سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الإعلام والإرهاب… الباغوز نموذجاً

فادي عاكوم –

يعتبر الإعلام خلال الحروب أحد الأدوات الأساسية التي يُعوّل عليها لاستكمال النصر، أو لحثّ الهِمَمِ لتعديل الخسارة إلى انتصار، وتعاظم هذا الأمر بعد الانتشار الكبير لوسائل ووسائط الإعلام التي باتت تتيح الوصول إلى المعلومة وإيصالها إلى المتابع بكلّ سهولة ويُسرٍ، لدرجة أنّها تكاد تكون متابعة لحظيّة لما يجري على الأرض.
في معركة الباغوز والتي تشهد نهاية دولة الخلافة المزعومة ومرتزقة داعش، فإنّ العديد من المفارقات تمّ ملاحظتها فيما يخصّ الإعلام، أوّلها الجَهد الكبير الذي يقوم به المكتب الإعلاميّ لقوّات سوريّا الدّيمقراطيّة، من ناحية التعاطي مع وسائل الإعلام المختلفة والتي تخطّى عددها الثلاثمئة وسيلة إعلامية، حيث يتمّ تنظيم اللقاءات وتأمين التنقّل وتجهيز مواقع التصوير، بالإضافة طبعاً للحماية وذلك دون أيّ عراقيل مع رضى واسع من مختلف الصحفيين المنتمين لجنسيّات مختلفة والذين أمّوا المنطقة.
أمّا على صعيد المضمون، فإنّ العديد من القنوات الإخباريّة ووسائل الإعلام المختلفة وقعت بفخّ الدّعاية السلبيّة، فتحت شعار حريّة التعبير وتمّ فتح المجال للدّواعش والدّاعشيات بالكلام دون حذف أيّ كلمة من تصريحاتهم، وبعضها لا يزال يروّج لفكرة الدّولة الإسلاميّة المزعومة، ممّا استدعى المكتب الإعلاميّ التابع للإدارة الذّاتيّة في شمال سوريّا لإصدار بيان بصيغة “التمنّي” للانتباه لهذا الأمر. ويلاحظ في التغطيات الإعلاميّة حضور قويّ لوسائل الإعلام الغربيّة، بحيث تكاد الوسائل العربيّة تُعدُّ على الأصابع خصوصاً الفضائيّات الإخباريّة، ممّا يطرح التساؤل الجدّي حول هذا الغياب أو اللامبالاة حول أهمّ حدث في القرن الحالي وهو القضاء على آخر وجود عسكريّ لدولة داعش الإرهابيّة، ممّا يدفعنا للسؤال المنطقي، هَل كان الوضع سيكون مماثلاً لو أنّ المهاجمين ليسوا قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة؟
ألا أنّ من أثبت نفسه ورغم تواضع الإمكانيّات مقارنة بكبريات وسائل الإعلام العالميّة، هو الإعلام الكرديّ، فالعديد من التقارير المصوّرة والتقارير الإخباريّة والصور ارتقت إلى أعلى درجات المهنيّة الصحفيّة من ناحية المواكبة الشاملة والتغطية الممتازة بشكل تلائم وحجم الانتصار الذي تمّ تحقيقه، إلا أنّه لا بدّ من الإشارة إلى بعض التقارير المصوّرة التي أذيعت باللغة الكرديّة إن تمّ ترجمتها أو تمّ بثّ نسخة أخرى باللّغات الأخرى كالإنكليزيّة أو العربيّة؛ لرأينا انتشاراً كبيراً لهذه التقارير حول العالم، وهذا خطأ لو كان بالإمكان تداركه، فالوقت لا يزال متاحاً، لأنّه لو تمّ فإنّنا سنرى كوكبة من نجوم الصحافة والإعلام الجُدد.