كان من الضروري أن يتبلور كيانٌ سياسيٌّ يأخذ على عاتقه قيادة المرحلة ويوحّد العملَ ضمن إطارٍ تنسيقيّ، فتأسست حركة المجتمع المدنيّ TEV– DEM، وضمّت عدة أحزابٍ سياسيّة، وعقدت مؤتمرها التأسيسيّ في حزيران 2011، ووضعت نُصب عينيها هدفاً أساسيّاً هو التحضير للثورة، ولكن ليس بالمعنى الذي تم تداوله في تلك المرحلةِ والذي استدرج إلى العملِ المسلحِ، بل المقصود حالة ريادةِ التغيير الفكريّ والمجتمعيّ في المنطقة ضمن السياق الوطنيّ السوريّ، وتطوير مفهومِ الإدارةِ الذاتيّة الديمقراطيّة، فتواصل العمل من أجل تنظيم مجتمعيّ يضمّ مختلفَ الشخصياتِ الاجتماعيّةِ والكياناتِ والأحزابِ السياسيّةِ، وتمّ تبنّي قرارِ تشكيلِ مجالسِ الشعبِ، وفي مستهل عام 2012 أُجريت انتخابات ديمقراطيّة لأعضاء هذه المجالس، وكانت تلك الخطوة مهمة جداً للتأسيس لتنظيم المجتمع وتجسير العلاقات بين مختلف فئاته، وكان لافتاً مشاركة المرأة في هذه الانتخابات وفوزها بالانتخابات في عدد من مجالس المدن، وكان ذلك مؤشراً إيجابيّاً بأنّ شعبنا يمتلك مؤهلات كافية لممارسة الديمقراطيّة.
أولى مظاهر الأزمة السوريّة تجلت باستهدافِ المرافق العامة والمؤسسات الخدميّة وتدميرها وتعطيل عملها واستهداف العاملين فيها تحت عنوان فضفاض أنّهم حاضنة النظام ومؤيدوه، ولكنَّ الرؤية كانت مختلفة في روج آفا، فقد وُضع نصبَ العينِ أنّ تحريرَ المؤسسات إنّما يعني إحياءها لتؤدّي عملها بالشكلِ الصحيح في الخدمة المجتمعيّة، بل على العكس من ذلك تماماً فقد كان المطلوب رفع كفاءةِ المؤسساتِ الخدميّةِ، باعتبار أنّ غايةَ الثورةِ هي رفعُ المعاناةِ والظلم عن كاهلِ المواطن لا إضافة آلام جديدةٍ وتعميقُ الأزماتِ المعيشيّة، فكانت أولى الخطواتِ تشكيل مجالس شعبيّة تعكسُ حقيقة الواقع بمشاركة كلّ المكوّناتِ لتأكيدِ وجودها ضمن البناءِ المؤسساتيّ الذي سيتطور ليكونَ أساس الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة.
السابق بوست
القادم بوست