سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

افتراءات الدولة والسلطات التركيّة وكذبها عن الانفصال والإرهاب ـ1ـ

أحمد شيخو

تصاعدت في الأسابيع الأخيرة تصريحات وبيانات، ومن أعلى المستويات في السلطة التركية، لمحاولة تصدير وتسويق جملة من الأكاذيب والافتراءات حول اتهام الشعب الكردي والقوى الأساسية الحاملة لراية النضال والثورة والحرية والديمقراطية والتعايش فيه، والتي تناضل وتكافح لأجل حقوق الشعب الكردي المشروعة كباقي شعوب المنطقة والعالم بالانفصال والإرهاب زوراً وكذباً، ومحاولة لتصدير وتلحيف تلك الافتراءات تحت عناوين وقوانين يُراد بها تزوير الحقائق التاريخية وتشويه سمعة الشعب الكردي وقوى نضاله المشروع، وتخريب علاقات الشعب الكردي بشعوب المنطقة، وتحجيم تأثير المشاريع والحلول الديمقراطية التي تطرحها قوى الحرية والديمقراطية للشعب الكردي، باسم وحدة الدول القومية وسيادتهم تارةً وتحت اسم محاربة الانفصال والقوانين والقرارات الدولية تارةً أخرى، متخبطة بذلك في شر أعمالها وسياساتها العدوانية تجاه الشعب الكردي وشعوب المنطقة وتدخّلاتها في شؤون دول وشعوب المنطقة والعالم، وهي التي تحاول القفز  فوق  المشاكل والأزمات التي تعصف بها والتي تسببت فيها هي أثناء فترة وجودها على سدة الحكم منذ حوالي عشرين سنة.

إن الدولة والسلطات التركيّة من أكثر دول المنطقة والسلطات في الشرق الأوسط، والتي نستطيع أن نقول، إن لديهم سِجل إرهابي تجاه شعوب الأناضول وميزوبوتاميا والبلدان العربية، و في السنوات الأخيرة لدى هذه السلطات علاقات متينة مع الجماعات التكفيرية والإرهابية، هذه الجماعات الموضوعة على قوائم الأمم المتحدة للإرهاب كداعش وجبهة النصرة والقاعدة، وذلك بحكم الخلفية الإخوانية والميول الإسلاموية التي تجمع حزب العدالة والتنمية مع هذه المجموعات الإرهابية المرتزقة. بل وأن هناك دعم ومساندة كبيرة من مؤسسات الدولة والسلطة التركية التابعة مباشرة لأردوغان وعائلته وحزبه لهذه المجموعات والتنظيمات، بعد تحول النظام في تركيا لنظام الرجل الواحد، إضافةً إلى المعسكرات وما تسمى الأكاديميات العسكرية والدينية والتقنية داخل تركيا وخارجها في مناطق الاحتلال التركي وتواجدها، والتي تدرّب عناصر هذه الجماعات تدريبات خاصة عسكرية وأمنية وقيادية وسياسية وإعلامية، على يد عناصر من الاستخبارات والجيش والأمن التركي الموالين لحزب العدالة والتنمية وأردوغان وأقاربه شخصياً وتحت أسماء وعناوين مختلفة، ثم تأخذ هؤلاء لخدمة مصالحها وأجنداتها العثمانية حول العالم كمرتزقة في مجالات مختلفة.

شرعيّة كفاح ونضال الشعب الكردي في سبيل الحرية والديمقراطية

وبالعكس فالشعب الكردي وقوى الحرية والديمقراطية التي يتم اتهامها بالإرهاب من قبل تركيا وسلطاتها، وخاصةً القوى التي تؤمن وتحمل فكر ورسالة ومشروع المفكر والقائد عبد الله أوجلان، كان لها الفضل والدور الرئيسي في إنهاء ما تم تسميته خلافة ودولة داعش ومن عُقر دراها وعاصمتها المزعومة مدينة الرقة السوريّة، وبشهادة التحالف الدولي لمحاربة داعش والذي تحالف مع القوى الكردية الأساسية، ولولا هذه القوى وتضحياتها من أبناء وبنات الشعب الكردي الأبرار والأحرار والتي تجاوزت حوالي 12 ألف شهيد وحوالي 25 ألف جريح، لكانت داعش قد فرضت وقائع مختلفة جداً، ربما هذه الوقائع كانت تريدها السلطات التركيّة وخاصةً أن هذه السلطات فُتحت شهيتها للتمدد والتوسع مع هذه التيارات الإسلامية المتنوعة التي نمت بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة وصولاً لمشروع العثمانية الجديدة، حيث ظل أردوغان وحزبه وأزلامه يحاولون العودة بشعوب المنطقة مجدداً للاحتلال العثماني البائد.

كما أن من يناضل لأجل حقوقه وحريته وكرامته وإدارة مناطقه كالشعب الكردي وقوى حريته وعلى رأسهم حزب العمال الكردستاني والقائد عبد الله أوجلان، قد أُذن الله تعالى لهم أولاً وبارك في مسيرتهم ونضالهم ووعده بالنصر عندما قال الله سبحانه وتعالى” أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق”.

وكما أن القوانين الوضعية وخاصةً قوانين الأمم المتحدة ومنها قرار رقم 3034 الصادر بتاريخ 18/12/1972 أكد على الحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والاستعمار ودعم شرعية النضال خصوصاً نضال الحركات التحررية وذلك وفقاً لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة، كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت في القرار 3246 والصادر بتاريخ 14/12/1974 على شرعية الكفاح المسلح ونضال الشعوب في سبيل التحرر من الاستعمار بكل الوسائل المتاحة: حيث نصَّ القرار “أي محاولة لقمع الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية والأمنية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاص بالعلاقات الفردية والتعاون مع الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان” .

ونصّت المادة الثالثة من القرار نفسه رقم ٣٢٤٦ على “شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاستعباد الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح”.

تركيا تُمارس إرهاب دولة ضد الشعب الكردي

ولكن هل هناك في كل القوانين الوضعية والسماوية ما يُبرر الإبادة الجماعية التي تمارسها الدولة التركية ضد الشعب الكردي في أرجاء كردستان، غير أنها دولة مارقة أحادية، تستغل جغرافيتها السياسية ووجودها في حلف الناتو لتمارس إرهاب دولة ضد شعب يريد العيش بحرية وكرامة، وضد قادة وأبناء وبنات هذا الشعب، كما هو حال ومعاناة الشعب الكردي في عفرين الذي يتعرض لإبادة جماعية وتهجير قسري ومعه كافة الشعوب التي تعيش في شمال سوريا، إضافةً لحال القائد والمفكر أوجلان الذي تمنع السلطات التركية لقائه بأهله ومحامييه منذ حوالي أربع سنوات في حالة نادرة الحدوث في تاريخ الدول والشعوب والثورات ومتجاوزة بذلك لكل القوانين والتشريعات بما فيها حتى القانون التركي الذي وضعته الدولة التركية نفسها.

أما موضوع الانفصال ومحاولات التقسيم وتفتيت الدول الموجودة وإشاعة ظاهرة الانفصال وإخافة دول المنطقة به، وتضخيم ذلك في الإعلام والصحافة التركية، وعبره للإعلام العربي والعالمي، فمردودٌ على تركيا وسلطاتها ومنظومتها الإعلامية والدبلوماسية المضللة ومرتزقتها في مختلف المجالات، فلو نظر أي مُراقب أو باحث موضوعي وحيادي، لممارسات الدولة التركية وسلطاتها وتدخّلاتهم في شؤون الدول والشعوب وخاصةً ما تفعله في المناطق التي تحتلها، من عمليات التتريك والتهجير القسري والإبادة للسكان الأصلين وجلب مرتزقتها ووضعهم بدل سكانها وإنشاء المستوطنات بدعم حركات وجمعيات الإخوان حول العالم وفرض الثقافة واللغة والمؤسسات والعملة التركية، وخاصةً المناطق المحتلة في سوريا والعراق سنلاحظ كيف أن الدولة والسلطات التركية تقسيمية بشكلٍ لا لبس فيه، وتمهد لتقسيم سوريا والعراق، تحت حجج وأكاذيب تسوقها للإعلام عبر مجموعة من المرتزقة المُجنسين، يظهرون في الإعلام وبكافة أنواعه ويدافعون عن رؤية السلطات التركية، ويحاولون الهجوم وتشويه كل عمل يقوم به الشعب الكردي، لخوف الدولة والسلطات التركية من الشعب الكردي وقوى الحرية والديمقراطية فيه، لأنها القوة الوحيدة التي تقول لا لتركيا الفاشية والإرهابية والانفصالية. 

تركيا تطرح الانفصال في قبرص

وما تطرحه السلطات التركيّة من الطرح الانفصالي وحل الدولتين وتقسيم قبرص لـ قبرصين بعد أن كانت دولة واحدة، بالإضافة إلى احتلالها لشمال قبرص، رغم رفض القبارصة لذلك، تبين وجود هذه الاتجاه والطرح لدى الدولة والسلطات التركية ومن يريد الفكر الانفصالي والتقسيمي. كما أن الوجود التركي في غرب ليبيا عامل انفصالي وتقسيمي فهي ومع مرتزقتها يشكلون عوامل عدم الاستقرار، وعدم توحيد ليبيا رغم كل جهود ومحاولات الدول العربية والمعنية والراغبة بتوحيد مؤسسات الدولة والحكومة الليبية.

وفي مواضع عديدة أخرى وكل القوى المرتبطة بتركيا لا تضع وحدة وسيادة الشعوب والدول بعين الاعتبار، وخاصةً مواليها من الحركات الإخوانية.

أما في سوريا والعراق فلا يحتاج القارئ لمعرفة نوايا تركيا التقسيمية وهي تقول ذلك جهاراً نهاراً، وبأفعالها أنها تريد تكرار تجربة لواء إسكندرون والجولان وقبرص في شمال سوريا والعراق وبدعم من قوى متواطئة محلية وإقليمية وعالمية.