سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الإزار اليمني… حياكة الألف عام يهددها “نسيج الصين”

على رغم أن الإزار إرث قديم ارتداه الإنسان قبل نحو ألف عام وأكثر، إلا أنه لا يزال لباساً رسمياً لليمنيين كباراً وصغاراً، وعلى رغم إرثه في اليمن وحياكته التي يورثها الأجداد للأحفاد إلا أن “غزو النسيج الصيني” بات يهدد مستقبل الحائكين في البلاد.
ففي عالم الموضات المتقدمة والتصاميم والألوان المدهشة ومظاهر التطور المتتابع للأزياء حول العالم، لا يزال الزي التقليدي يحافظ على حضوره اللافت ويحتفظ بمكانته الخاصة في مناسبات اليمنيين الاجتماعية والدينية داخل البلاد وخارجها وباتت حياكته واحدة من الصور التي يتباهى بها أبناء سبأ.
والإزار اليمني قطعة قماشية يتمنطق بها اليمني من منتصف جسمه حتى منتصف ساقيه، وتزينه رسمات متنوعة ذات ألوان زاهية تجعل منه قريباً إلى الروح وإلى البساطة أيضاً في عصر الحداثة وعالم الموضات.
ولمعرفة طريقة حياكة الإزار اليمني والمسمى قديماً “الحوك” وحديثاً “المعوز”، لا بد من أن تسافر إلى أحد المواطن الأصلية حيث يصنع وتلتقي أشخاصاً توارثوا تلك الحرفة أباً عن جد. وهذا ما حدث لنا.
الحياكة التقليدية
ففي مدينة الحديدة الساحلية (غرب اليمن) يقوم شباب يمنيون مهرة بحياكة الإزارات اليمنية ذات الأسماء المختلفة، التهامية واليافعية واللحجية والبيضانية والحضرمية والشبوانية والتي تبدأ عملية صناعتها من لف الخيوط يدوياً على مغازل تُعرف باسم “المشارع” قبل غزل أنواع عدة من الخيوط ورميها من جهة إلى أخرى ويطلق عليها “المزجات”، وبعدها تأتي عملية نسج المعوز.
وبالنسبة إلى أنواعها المسماة بـ”التهامية واللحجية والشبوانية والبيضانية والعدنية” فهي تعود لجذور مواطنها ومسمياتها الأصلية. أما ارتداء “الإزار”، فيبقى ثقافة متوارثة وتقليداً أصيلاً وموروثاً شعبياً متداولاً يحكي عن عمق الإنسان اليمني المتصل بتراثه عبر العصور، إذ تمتزج فيه ثقافة الملبس المتوارث عن الأجداد بإبداع صناعته وحياكته عند الأحفاد.
حِرفة الألف عام
يقول نشوان في حديثه إلى “اندبندنت عربية” إن: “عمرها أكثر من ألف عام وحياكة الإزار نتوارثها أبّاً عن جد”، ومنبع هذه الحرفة في جبال أوصاب التابعة لمحافظة ذمار (جنوب صنعاء) ومدينة زبيد قبل أن تنتقل إلى عدن وصنعاء والحديدة وبقية المحافظات الأخرى.
مصدر للرزق والتكسّب
وعلى رغم قدم حياكة “المعاوز” كما يسميها السكان المحليون، إلا أنها ما زالت من أهم الصناعات النسيجية اليمنية ومصدر رزق لكثير من المواطنين في عموم البلاد. ويتفاوت سعر الإزار (المعوز) من 10 آلاف ريال يمني (حوالي 20 دولاراً) إلى 35 ألف ريال (حوالي 30 دولاراً)، ويختلف سعر القطعة الواحدة عن الأخرى. ومع المناسبات والأعياد والأفراح يزداد الطلب على الإزار في الأسواق اليمنية. وحالياً، يشتكي تجار الإزارات اليمنية “من ضعف الإقبال على شرائها مع غزو المعاوز الصينية السوق اليمنية ورخصها مقارنةً بالإزارات اليمنية التقليدية”.
خلفيّة تاريخية عن اللباس والزينة
ويحكي التاريخ أن اليمني القديم وضمن مسارات الحضارات الإنسانية التي شهدها جنوب شبه الجزيرة العربية عرف اللباس والزينة، “فاليمنيون عرفوا قديماً القمصان المزركشة برسوم نباتية وأخرى هندسية، كما عرفوا قمصاناً أخرى غير مزركشة أو مخططة، وجميعها تعكس الرخاء المادي”.
ويضيف الدكتور ثابت الأحمدي في حديثه إلينا أنه: “يمكن مشاهدة هذه القمصان على أعمدة معبد ’نشان‘ ومنحوتات أخرى أوسانية تمثل رجالاً في أوضاع مختلفة، وجميعهم يرتدون قمصاناً تغطي البدن بصورة فضفاضة من الرقبة حتى أعلى القدمين ولها أكمام طويلة أو قصيرة وفتحة رقبة مستديرة واسعة، وثمة منحوتات أخرى أوسانية وقتبانية”.