سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إضاءة تاريخية على جبل الأكراد ـ1ـ

برادوست ميتاني_

سبب التسمية
سُمي جبل الأكراد في العصور الإسلامية بهذا الاسم نسبة إلى الأغلبية الكردية التي كانت تسكنه، لما لهم من تاريخ دفين من الزمن والوجود.
تاريخ الكرد في الجبل:
تعود الجذور الأولى للوجود الكردي في جبل الأكراد في منطقة الساحل السوري إلى فترة أحد أسلاف الكرد الكاشيين في الألف الثالث قبل الميلاد، عندما امتد نفوذهم على أرض كردستان، ومن شرقه، حيث مناطق كرمنشان نحو روج آفا، وذلك بعد قيام حضارة كبيرة  في كردستان وميزوبوتاميا عامة باسم دولة كردونياش، وكذلك في ظل وجود أسلاف الكرد الخوريين في روج آفا خاصة وسوريا عامة، عندما امتد الوجود الخوري من العاصمة أوركيش 2500 ق.م الواقعة بين قامشلو وعامودا في كري موزان القريبة من عامودا، نحو الساحل السوري وخاصة أوغاريت، فكانت مناطق الجبل تابعة لهم، وكان اسم سوريا حينها هو بلاد خورو أي بلاد سورو، التي تحولت في العصر الحديث إلى بلاد سوريا أو سوريا .أما الظهور الجلي والأقوى للكرد، فقد  كان في عهد الإمبراطورية الخورية الميتانية عنما أسسوا مملكة آلالاخ امتداداً للعاصمة واشوكاني، أي سري كانية المعربة إلى رأس العين 1550 ق.م، فكانت مناطق جبل الأكراد تابعة لمملكة آلالاخ الميتانية، وخاصة بعد تحريرها من الاحتلال المصري الفرعوني.
 إن ظهور الكرد في منطقة جبل الأكراد شهد فترات متلاحقة أكثر ترسيخاً، وذلك في عهد الإمبراطورية الميدية في القرن السابع قبل الميلاد، عنما حكمت كردستان عامة من العاصمة جهمزان (همدان) في شرقي كردستان، وكانت حينها اسم سوريا هو خورميد، أي سورميد هذا الاسم المركب من اسمي أسلاف الكرد الخوريين والميديين، وهناك الكثير من المواقع الأثرية، التي أميط اللثام عنها أو التي تعود إلى تلك الفترات العائدة إلى أسلاف الكرد، ولكن ما زال هناك الكثير منها لم يكشف السر عنه، وخاصة تلك التي يتم إخفاؤها أو تزييفها من السياسات العنصرية.
 شهد الوجود الكردي في الجبل حقبة حكم الدولة اليونانية خاصة في ظل الدولة المقدونية وما قبلها. إذ يقول في ذلك المستشرق الفرنسي رينية دوساود المختص بتاريخ سوريا والمتوفي سنة 1958م في كتابه “الطبوغرافية التاريخية في سوريا القديمة” الصادر سنة 1927م في باريس: قبل غزو الإسكندر المقدوني للمنطقة، كان سهل العمق وحارم وجسر الشغور، وسهل الغاب وجبال الأكراد في اللاذقية وحماة، وحمص حتى حلب ودمشق والرقة، ودير الزور كانت مأهولة بالكرد وتحت سيطرتهم.
استمر الوجود الكردي في الجبل أبان حكم الدولة الرومانية والدولة البيزنطية والدولة الإسلامية، ولكنه أصبح أكثر تعزيزاً في عهد الدولة الأيوبية الإسلامية، حيث وصل قسم آخر من الكرد إلى الجبل مع القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي الكردي، وانضموا إلى الكرد الموجودين  في المنطقة لحمايتها وحماية الساحل السوري وتحريره وخاصة طرق إمداد حملته لتحرير القدس من الصليبيين وكذلك استمر الوجود الكردي في الجبل ومناطقه مع مرور الزمن خلال الدولة العثمانية، والاحتلال الفرنسي ومن بعدهما الحكومات السورية، متشبثين في مناطقهم في ظل الظروف الصعبة، حيث الإقصاء القومي والاجتماعي والثقافي المعتمد على  سياسات التغيير الديمغرافي الساعي إلى إذابة شخصيتهم الكردية.
الموقع الجغرافي
يقع جبل الأكراد وعاصمته مدينة سلمى في موقع استراتيجي هام، فهو يقع على أطراف الطريق الواصل بين حلب واللاذقية، ومطل على سهل الغاب، الذي يربط المنطقة الوسطى بالشمالية كما يقع شمال شرق مدينة اللاذقية غربي سوريا، ويحاذيه جبل التركمان شمالاً ومدينة الحفة والقرى القريبة منها غرباً. وأغلب مساحته تتبع اللاذقية وهناك مساحة صغيرة منه داخل محافظتيْ حماة وإدلب.
مساحة الجبل تبلغ أربعمائة كيلومتر مربع، ويتراوح ارتفاعه بين ثلاثمائة متر، وألف وستمائة متر. ومناخه بارد شتاء غزير الأمطار، ومعتدل صيفا.
أقسام الجبل 
ويقسم الجبل إلى ناحيتين: ناحية سلمى وتضم عدداً من القرى وهي: سلمى، ودورين، وترتياح، ومرج خوخة، وكفر دلبة، والكوم، والمارونيات، والمريج، وساقية الكرت، وبسوفا، وبعض الأراضي المتناثرة على شكل إقطاعيات زراعية.
ناحية كنسبّا: وتضم عدداً من القرى وهي: كنسبَا وشلف وعين القنطرة، ووادي باصور، والعيدو، وشلف، وبللة ومجدل كيخيا، وطعوما وآرا، وبروما وكدين، ودويركة وعكو، والكبانة، ودوير الأكراد، ونحشبا، وعرافيت، وأبو ريشة، ومزين، وكفرتة، ووادي الشيخان، والحمرات وسحاقير، وعين الحور، وبوز الخربة، وشير قبور، وبرزة والسرمينية، والحدادة، وأرض الوطى، وعين الغزال، وكرت (كرد) والمشرفة، والقساطل، وهناك عدد من القرى الممتدة على طريق ريف إدلب بمحاذاة الجبل، وهي كردية أيضاً مثل الكندة، وتردين، وأوبين، واليونسية…. الخ.
يشتهر جبل الأكراد بكثافة غطائه النباتي، حيث غابات الصنوبر والعزر، والأرز والبلوط والسنديان، وكذلك بحيواناته البرية، حيث يعيش فيه كثير من الحيوانات كالخنازير والضباع والأرانب، وكذلك الطيور على اختلاف أنواعها لا سيما الشحرور والحجل، والحمام، وتخترق تلاله وديان سحيقة تتدفق فيها المياه شتاء، وبعض الينابيع صيفا.
المراجع:
ـ صفحة أنا من ذوي الأصول الكردية.
– جبل الأكراد بريف اللاذقية – الموسوعة.
ـ كرد محافظة اللاذقية / جبل الأكراد ـ دراسة شاملة بقلم محمد شريف أحمد.
جبل الأكراد – اللاذقية – دراسة ديموغرافية – إعداد جوان سعدون الهوامش ومعلومات العوائل: تنسيقية جبل الأكراد في اللاذقية.
ـ فيديو عن جبل الأكراد – وكالة صدى الواقع السوري -22 فيراير 2021م Vedeng-
-علي كولو –يوتيوب -1-5-2023م فيديوهات.
– صفحة منتدى ميتاني المعرفي -16-6-2024م
ـ صفحة رابطة المثقفين الكرد.
من كتاب “الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ”. “سيصدر قريبا”