سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الأخلاق والحرية الإنسانية في فكر القائد عبد الله أوجلان

د. علي أبو الخير_

“غزة… وانتفاء الأخلاق”
ما حدث ويحدث من الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة من قتل وهدم وتشريد للبشر، لا يمت لدين أو إنسانية بصلة، لأن الحرب فاقدة للأخلاق والضمير، ومن الضروري القول إن الاستعمار العالمي يحاول السيطرة الكاملة على طرق التجارة الدولية، ويحتل الأراضي ويتاجر في العبيد والمخدرات بدون وازع خُلقي.
ومن أهم أسباب زرع الكيان الصهيوني في فلسطين هو منع التواصل بين الشرق والغرب العربيين، ومنع تواصل قارتي أفريقيا وآسيا، وخلق عدو، يُمثل سابقاً في الشيوعية والماركسية، ثم العدو من الأديان السماوية بما فيها الدين اليهودي نفسه، وكل هذا معدوم الأخلاق، وانعدام الأخلاق يقود لفقدان الحرية، ومنع الحقوق وسلب الإرادات، وهو ما كتب عنه المفكر عبد الله أوجلان، فهو يحلل تلك الأمور من وجهة نظرة للأخلاق والحقوق والحرية.
وفي سعي الحضارات للسيطرة تكون الأخلاق في غيبة من أمورها، ربما لم تشذ حضارة واحدة عن ذلك، قال القائد عبد الله أوجلان نقلاً عن كتبه مثل الأمة الديمقراطية والرأسمالية والمدنية وغيرها ومن موقع الحوار المتمدن – العدد: 2884 بتاريخ 10/1/2010م : قال: “رجحت كفةُ التجارةِ في أداءِ دورِها ضمن كافة الحضارات القديمة، المصرية واليونانية والبابلية والرومانية، ثم ضمن الحضارةِ الإسلامية في العصورِ الوسطى، فسيدُنا محمد والدينُ الإسلامي على عُرىً وثيقةٍ مع التجارةِ من الناحيةِ الاقتصادية، وبقدر ما اقتَضَت حمايةُ التجارةِ طرازاً على شكلِ إمبراطورية، فهي منتبهةٌ تماماً لِكَونِه حجر عثرةٍ أمامها لنفسِ السبب، حيث يُعيق باستمرارٍ تَحَوُّلَ رأسِ المال التجاري إلى شكلِ الإنتاج الرأسمالي. والنسيجُ الاجتماعيُّ، ومفهوم الإسلام في الأمة، هو أممية الأقوام، التضاد مع الربا، مساعدة الفقراء، وغيرها من الأمور المشابهة، فيُمكنه تقديمَ مساهمةٍ هامةٍ لمشروعِ الحريةِ الاجتماعية، أما العثمانيون، فلم يَنقُلوها إلا من حيث الاحتكار السياسي، وعلى نطاقٍ محدود. وتجسدت تأثيراتُها في التفافِ القوى السياسيةِ والدينية في أوروبا حول الرأسماليةِ أكثر، لِتَتَمكن من إحرازِ النجاح تجاه العثمانيين. فلولا العثمانيين، ربما لَما اضطرت القوى الاحتكاريةُ الدينيةُ والسياسية في أوروبا لتنظيمِ نفسها على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصاد الرأسمالي بهذا القدر… مرةً أخرى نجد القوةَ تُوَلِّد القوة، وهذا بدوره ما يُسَرِّعُ من وتيرةِ بحثها عن الشكلِ الاقتصادي المناسب”.
الأخلاق والحقوق والحرية… فلسطين والكُرد نموذجاً
هنا يربط القائد عبد الله أوجلان بين التجارة العالمية الرأسمالية حتى على مستوى التبشير الديني، لأن التبشير الديني يحمل في طياته نزعة رأسمالية، بل نزعة استعمارية تُعلي من شأن المؤمنين بها، والحد من اتباع الديانات الأخرى، والحضارة الإسلامية مثلاً انتقل أثرها لأوروبا، أما باقي الدول التي دانت بالإسلام، فقد دخلت عبر قوافل التجارة، ومعها أخلاق دينية، وفي الأساس يوجد تبشير سياسي بغطاء ديني، والرأسمالية العالمية الحديثة أخذت من ميراثها القديم السيطرة على الموارد والبشر، لكونها فاقدة الأخلاق.
إن القائد عبد الله أوجلان ربط ربطاً علمياً وروحياً معاً بين حركة التجارة العالمية الرأسمالية الاحتكارية وبين الحروب التي تخلقها الرأسمالية الغربية الأوروبية، وربط بين فقدان الأخلاق في حروب صنعتها الرأسمالية، نعم صنعتها واحتكرت تجارة السلاح، فمنعت حقوق الشعوب المهزومة والضعيفة، وأجبرتها على شراء السلاح لتقتل الشعوب بعضها البعض برعاية صهيو – أمريكية أوروبية، وهي مأساة مازال العالم يعيش بها وعليها.
 ما يحدث في فلسطين خير دليل على ما نقول، ومأساة الشعب الكردي أكثر دلالة، لأن الكرد لا يساعدهم أحد إلا أنفسهم وسواعدهم، فلا دول إسلامية ولا نظرة دينية من مؤسسات العالم الإسلامي، ولا إدانة لمحرقة كيميائية كما حدث لهم، ولا رادع للنظام التركي العنصري، رغم أن الشعب الكردي يعيش وسط العالم القديم المتجدد، وقدم للإسلام والعالم خير النابغين من الأمة المظلومة، كله بسبب عدم وجود أخلاق على مستوى المجتمعات،  يقول المفكر عبد الله أوجلان “إن  الفراغَ الناجمَ عن غيابِ الأخلاقِ لا تَملأه سوى التبعيةُ والخنوعُ وانعدامُ الحرية، الأخلاق منبع العدالة في الأمة الديمقراطية” وهي مقولة صادقة، لأن الحر هو من يتمتع بالأخلاق العليا والمُثل الإنسانية بفطرتها وديمومتها، وقليل من يتمتع بالقوة الرأسمالية والأخلاق، والتاريخ القديم والحديث والمعاصر هو خير شاهد ودليل…