سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

افتراءات الدولة والسلطات التركيّة وكذبها عن الانفصال والإرهاب ـ2ـ

أحمد شيخو_

حل القضية الكرديّة يُحقق الوحدة والاستقرار في دول المنطقة 
أما الشعب الكردي وبمساره السياسي الأكبر وبغالبيته الأوجلانية المتبلورة للمشروع الكردي الديمقراطي أو بتياره الأكبر فهو يرفض التقسيم والحلول الدولتية القوموية وبناء دويلات وظيفية، بل أن ما يطرحه القائد والمفكر أوجلان لحل القضية الكردية في البلدان الأربعة وبما فيها تركيا فهو يساعد الشعب الكردي والشعوب الأخرى وحتى الدولة القومية في حل القضية الكردية ضمن الحدود الموجودة، وعبر بناء الإدارات الذاتية للمجتمعات والشعوب المختلفة لتكون الجبهة الداخلية متينة وتكون بذلك الطاقات الشعبية المختلفة مُفعّلة وموحّدة لتقوية الجبهات الداخلية لمجابهة التحديات الخارجية ومحاولات فرض الحلول التقسيمية والتي تخدم أجندات الهيمنة والنهب للقوى العالمية في النظام الرأسمالي العالمي.
ومن يريد أن يتأكد من إيمان وقناعة الشعب الكردي بالأخوّة بين الشعوب وبالحالة التكاملية والتضامنية، ليقرأ ويبحث في التاريخ الكردي القديم والحديث، فلن يجد في التاريخ والحاضر الكردي سوى التعاون والتضامن والتعايش المشترك، فكل الكيانات الكردية الاجتماعية والسياسية والثقافية وبمختلف تشكيلاتهم وتسمياتهم، كانوا السبّاقين للوحدة والتضامن حتى في العصر الحديث وعندما تم مرحلة تشكيل الدول القومية لم يبحث الكرد عن بناء دويلات قومية لهم، بل ناضلوا مع الترك والفرس والعرب لبناء دول مشتركة لكل الشعوب ولكن الطبقات السياسية والنخبة الحاكمة من القوميات الأخرى عندما وصلت للسلطة كانت تنكر جهود وإسهامات الأمة الكردية، فحروب التحرير والاستقلال في تركيا وسوريا والعراق وإيران وحتى بناء الأردن ولبنان وغيرهم كان للكرد إسهامات وتضحيات كبيرة فيها. بينما التاريخ العثماني والتركي المدمر لحضارة المنطقة يعرفه الجميع، وخاصةً الشعوب العربية التي كانت تحت ذلك الحكم الجائر.
حزب العدالة والتنمية حزب انفصالي وإرهابي
لكن الفكر الأحادي السلطوي الفاشي وبجانبيه القوموي والدينوي والذي تتبناه السلطة التركية والحامل لأجندات قوى الهيمنة والاستبداد والمستورد من الثقافة الغريبة والبعيدة عن قيمنا المشرقية وتحالفات شعوبنا، لم يكن ولم يريد التشارك والحياة المتنوعة والإدارات الذاتية للتكوينات الاجتماعية والثقافية والهويات الذاتية، بل كان يريد التسلّط والحكم ولو كان على متر مربع واحد فقط ويقبل بالمقابل التخلي عن كل ماعدا ذلك حتى التخلي عن الإرادة المستقلة والكرامة، وحال الدولة التركية القومية التي تحورت إلى غير ما كان في حرب الاستقلال والتعهدات الكردية والتركية، والأصح أن نقول أن تشكيل الدولة القومية التركية الفاشية وبمنطقها وممارساتها وذهنيتها الأحادية والتي تجد نفسها في قتل وإبادة الكرد؛ خيانة وإرهاب وانفصال وتقسيم لا مثيل له، فقد قاتل الكرد والترك معاً وعاشوا حوالي ألف سنة وهم يتعاونون ويشاركون مع بعض الإشكاليات الجزئية لكن تركيا الفاشية ومع جماعة الاتحاد والترقي وصولاً لحزب العدالة والتنمية، من أكثر الجماعات والقوى التي مارست الانفصال والتقسيم والإرهاب ضد الشعب الكردي والتركي، فقد انفصلوا عن ذاتهم التاريخية وقيمهم المشرقية التشاركية، وأصبحوا أدوات وتيارات وسلطات لا تؤمن وجودها في السلطة وما تسميه بقاء الدولة سوى بممارسة الإرهاب والاحتلال وفرض التقسيم والانفصال عن الحياة الطبيعية إلى الفاشية المقززة الكارهة للحياة التشاركية والساعية لقتل كل لون مختلف في الحياة، وشعارهم علم واحد ولغة واحدة ودين واحد ووو. وإن كان هناك تيار أو فصيل كردي يطالب بحقوق الشعب الكردي وفق منطق الدولة والتقسيم كالبارزاني وحزبه، فهو الأقرب لتركيا وبل تقوم تركيا برعايته واستخدامه وبدعمه على حساب القوى الوطنية والديمقراطية، ولكن غالبية الشعب الكردي يطالب بالحلول الديمقراطية وحالات الاتحاد والتكامل الضامن للخصوصية الكردية عبر الإدارة الذاتية والكونفدرالية الديمقراطية.
انتخابات البلدية في إقليم شمال وشرق سوريا توحّد سوريا وتخدم المجتمع
وأوضح مثال على زيف وكذب الادعاءات التركية واتهامها للكرد، هو كلامها وتصريحاتها عن الانتخابات البلدية في إقليم شمال وشرق سوريا والواجب إجراءها لإدارة الأمور الخدمية والمعيشية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة لمدن ومناطق تحررت من داعش، فالانتخابات عندما لا تكون وفق المسار الذي يخدم الاحتلال التركي لسوريا وتتريكها وتقسيمها، فهو في نظر السلطات التركية تقسيم وتهديد وعندما تقوم السلطات التركية بإجرائها وثم تقوم بسجن رئيس البلدية المنتخب ووضع وصي كما حصل مع رئيس بلدية جولميرك فهي ديمقراطية وعلى الجميع تقبلها.
والحق إن انتخابات البلدية في إقليم شمال وشرق سوريا هي تعزيز وتحقيق للوطنية وللوحدة والسيادة الحقيقية السوريّة، فسيادة أي دولة تتعزز بسيادة الشعب على مؤسسات الدولة وليس كما تقوله تركيا، ولكن تركيا التي هاجمت قبل أشهر البنية التحتية وخرّبتها وتقطع الماء عن المدنيين وتقطع الأشجار وتقتل المزاعين، لا تريد أن يبقى الناس في الإقليم وهي تعمل جاهدةً للتشويه والتضليل والحرب النفسيّة وتمهيد الأرضيّة لممارسة الإبادة وتكرار ذلك ومتابعة ما فعلته في عفرين وغيرها من المدن التي احتلتها نتيجة ظروف ومواقف دولية مخزية للشعب السوري بكرده وعربه وسريانه.
 تواطؤ القوى الدولية والإقليمية يُعطي مساحة لتركيا لتكذب وتُضلّل وتُخادع وتمارس الإبادة
ربما هنا علينا أن نُشير للمواقف والسياسات الإقليمية والدوليّة التي تعطي المساحة للسلطات التركية بممارسة هذا النفاق والكذب في وضحِ النهار؛ بسبب المصالح الاقتصادية والسياسية المتناغمة مع تركيا، فلو تم محاسبة تركيا على إبادتها للأرمن أو السريان أو إعدامها للمثقفين والسياسين العرب في 6 آيار عام 1916 لما تجرأت تركيا على إتمام الإبادة بحق الشعب الكردي المسلم بغالبيته. ولكن الازدواجية والانتقائية والمصلحيّة تحول دون ذلك، بل وتجعل الكثير من الدول تصمت عن ممارسات تركيا أو حتى تعطي المساحة لتصدر السلطات التركيّة أكاذيبها واتهامها للكرد بالانفصال والإرهاب من دون أن يكون هناك مجال لعرض الرؤية ووجهة النظر الكردية ولو من باب المعرفة والحيادية.
وليس هذا فقط بل تعطي بعض الدول الكبرى لتركيا طائرات F-16   لتقصف القرى والشعب الكردي، وأخرى تود ولو مؤقتاً ولبعض السياسات اليوميّة أن تأخذ تركيا لجانبها محاولة أن تجد مبرر لسلوكيات تركيا ضد الكرد، وكأن على الجميع ومن يتعامل ويتفاعل مع تركيا أن يتبنى السياسات التركية وإبادتها للشعب الكردي وكذبها وافتراءاتها بحق قوى الحرية والديمقراطية للشعب الكردي.
التحالفات الشعبيّة الديمقراطية لمواجهة سياسة الإرهاب والانفصال التركيّة
وعليه، يمكن القول إن تركيا كسلطة وكدولة هي كيان وأداء إرهابي وانفصالي بحق كل شعوب المنطقة وبحق القيم الثقافية والتقاليد اليدمقراطية والدين الحنيف، بل أن الدولة التركية القومية وسلطاتها نهبت تراث وثقافة الشعب الكردي وقسّمت أرضه ومارست وتمارس الإرهاب بحقه تحت اسم شعارات تعبوية فاشية، وتفسيرات كيفيّة للقوانين الدولية وبقاء الدولة، وكأن على الكردي أن يقبل بالموت أو التتريك ليكون موحّد وغير إرهابي، في حين أنه لو كان الكرد انفصاليين وإرهابيين ويقبلون التبعيّة والرضوخ، لتم إنشاء دولة كردستان القومية كغيرها من دول المنطقة من عقود ولتم إطلاق سراح القائد والمفكر عبد الله أوجلان، ولكن لأن الكرد والقائد صادقين مع أنفسهم وشعبهم ومع شعوب المنطقة بما فيها الشعب التركي والعربي والفارسي ولديهم استقلالية في الفكر والإرادة والممارسة وكانوا تكامليين ومتخندقين مع شعوب المنطقة وقضاياهم المصيرية، ولذلك تم تنفيذ المؤامرة الدولية ووضع أهم وأكبر حركة حرية كردستانية في قوائم الإرهاب، لأنها مستقلة الإرادة والفكر ولا تتبع الدول القومية وقوى الرأسمالية العالمية، بل بوصلتها الشعوب وحريتهم ولذلك مازالت العزلة والتجريد وممارسة الإبادة بحق الشعب الكردي، وفوق كل هذا تكذب الدولة التركية وسلطاتها عندما تقول الكرد انفصاليين وإرهابيين، فليس هناك انفصالي وإرهابي سوى الدولة القومية التركيّة وسلطاتها الإخوانية القوموية الفاشية التي تريد تقسيم المنطقة وإعادة أمجادها المتعفّنة وسنوات التخلّف والخراب وسفر برلك والسفاحين الجدد خطوة بخطوة، وأمام هذا الواقع المعقد والمضلل علينا كشعوب وقوى ثقافية وسياسية واجتماعية، أن نصعّد مستوى النضال والمقاومة المتعددة والتحالفات الشعبية الديمقراطية لأجل الحرية والديمقراطية والعدالة والحق، ولمواجهة إرهاب وانفصال السلطات التركية، وأن نفهم أولاً كذب وماهية دولة الانفصال والإرهاب (تركيا الفاشية) التي مارست وتمارس الإرهاب يوميّاً وقامت وتقوم بإبادة الشعوب باستمرار، تلك السلطات الفاشية الحالية التي انفصلت وتنفصل عن كل القيم والتقاليد وذهبت وتذهب لتكون حالة سوداء ووجه آخر لداعش والقاعدة، ومصيرها لن يختلف عن مصير داعش والقاعدة أعداء الإنسانية.