سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إنهاء التدخلات الإقليمية طريق حل الأزمة السورية

رفيق إبراهيم_

منطقة الشرق الأوسط مليئة بالصراعات والحروب، فالأزمة السورية تستمر ومنذ ثلاثة عشر عاماً، ونتيجة الصراع بين القوى الكبرى العالمية، وبعض الدول الإقليمية، باتت الأرض السورية حلبة لتصفية الحسابات، وحتى الآن ليس هناك أية بوادر لإنهاء الأزمة وإيجاد حل للمضلة السورية، بالإضافة لذلك، فإن الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس، عقدت الأمور في المنطقة، وأيضا هناك حروب وصراعات أخرى كالحرب في السودان واليمن وغيرها من الدول، التي أثرت بشكل أو بآخر على الحلول في سوريا.
ولكن ما يهمنا اليوم، نحن السوريين، هو إنهاء الأزمة في سوريا، وخاصة أن الأوضاع في المنطقة أثرت على سوريا بشكل سلبي، وأطالت عمر أزمتها، وهناك عوامل أخرى مثل سيطرة إيران على مفاصل سوريا، وباتت سوريا اليوم محافظة إيرانية، وخاصة بعد انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، ونعلم أن إيران هدفها جعل سوريا خط الدفاع الأول عنها، للوقوف دون انتقال الصراع والحرب إلى الداخل الإيراني، وأيضا جعلها ساحة لتصفية الحسابات مع إسرائيل.
إيران المتحكمة بالقرارات السورية
حكومة دمشق قدمت مناطق سيطرتها من سوريا على طبق من ذهب لنظام الملالي في إيران، من خلال تسهيل المعاملات التجارية وشراء الأراضي والعقارات، التي تتم استملاكها لأشخاص إيرانيين بشكل رسمي، حتى أن معظم الإيرانيين المتواجدين في سوريا، حصلوا على الجنسية السورية، وكل ذلك جاء بدعم من حكومة دمشق وأجهزتها الأمنية بمختلف مسمياتها، وحكومة دمشق وللحفاظ على كرسي الحكم، عملت كل ما بوسعها لاستمرار حكمها، فسلمت رقبتها لإيران، واستخدمت شتى أنواع الأسلحة ضد السوريين العزل، وتم تدمير معظم المدن السورية دماراً جزئياً أو كلياً.
والتواجد الإيراني في سوريا ليس وليد اللحظة، ولكن العلاقات تمتد لعقود من الزمن، فمنذ عهد الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد والد الرئيس الحالي بشار الأسد، توجد علاقات وطيدة مع إيران، مع وجود خلاف في نوع العلاقات السابقة والآنية، ففي عهد الأسد الابن، تغلغلت إيران في مفاصل الدولة، وباتت الآمر الناهي في كل صغيرة وكبيرة، وهذا حقيقة يعلم بها الجميع، حيث تنازل نظام دمشق عن كل شيء في سبيل البقاء، والحرس الثوري الإيراني يتحكم بالقرارات، التي تصدر عن وزارة الدفاع السورية، وأيضاً الأجهزة الاستخباراتية، حيث قام بنقل صنوف الأسلحة والذخائر اللازمة وبأعداد كبيرة إلى الأراضي السورية، بما فيها الأسلحة الموجه الدقيقة، ولهذا زادت في الآونة الأخيرة الهجمات الإسرائيلية على مواقع الأسلحة والذخائر تلك، لردع إيران عن مهاجمة الجيش الإسرائيلي.
تركيا الساعية لاحتلال المزيد من الأراضي السورية 
ما يجري على الأراضي السورية من صراعات إقليمية ودولية، يعقد مشهد الحل في سوريا، وخاصة التدخلات التركية والإيرانية، وأطماعها التاريخية في السيطرة على خيرات ومقدرات البلاد، فالهجمات التركية على إقليم شمال وشرق سوريا، مستمرة، وتهديداتها تزداد يوماً بعد آخر، وهي تتحين أية فرصة للقيام بهجوم جديد واحتلال أراضٍ سورية جديدة، وتستهدف أهدافا لها عن طريق الجو باستخدام طائرات مسيرة، أو عن طريق دعم المجموعات المرتزقة، وعلى رأسها داعش، لضرب أمن واستقرار المنطقة، وهي تطمح باحتلال كامل إقليم شمال وشرق سوريا، وتركيا هي من الأطراف المهمة التي تعقد الحل السوري، في الصراع الدائر منذ العام 2011.
وعندما حاول العرب التدخل وإعادة حكومة دمشق إلى حضن جامعة الدول العربية، وأحضروا الرئيس السوري إلى قمة جدة، كان الهدف من ذلك، إعادة الدور العربي للواجهة في مسألة الحلول في سوريا، وفي نهاية القمة كانت هناك شروط يجب أن تنفذها حكومة دمشق، ولكن، حكومة دمشق تتعامل مع تلك الشروط بالكثير من اللامبالاة وهمشتها، وعلق الخبير السوري في معهد واشنطن لسياسية الشرق الأدنى، أندرو تابلر،  بقوله: “لقد فشل عام من التعامل العربي مع الأسد، يجب على دول مثل الأردن ومصر إعادة المعايرة، واقترح على أنه ينبغي على مجلس الشيوخ الأميركي، أن يمرر قانون مكافحة التطبيع مع نظام الأسد، والذي تم الموافقة عليه بأغلبية ساحقة في مجلس النواب.”
ولحل الأزمة السورية، يجب أولاً تطبيق شروط قمة جدة، والتعامل مع حكومة دمشق بمسألة “الخطوة مقابل خطوة”، كما أنه يجب على المجتمع الدولي التدخل الجاد والسعي الحثيث لتحقيق الحل، عبر إخراج القوات الأجنبية من الأراضي السورية، وإعادة المهجرين من المناطق المحتلة إليها بأمان وسلام، والضغط على حكومة دمشق بإطلاق سراح السجناء، والضغط عليها لتطبيق القرارات الدولية وخاصة القرار 2254، وإشراك السوريين دون تهميش أو إقصاء لأحد، في وضع دستور جديد لسوريا المستقبل.