سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إنجازات الكرة السورية النسائية في مهب الريح!

قامشلو/ دلير حسن ـ

في أي بلد عندما تحقق منتخباته الرياضية الإنجازات يصبح الاهتمام أكبر بهذه المنتخبات، إلا في سوريا وعند حكومة دمشق التي أوصلت بتعنتها وذهنيتها الرجعية البلاد إلى العصور الحجرية، وحتى الرياضة لم تسلم من تلك السياسة الهمجية، فبعد الإنجازات التي تحققت في العام المنصرم على الصعيد الآسيوي للكرة النسائية، لكنها مازالت في طي النسيان، في دليل واضح على الإهمال للإنجازات التي تحققت حتى الآن.
المنتخب السوري حقق بطولة اتحاد غرب آسيا الرابعة لكرة القدم (الأردن 2023)، وجاء هذا التتويج بعد الفوز في المباراة النهائية على ناشئات الأردن بهدف سجلته اللاعبة آية محمد في الدقيقة 76، فيما حلَّ المنتخب اللبناني في المركز الثالث بفوزه على ناشئات العراق بنتيجة 2-0.
واللاعبة آية محمد ابنة مدينة قامشلو تعتبر نجمة في الكرة السوريّة، وحققت العديد من الألقاب الجماعية والفردية على صعيد الكرة السوريّة وصعيد الكرة النسائية في مقاطعة الجزيرة.
كما حققت واعدات منتخب سوريا لقب بطولة غرب آسيا بفوزهن على نظيراتهن في المنتخب اللبناني بهدف دون رد في المباراة النهائية للبطولة التي جمعتهما، على ملعب البولو في العاصمة الأردنية عمان بالعام 2023.
هذه الألقاب الآسيوية بشهادة الجميع كانت البصمة للاعبات مقاطعة الجزيرة والفضل لهن في تحقيق هذه الإنجازات، وخاصةً باتت المقاطعة مكاناً لتنشئة نجمات في كرة القدم وسط اهتمام كبير من قبل العديد من الأندية.
يحصل العكس!
وعند حصول هذا التطور في الكرة السوريّة النسائية كان من المفترض على الاتحاد العربي السوري لكرة القدم التابع لحكومة دمشق زيادة الاهتمام بهذه الفئات والكرة النسائية عامةً، وذلك من خلال إقامة معسكرات تدريبية بشكلٍ متواصل في بلدان تتمتع باهتمام بمنتخباتها النسائية، بالإضافة إلى المشاركة بالبطولات الدوليّة لكسب اللاعبات الاحتكاك والخبرة اللازمة في مجال البطولات بشكلٍ عام الودية والرسمية، ولكن ما يحصل في دول الجوار وبعض الدول في الخليج العربي يدل على مدى الاهتمام بالكرة النسائية لديها، بينما في سوريا بالكاد المنتخبات تستعد ببعض المباريات الودية الخجولة للبطولات الرسمية، هذا غير اختيار كوادر فنية وإدارية غير مؤهلة بشكلٍ كبير لإدارة الدفة، وخاصةً هناك عقلية إقصائية لدى الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، ويتوضح ذلك من خلال تهميش الكوادر الفنية والإدارية من مناطق الإدارة الذاتية، وعلى وجه الخصوص من هم من أبناء الشعب الكردي، رغم كل الإنجازات التي تتحقق ولهم بصمة واضحة فيها، كما يتناسى هذا الاتحاد بأن الإنجازات التي تحققت للمنتخب السوري على صعيد منتخب الواعدات والناشئات بالعام المنصرم على الصعيد الآسيوي يعود فضله الكبير للاعبات وكوادر من مقاطعة الجزيرة على وجه التحديد، كما ذكرنا آنفاً، و يتناسى أيضاً أن من أصل خمس بطولات كانت ثلاث منها لأندية عامودا والخابور والهلال، وهي أندية تعتمد على لاعبات وكوادر وفنية من مقاطعة الجزيرة، هذا غير ألقاب أخرى لهذه الأندية على صعيد الناشئات والواعدات، وفي هذا العام فقط حقق نادي الهلال الذي يقع مقره بقامشلو لقب دوري السيدات العام لكرة القدم للموسم 2023 ـ 2024، ولقب بطولة الواعدات للموسم نفسه.
عقلية رجعيّة 
وكل المؤشرات تدل على مدى العنصرية التي مازالت تسيطر على الاتحاد العربي السوري لكرة القدم وتهميشه الأندية السورية التي تحقق الإنجازات على صعيد الكرة النسائية.
تطور دول الجوار!
كما أن كل هذه الأحداث المذكورة لم تجلب بعد الاهتمام المطلوب للكرة النسائية من قبل الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، بينما الاتحادات الأخرى في الدولة المجاورة وفي أفريقيا حتى لها نظرة مستقبلية لتطوير الكرة النسائية لديها، وذلك من خلال تكثيف المشاركة بالبطولات للفئات العمرية وآخرها هي البطولة الودية للناشئات (دون 17 عامًا) والتي أقيمت منافساتها في العاصمة الأردنية عمان بمشاركة منتخبات الأردن والسعودية ولبنان.
كما أنه كانت البطولة فرصة للمنتخبات الثلاثة، لاختبار جيل المستقبل الذي تنتظره تحديات مهمة، أبرزها التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا للناشئات 2025، والتي ستؤهل بدورها منتخبات نصف النهائي إلى المونديال، المقرر في العام نفسه بالمغرب.
وسعى صاحب الأرض، الأردن، لإعداد جيل جديد يُحيي ذكريات عام 2016، الذي شهد تواجده لأول مرة في كأس العالم للناشئات، الذي أقيم على أرضه، ليصبح وقتها أول منتخب عربي يتواجد في هذه المسابقة العالمية. وبعكس خبرة الأردن، خاض المنتخب السعودي للناشئات أول بطولة دولية، منذ تأسيسه في شباط 2023، حيث لعب حتى الآن ثماني مباريات ودية، وانتصر في واحدة، كانت مع الكويت (3-2).
ومن جانبه، اعتمد منتخب لبنان في البطولة على بعض اللاعبات، اللاتي تألقن في دوري الناشئات 2023 ـ 2024، وأبرزهن المهاجمة سارة عيسى، التي تحتل المركز الثاني في قائمة أفضل صانعات الأهداف، برصيد ثماني تمريرات حاسمة.
أما لدى جارتنا العراق فهي الأخرى تسعى لتطوير الكرة العراقية النسائية من خلال إرسال المدربات والكوادر الفنية والإدارية والتحكيمية إلى الخارج للخضوع لدورات مختلفة ولكل فئة بحسب اختصاصها، وقد يتحجج البعض بالأوضاع في سوريا وعدم حصول الاستقرار بهذه البلاد بشكلٍ عام إلى الآن، ولكن المصاريف التي تصرف على كرة القدم للرجال تستطيع أن تفيد أكثر الكرة النسائية التي على الأقل باتت تجلب ألقاب آسيوية، وليست كما منتخب الرجال الذي يجر أذيال الهزيمة بشكلٍ دائم.
إهمال متعمد
ولذلك يتطلب من الجميع الأدراك بأن الكرة النسائية السورية تعيش حالة إهمال متعمدة، وهناك تحجج بظروف البلاد، وسط صرف الملايين من الدولارات على منتخب الرجال وبدون أي نتائج تذكر، كما أن الكرة النسائية تستطيع أن تجاري الدول الأخرى بشكلٍ كبير وخاصةً استشهدنا بتحقيق بطولتي الناشئات والواعدات في العام المنصرم، وكلها دلائل على مدى جاهزية اللاعبات وخاصةً في الفئات العمرية للتطور أكثر.
وهذا الأمر يتطلب وضع خطط مستقبلية ومدروسة على كافة الأصعدة، وخاصةً بتأهيل الكوادر من مدربات وحكمات، وإقامة معسكرات في الخارج للمنتخبات النسائية بمختلف أعمارها، وخاصةً كما ذكرنا للفئات العمرية والتي تعتبر هي القاعدة الأساسية للحفاظ على عدم اندثار لعبة كرة القدم النسائية مثلها مثل ما حصل مؤخراً مع منتخب السلة الذي انسحب من بطولة آسيا لكرة السلة للسيدات تحت سن 18 عاماً المستوى B، والتي أقيمت في الصين بعد غياب الدعم المادي وإخفاق الاتحاد السوري لكرة السلة والاتحاد الرياضي العام بتأمين داعمٍ للمنتخب لتغطية نفقات سفره ومشاركته في البطولة، وجاء الانسحاب بسبب عدم توفر السيولة المادية، وغياب المنتخب السوري عن البطولة يعد كارثة رياضية جديدة تضاف إلى كوارث الرياضة في سوريا إذ سيترتب على الاتحاد السوري لكرة السلة غرامات بسبب الانسحاب، بالإضافة إلى العامل النفسي السلبي على اللاعبات. وكشف وقتها مصدر مقرب من المنتخب السوري لموقع “أثر برس” فضّل عدم الكشف عن اسمه أكد أن سبب غياب المنتخب السوري عن البطولة هو سبب مادي بحت، إذ لم يتمكن الاتحاد الرياضي العام من تغطية نفقات المشاركة في البطولة.
وما يتوضح لنا بأن كل الاتحادات السورية التابعة لحكومة دمشق تعيش حالة تخبط كبيرة كما ذكرنا ضمن سياق التقرير، وعلى رأسهم الاتحاد العربي السوري لكرة القدم، والذي آخر إنجاز له كان بإغلاق التعليقات على صفحته الرسمية على فيسبوك من جديد للمرة الثانية بسبب التعليقات المسيئة التي يكتبها البعض، بحسب مدير المكتب الإعلامي في هذا الاتحاد، بينما يرى البعض أن الاتحاد العربي السوري لا يلقى مساندة من الجمهور السوري والتعليقات على صفحته، بل مؤخراً تعالت الكثير من الأصوات تطالب باستقالة هذا الاتحاد بالكامل، وذلك بعد خروج المنتخب السوري للرجال من تصفيات كأس العالم والذي خلق حالة استياء وغضب الجمهور السوري الذي صب جام غضبه على اتحاد الكرة.
وكان اتحاد الكرة قد أغلق في وقت سابق التعليقات على الصفحة الرسمية قبل أن يعود للسماح بها بعد نهائيات كأس آسيا التي تأهل فيها منتخب سوريا للدور الثاني وخرج منها أمام المنتخب الإيراني بركلات الجزاء الترجيحية.