الأصدقاء ملح الحياة

تقرير/ ليلاف أحمد –

روناهي/ قامشلو- في زمنٍ أصبحت كلمة الصداقة عارية عن معناها الجوهري الحقيقي، وتُطلق على كل علاقة عابرة؛ ما زال هناك من يقدسها ويعطيها حقها من الود والصدق

قيل لأحد الحكماء ما معنى الصديق؟ قال: “لفظ بلا معنى”؛ هناك أشخاص يؤمنون بالصداقة ويسعون إلى تحقيقها دون عوائق. كلمة الصديق مشتقة من كلمة الصدق، ويعني ذلك أن الصديق هو من يصحح لنا أخطاءنا ويقف بجانبنا ويصحح مسارنا دون كذب، وكذلك كل ما يقوله لك هو نابع من قلبه، لا كذب فيه أبداً. ولكن النزعة التشاؤمية والقناعة بعدم وجود شيء اسمه صداقة، تطغيان على الغالبية من الناس في العالم.

تقول “بيريفان العمر” من مدينة قامشلو، “لا أحد يستطيع أن يكون صديقك المقرب؛ لأن الصداقة تقاس بعظمة الصديق حين تجده في عز احتياجك، ينتشلك في ضعفك، ينتقدك بهدف إيقاظك، وقت مرضك تراه بجانبك، يسعدك بخبر سار سمعته، كل هذا المواقف تميز الصديق من المزيف”.

 موضحة أن الصداقة وجدت منذ القدم، فهناك بكل علاقة اجتماعية صداقة متينة فبين الام والابن هناك صداقة؛ وصداقات بين الجيران، أما بين زملاء العمل فتعتبر زمالة (زملاء العمل)؛ الصداقة غير الصحيحة تتوضح من خلال المعاملة غير الجيدة، وتفشي الأسرار وبالأنانية بالتحكم أو إظهار نقصك.

وتتساءل بيريفان قائلة: “هل تقرّ بوجود صداقة حقيقية أم لا؟ سؤال يحتمل الإجابتين في آن واحد، الإجابة عن هذا السؤال مشروط بالضرورة، أي أنها تتعلق بالمنفعة وبالبناء الشخصي، وبعيداً عن الحكم الأخلاقي، وبهذه الحالة تعتبر الصداقة مصلحة شخصية لا أكثر”.

الصديق وقت الضيق

تقول سولين علي الفتاة الجامعية من مدينة قامشلو: “الصداقة من أكثر النعم التي يحصل عليها الإنسان عبر حياته، عن طريقها يشعر بالأمان؛ لكن كلمة صديق لا تُطلق على أي شخص”.

وأكملت حديثها قائلة: “اؤمن بالصداقة جداً، لكن حسب الصديقة التي أرافقها، فهناك أصدقاء صدوقين هم الذين لا يغيرهم الزمن؛ والصداقة الحقيقة هي تلاحم شخصين في شخصية واحد تحمل فكراً واحداً، أما أصدقاء المصلحة هم الذي يتغيرون في كل حين حسب ما يحتاجون، والصداقة كالمظلة كلما ازداد المطر ازدادت الحاجة إليها”.

أوضحت سولين أن التجارب تبين من خلال المواقف والشدة حقيقة الإنسان، وأن الصداقة أعمق من التعاملات السطحية التي يؤمن بها البعض.

فكلما كبر الشخص وتقدم به العمر أصبح دقيقاً بانتقاء أصدقائه، ليندا مصطو من سري كانيه وهي طالبة في الجامعة تتحدث عن الصداقة بحب وحماسة: “إنها من أجمل العلاقات المقدسة التي نحصل عليها، الصداقة موجودة رغم كل المسافات”. وأشارت إلى أن الصداقة هي الكلمة الوحيدة المليئة بالحب والحنية والطمأنينة، وعن ما مرت به ليندا عندما تعرضت مدينتها للهجوم الوحشي من قبل تركيا المحتلة عبرت بالقول: “أصدقائي كانوا الملاذ الآمن بين خراب الحرب ودماره، وجدتُ الصداقة عكازتي التي استندت إليها حتى على الرغم من البعد عن بيتي بسبب الحرب التي فرضت علينا، فكانت قلوب الأصدقاء مليئة بالأدعية ليحمينا رب السماء من خدوش الحياة”.

اختتمت ليندا أن الاختيار الصحيح هو الركيزة للصداقة حقيقية وصحيحة؛ والصداقة هي طريق المحبة والرشد؛ المسافات لا تعيق الصداقة فظروف الزمان والمكان لا تقلل المحبة بين أي صديقين حقيقين.