الأيادي المُبدِعة ثروة لا تُقدر بثمن

تقرير/ هايستان أحمد –

روناهي/ قامشلوـ يصنعون من المواد التالفة ما هو جميل للزينة، ومن خلالها تظهر المواهب الخفيّة لبعض النساء ممن حافظنَ على تراثهن والفلكلور الشعبي، مشغل صغير يُلفِت الأنظار على ما تصنعه أنامل الفنانات في الحرف اليدوية.

الحرف اليدوية من المهارات التي يمكن تعلمها وممارستها بحرفيّة عالية، وقد تطورت الحرف اليدوية عبر الزمن وتحولت من مجرد هواية إلى أعمال ومهن مختلفة، كما أصبحت من أهم الأنشطة التي تلقى اهتماماً واسعاً. فعلى الرغم من تطور الآلات والمعدّات، إلا أنه لم يتم الاستغناء عن الحرف اليدوية، وارتفعت قيمتها مع الزمن باعتبارها فنّاً من الفنون التي تأخذ الكثير من التعب والجهد، بالإضافة إلى مهارة عالية وإتقانٍ كبير وتحتاج  إلى الصبر والخيال الواسع للإبداع، لأن معظم الحرف اليدوية تُعدّ حرفاً إبداعية وذات طابع خاص وجميل.

لمسات إبداعية تبث الروح في الجماد

وفي هذا المجال اُفتتح معرض (هيلين) للأعمال اليدوية في مدينة قامشلو على طريق الكورنيش في قامشلو برعاية هيئة الثقافة والفن عام 2017، علماً أن الأعمال المنجزة المستعرضة في المعرض تُنجز في مشغل خاص، وخلال زيارتنا للمشغل تعرفنا على آليات العمل هناك وكيفية صنع المواد بأبسط الإمكانات.

يتألف المشغل من عدة أقسام مقسمة إلى غرفة للعمل وغرفة لإعادة تدوير المواد التالفة، وقسم للمواد الطبيعة. لم يُفتتح المشغل بشكل رسمي بعد ولكنه سيُفتتح في الأيام المقبلة، وتقوم النساء العاملات في هذا المشغل بصنع مناظر جميلة يدوياً ومنهن أمهات وشابات يمتلكن الموهبة وحسّ فنّي رفيع، وإعادة الرونق والجمالية لأشياء فقدت قيمتها عند الناس، فلكل شيء في مشغل “هيلين” غرض وهدف منه ليكوّن زينة ومناظر جميلة تتزين بها البيوت ولتكون من أغلى الهدايا التي تهدى لأنها تأخذ قيمة معنوية كبيرة عند الجميع، والهدف من فتح هذا المعرض كان إظهار الإيادي الذهبية التي تحيّي التراث والفلكلور وتغنيه أكثر بإضفاء ألوان الإبداع الجديدة، وبسبب الطلب المتزايد على الأعمال اليدوية، فقد عملن لعرض أعمالهن الفنية في مهرجان فن وأدب المرأة الرابع المقام في مدينة قامشلو.

الأم ” فاطمة محمود” عمر من الإِبداع والحفاظ على التراث

دور المرأة العظيم في الحفاظ على التراث والفلكلور ودعمه بشتى الوسائل من البديهيات والمسلمات، وبخاصة في التراث والفلكلور الكردي، والتعريف بها لأجيالنا القادمة، وفي مدينة قامشلو هنالك موهبة رائعة، إنها السيدة” فاطمة محمود” التي تبلغ الخامسة والثمانين من العمر، تهوى التطريز والثقافة الفنية منذ عمر الخامسة عشرة، ورغم بلوغها هذا السن فهي لازالت تُبدع بأعمالها الجميلة في هذا الفن وتصنع منه أقمشة وعظام وقطع خشبية قد تبدو لا قيمة لها، ولكنها عند الأم “فاطمة” مواد أولية لصنع مناظر وزينة تلفت الأنظار. فالأم فاطمة تمتلك حسّ فني جميل فهي كانت تهتم ببيتها وأولادها وبنفس الوقت تصنع ما تتقن يداها وكانت تزرع أنواع كثيرة من الورود وترسم على أحواض الزرع رسوم جميلة، وتقول الأم “فاطمة” عن موهبتها هذه: (أعمالي هذه وصلت لعدة بلدان فكل أقاربي وأهلي يريدون شيئاً من صنع أناملي، ووصل هذا الفن إلى ” لبنان، وأرجاء كردستان، وكندا، وتركيا”).

وتمنت أن تزدهر ثقافة الفلكلور وأن تتعلم الأجيال القادمة ما تعرفه كي لا يضمحل أي إبداع فني.

لطالما كانت وستبقى الأم رمزاً لكل ما هو جميل وحيّ في الحياة ونتمنى أن تُظهِر ما تُتقِنه بدون خجل أو خوف وأن تُثبِت موهبتها وقدراتها العظيمة للعالم أجمع لأنها عماد المجتمع وتستطيع بلمسة صغيرة منها أن تقدم الكثير للعالم.