سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الإنشاء الاجتماعي.. سياسة ديمقراطية

استيرك كلو 

أعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا عن إجراء انتخابات البلدية وفق العقد الاجتماعي، تعتبر هذه العملية من دعائم السياسة الديمقراطية التي تفتقدها منطقة الشرق الأوسط منذ قرون. تعتمد العملية الديمقراطية هذه على ضم كافة الشعوب السوريّة؛ حفاظاً على مكتسبات الثورة ضد كافة أشكال الهجمات التي تتعرض لها وخاصةً شمال وشرق سوريا في هذه الفترة. المحور الأساسي في تسيير سياسة الغزو والاحتلال وإشعال الحروب، تتركز على تلبية مصالح السلطة كنظام هيمنة وليس كنظام يعتمد في جوهره على دمقرطة المجتمع.
تنبع أهمية انتخابات البلدية في شمال وشرق سوريا أولاً من اعتماده على صوت الشعب والمرأة وتشكيل آلية الاعتماد على كومينالية المجتمع لإدارة نفسه بنفسه. ربما يسأل البعض، هل تأتي الديمقراطية تحت بوابل القصف والنار؟، نعم، كون الإنشاء الاجتماعي من أكثر التلاحمات التي تساعد الشعوب والمجتمعات في حماية قيمها ضد سياسة الإنكار والإمحاء إذا ما كان صاحب القرار في تقرير مصيره.
وقد شهد الشمال السوري أمثلة واضحة على هذا الموقف، وأولها كان التصدي لإرهاب داعش الذي بدأ من عام 2014 بالهجوم على كوباني الذي يدافع عنه أردوغان الآن عبر ما سماه بقضية كوباني في الحكم على السياسيين والسياسيات الكرد بعشرات الأعوام سجناً وشرعنة ارتباطه بهذا الإرهاب، لا بل وتجريم الذين دافعوا عن الأراضي التركية ضد الهجمات الإرهابية هذه.
أما ثانيها فهو تصدي شعوب شمال وشرق سوريا للهجمات التركية اليومية التي طالت بنيته التحتية ويعاني من آثارها الملايين في حياتهم اليومية. وفي خضم كل ذلك تستمر الإدارة الذاتية الديمقراطية في استكمال سير الانتخابات البلدية دون الرضوخ لكل هذه الضغوطات؛ وذلك إيماناً بمبادئ الديمقراطية الاجتماعية التي رصت بنيانها على هذا البناء القوي، على خلاف جميع الأنظمة الدولتية التي حوّلت حياة المجتمعات والشعوب وعلى رأسها المرأة إلى جحيم، في ظل المركزية بحجة المخاطر الخارجية والحروب، وعلى رأسها الدولة التركية التي تلجأ إلى السياسة الفاشية عبر الحكم الرئاسي الأحد داخلياً وخارجياً.
 لو لم تؤسس شعوب شمال وشرق سوريا نظامها الديمقراطي عبر تشكيل الآلية الإدارية الديمقراطية التي تعتمد في جوهرها على روح الكومين ونظام المجالس، فلا يمكنه التصدي للهجمات الاحتلالية التي تُهدد وجوده يومياً، ولا الحفاظ على مكتسباته التي حققها من خلال تقديمه تضحيات عظيمة مادياً ومعنوياً. والذي يلفت الانتباه ازدياد هجمات الاحتلال التركي على شمال وشرق وسوريا بعد الإعلان عن موعد الانتخابات وخاصةً على منطقة منبج وعفرين، وهذا ما يدل إلا على استهداف العملية الديمقراطية التي تمثل إرادة الشعب السوري. اجتمع الآلاف من أبناء الشعب السوري عبر ملتقى للعشائر كتعبير عن تكاتفهم ضد كل من يهدد أمنهم واستقرارهم، والتصويت بإرادتهم الحرة على تحديد إدارة ومصير الشعب نفسه بنفسه، فإن لم تكن هذه ديمقراطية، إذن بماذا يمكننا تسميتها؟ انتهت الخطوة الأولى بإتمام الانتخابات التمهيدية، ويتم التحضير لإجراء الانتخابات الرئيسية في الحادي عشر من حزيران الجاري أمام مرأى ومسمع العالم بعد دعوة المفوضية العليا للانتخابات في شمال وشرق سوريا كافة المنظمات الإقليمية والعالمية للمراقبة، هذه الخطوة جزء هام ورئيسي من السياسة الديمقراطية التي تؤدي إلى إنشاء مجتمعي قادر على التكوين والدفاع عن نفسه.