سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الأديب الألباني إسماعيل كاداريه… يرحل عن قصر الأحلام

في مستشفى تيرانا، وبُعيد اصابته بسكتة قلبية، وطول معاناة مع المرض توفي الاثنين الفائت، الكاتب الألباني الشهير إسماعيل كاداريه، الصوت العالمي البارز، والذي وهب حياته وتجربته الأدبية والفكرية للوقوف في وجه الشمولية.
ولد كاداريه يوم 28 كانون الثاني 1936 في مملكة ألبانيا إبان حكم الملك زوغ الأول، وذلك في مدينة «جيروكاستر» الجبلية التاريخية الحصينة، ذات المنازل الحجرية العالية، الواقعة جنوب ألبانيا، التحق كاداريه بالمدارس الابتدائية والثانوية في مدينته، ودرس بعد ذلك اللغات والأدب في كلية التاريخ وفقه اللغة، بجامعة تيرانا، وحصل سنة 1956 على شهادة المعلم، وتزوج من الكاتبة الألبانية هيلينا جوشي، وعاش في العاصمة الألبانية تيرانا حتى سنة 1990، لينتقل إلى فرنسا، وصار منذ سنة 1996 عضواً مدى الحياة في أكاديمية العلوم السياسيّة والأخلاقيّة الفرنسيّة، وفي سنة 2016 حصل على وسام جوقة الشرف الفرنسي، وفي سنة 2019 تم تحويل شقته في تيرانا إلى متحف يعرض أعماله وحياته، ومنذ التسعينيات ظل الحزبان السياسيان الرئيسيان في ألبانيا يطالبانه أن يصبح رئيساً توافقياً للبلاد، ولكنه أصرّ على رفض لذلك.
بدأ كاداريه في الكتابة منتصف الخمسينات، فكان روائياً وشاعراً وكاتب مقالات وسيناريو ومسرحيات، ركز في بداياته على الشعر، ونَشْر بعض القصص القصيرة، حتى نَشَر روايته الأولى «جنرال الجيش الميت» سنة 1963، التي لفتت الأنظار إلى تجربته الأدبية، وأكسبته شهرة عالمية، وهي رواية تحكي قصة جنرال إيطالي في مهمة قاسية يحاول خلالها العثور على رفات جنود بلاده، الذين لقوا حتفهم في ألبانيا خلال الحرب العالمية الثانية وإعادتهم إلى إيطاليا، لتتوالى أعماله الروائية، مثل: رواية «القلعة» أو «الحصار» الصادرة سنة 1970، والتي تتناول التاريخ الألباني، وتروي قصة المقاومة المسلحة للشعب الألباني ضد الأتراك العثمانيين في القرن الخامس عشر، ورواية «قصة مدينة الحجارة» الصادرة سنة 1971، التي استلهمها من مدينته «جيروكاسترا»، وكذلك رواية «الشتاء العظيم»، الصادرة سنة 1977 وتصور الأحداث التي أدت إلى الانفصال بين ألبانيا والاتحاد السوفييتي.
وتعدُّ روايته «نيسان المكسور» الصادرة سنة 1980، والتي كتبها باللغة الألبانية وترجمت إلى الإنجليزية، من أهم أعماله، وهي رواية ذات ملمح إنساني بالدرجة الأولى، قبل أن تكون وطيدة الصلة بالتاريخ الألباني، لكونها تتناول قضية «الثأر» بأسلوب نفسي غير تقليدي، يزيح النقاب عما يعتمل في نفوس أبطاله من أفكار ومشاعر، ويذكر أن الرواية قد حُوِّلَت إلى فيلم سينمائي عام 1984م بعنوان «غير المدعوين» للمخرج الألباني «كوجيم تشاشكو»، فيما استلهم المخرج البرازيلي «والتر ساليس» القصة ذاتها في فِلْمه «وراء الشمس» مع تغيير أسماء أبطاله.
بالإضافة إلى أعماله الروائية المتميزة، قدم كاداريه الكثير من الأعمال المختلفة، من بينها نحو عشر مجموعات شعرية، جُمعت في مجلد واحد سنة 2018، ومثلها من المجموعات القصصية، جُمعت في مجلد بعنوان «نثر قصير» سنة 2018 أيضاً، والعديد من المقالات الأدبية والفكرية والسياسية.
وبحلول عام 2020، كانت معظم أعمال كاداريه التي يبلغ عددها نحو 80 مُؤلفاً قد ترجمت ونشرت إلى أكثر من 45 لغة، منها اللغة العربية، ومن بين أعماله المترجمة إليها: «جنرال الجيش الميت»، و«من أعاد دورنتين»، و«الجسر»، و«الوحش»، و«مدينة الحجر» و«قصر الأحلام».
حصد كاداريه العديد من الجوائز الدولية، ففي سنة 1992 حصل على جائزة «سينو ديل دوكا» الدولية للآداب في فرنسا، وفي سنة 1998 حصل على جائزة «هيردر» في ألمانيا، وفي سنة 2005 حصد جائزة «البوكر» الدولية في الأدب في بريطانيا، وفي سنة 2009 حصل على جائزة الأمير «أستورياس» للفنون في إسبانيا، كما حصل على جائزة «بارك كيونغ» في عام 2019 في كوريا الجنوبية، وجائزة «نيوستادت» الدولية للأدب سنة 2020 في الولايات المتحدة الأمريكية، ورُشِّح لجائزة نوبل للأدب 15 مرة.
وكالات