استطعنا الحفاظ على لغة آباءنا وأجدادنا من الاضمِحلال

استطلاع/ بيان يوسف –

 روناهي/ قامشلو – لأن اللغة الكردية تعتبر هوية وتاريخ للشعب الكردي الذي استطاع الحفاظ عليها بالرغم من الكثير من الهجمات الشرسة من الدول المستعمرة لكردستان على مرِّ العقود، لذا لا بد من الحفاظ عليها أكثر ونشرها وتطويرها بكافة السُبل المتاحة.

تعتبر اللغة الكردية من أقدم وأعرق اللغات في منطقة الشرق الأوسط  التي هي مهد الحضارات الإنسانية، وهي من أغناها أيضاً بالمفردات والجمل، لذا يحتفل أبناء الشعب الكردي في (15) أيار بيوم اللغة الكردية  في كل عام، والتي تعتبر هوية وثقافة للكرد، ويأتي هذا اليوم  بعد مراحل عدة  مرت بها من سنوات السعي لصهر اللغة وإمحاء وجودها حتى يومنا هذا، بحيث تعيش اللغة الكردية بعد ثورة روج آفا والشمال السوري نهضة من مختلف الجوانب.

ترسيخ مبدأ الأمة الديمقراطية وأخوّة الشعوب

وفي هذا السياق، التقت صحيفتنا مع الرئيس المشترك لهيئة التربية والتعليم في مقاطعة الجزيرة محمد صالح عبدو، والذي تحدث بدوره عن أهمية اللغة الكردية، وكيف استطاعوا أن يشددوا على أهميتها بعد ثورة روج آفا والشمال السوري من أجل ترسيخها في المجتمع، وتابع قائلاً: “كانت اللغة الكردية ممنوعة قبل البدء بثورة روج آفا، لكن بعد الثورة وتأسيس الإدارات الذاتية والمدنية في مناطق شمال سوريا، تم تشكيل العديد من الهيئات الأساسية ومن ضمنها هيئة التربية التعليم، وكانت أول خطوة تقوم بها الهيئة هي بناء مؤسسات للمناهج؛ وكان يتألف بدايةً من 7 أساتذة ذوي الخبرة والكفاءة العالية، ومن ثم بدأوا بتأليف الكتب؛ وتم إعداد المنهاج بثلاثة لغات وهي؛ العربية – الكردية – السريانية، من الأول الابتدائي إلى الصف العاشر الثانوي، وكذلك يتم تدريس اللغة العربية من الصف الرابع في المدارس التي تدرس باللغة الكردية، ليتعلم أبناءنا كافة لغات شعوب المنطقة لترسيخ مبدأ الأمة الديمقراطية وأخوّة الشعوب بينهم”.

واختتم عبدو قائلاً: “بعد التطورات الإيجابية التي حققتها ثورة روج آفا بدء كل مواطن أياً كان لغته أن يتحدث بها ويدرس بها، وكذلك استطاعت اللغة الكردية أن تتنفس الصعداء وتعيد أمجادها، كما سطرها ديوان ملاي جزيري، أحمدي خاني”.

“أحمدي خاني” أول من استطاع جمع القوافي باللغة الكردية

وفي السياق ذاته حدثنا مدرس الأدب الكردي في جامعة روج آفا بقامشلو جعفر منان، حيث أكد بأن اللغة الكردية هي اللغة الأكثر تطوراً في العالم؛ وتابع بالقول: “كما يُعرف بأن أعداء الكرد كانوا يحاولون تشويه اللغة الكردية، ولكن  بالرغم من ذلك لم يأبه الكرد لكل هذه الهجمات على لغتهم، بل على العكس حافظوا عليها من الاندثار لأنها لغة أباءنا وأجدادنا”.

وحول إصدار الصحف والمجلات باللغة الكردية، والتي كان لها دور كبير في الحفاظ على اللغة، أضاف منان بأن أول مجلة كردية صدرت في مصر من قبل الأمير جلادت بدرخان بإصدار مجلة هاوار، وأشار قائلاً: ” لم يكن الكثير من الكُتاب والأدباء الكرد قديماً قادرين على جمع القوافي في اللغة الكردية؛ إلا أن أحمدي خاني أول من استطاع جمع القوافي في قصة (مم وزين)”.

وذكر منان  بأنه قبل ثورة روج آفا والشمال السوري عانوا من عدة صعوبات منها؛ منع التعليم باللغة الكردية في المدارس، وعدم التحدث بها، لذا كانت اللغة الكردية شبه مبعثرة،  ولكن بعد الثورة  تم افتتاح الأكاديميات والمدارس التي تدرس باللغة الكردية. وأوضح منان بأن الإنسان يستظل تحت ظل لغة الأم ويرى من خلالها أصالة الأشياء، مؤكداً بأنه بفضل المرأة تم الحفاظ على لغة الأم.

وفي الختام نوه منان إلى ضرورة إقامة منتديات لتصحيح الأخطاء التي انتشرت في اللغة الكردية، لجميع المعنيين وفي كافة أجزاء كردستان.

ضرورة الحفاظ على اللغة الكردية بكلِّ السُبل

وبهذا الصدد أشارت الطالبة في جامعة روج آفا بهار سليمان، التي تحدثت بدورها عن أهمية اللغة الكردية، وأردفت قائلةً: “اللغة هي أساس بناء الإنسان، والشعب الكردي كان  قد طمس هويته ولغته وكان من الممنوع أن ندرس بلغتنا الأم  من قبل النظام السوري البعثي، ولكن بعد الثورة خطينا خطوات كبيرة في التعلم بلغتنا، لأن اللغة الأم من شأنها بناء قدرات الإنسان وتطويره وتوجيهه نحو مستقبل مشرق”.

وأوضحت بهار بأن الضغوط على اللغة الكردية تراجعت بعد الثورة، إلا أن تأثيرات عقود  من الحرمان ومنع التدريس بهذه اللغة مازالت مستمرة حتى الآن، منوهةً بضرورة الحفاظ على اللغة الكردية والاهتمام بها وتطويرها ونشرها بكافة السبل المتاحة، وفي ختام حديثها أكدت بهار بأنهم استطاعوا الحفاظ على لغتهم بقوة إلى يومنا هذا خلافاً للعديد من اللغات التي انصهرت في بوتقة الدول المحتلة.