق لمجتمعنا الحالي واللاعقلانية التي تُهيمن عليه. بمعنى آخر، الصراعات الاقتصادية والعرقية والثقافية والجنسانية تحدث وسط أخطر الاضطرابات البيئية التي واجهتها البشرية.
وهنا على الإيكولوجيا الاجتماعية، أن توضح للفرد هذه العلاقة العضوية بين الإنسان والطبيعة وكيفية بناء التكافل، Symbiosis، بين الأفراد والجماعات والطبيعة. أي نُظم حياة يتبادل فيه الأفراد الموارد ويعملون معاً من أجل المصلحة العامة. وعلى أساسه طرح موراي بوكتشين هيكل لتنظيم المجتمع وهو نظام إدارة للحياة يشمل الملكية الجماعية المشاعية، وتنظيم فدراليات مؤلفة من كومونات محليّة صغيرة ومستقلّة.
هذه هي نظرية الإدارة السياسية، التي ترتبط بنظرية الإيكولوجية الاجتماعية التي طرحتها سابقاً، وهي نظام إدارة كان موجوداً قبل قيام الدولة بشكلها الهرمي الحالي. ويتناقض هذا النظام مع النظام البرلماني لناحية الدور الفاعل للفرد في إدارة حياته. فالنظام البرلماني يعني أن للأفراد دور محدود هو الاستهلاك اليومي للسلع والمشاركة في الاقتراع مرة كل أربع سنوات لاختيار ممثل ينوب عنهم.
تتشابك الكومونات والمجالس البلدية مع بعضها في فدراليات تُشكّل سلطة بديلة مضادة لهيمنة الدولة والنظام الرأسمالي على الحياة ومواردها. وتغيير هيكلية المجتمع هو التحدّي الأساسي الذي من شأنه استعادة السلطة من قبل الناس، وأفضل ساحة لخوض هذه المعركة هي البلديات، بلديات المدن والقرى.
ففي هذه الفضاءات نملك فرصة لخلق ديمقراطية مباشرة يتفاعل فيها أفراد الكومونة، ويعملون معاً من أجل مصلحة الفرد والجماعة، وانطلاقاً من هذا المفهوم فإنه مع بدأ الثورة في روج آفا تم تنظيم المجتمع على هذا الأساس، فتم تنظيم الكومينات في كافة الأحياء في القرى والمدن وأصبح الكومين الخلية الأساسية لإدارة المجتمع، والذي ينظم حياة الأفراد في منطقة جغرافية محددة، وتجتمع هذه الكومينات تحت مظلة مجلس، يوحدها ويناقش القرارات المشتركة التي تخص المنطقة بشكلٍ عام.
وأيضاً تم التوجه نحو تنظيم الاقتصاد بالشكل الكومينالي، والاهتمام بحماية البيئة وتطوير المشاريع البيئية في كافة مجالات العمل، وربما تعتبر هذه الخطوة في بدايتها، ولكنها أثرت بشكلٍ كبير على تنظيم المجتمع، وشكّلت قاعدة أساسية على أساسها يتم تطوير هذا المفهوم بشكلٍ مستمر، ليتطابق مع هذه النظرية، أي نظرية الإيكولوجية الاجتماعية ومع المبادئ الأساسية لفكر الأمة الديمقراطية ككل والمتمثلة بالديمقراطية والإيكولوجية وحرية المرأة.