سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

إشعال الحرائق واستهداف البنى التحتية… سياسة ممنهجة للاحتلال التركي

الدرباسية/ نيرودا كرد –

تتنوع الأشكال والأساليب، التي تستخدمها دولة الاحتلال التركي ضد شعوب المنطقة عامة، والشعب الكردي على وجه الخصوص. وذلك كله في محاولة منها لإجهاض ثورة الشعب الكردي، وإسكات صوت مقاومته. 
فإلى جانب استهدافها المتكرر مقاتلي حركة التحرر الكردستانية في جبال كردستان، وكذلك هجماتها العشوائية على إقليم شمال وشرق سوريا، وضربها المرافق الحيوية، والبنى التحتية، فضلا عن قصفها المدن والبلدات، والقرى الآهلة بالسكان. نرى اليوم أن دولة الاحتلال التركي تلجأ لأشكال متعددة في حربها ضد شعوب المنطقة.
فمنذ بدء موسم الحصاد في كل من باكور كردستان، وإقليم شمال وشرق سوريا، بدأت دولة الاحتلال التركي إضرام النار بمحاصيل الأهالي على هذين الجزأين من كردستان. ففي باكور كردستان، تقوم عناصر الشرطة والجندرمة التابعة لحزب العدالة والتنمية بحرق الأراضي الزراعية، التي تعود ملكيتها لمواطنين كرد.
أما في إقليم شمال وشرق سوريا، فإن مرتزقة دولة الاحتلال التركي تقوم بإضراب النيران في المحاصيل الواقعة على خط التماس بين المناطق المحتلة، ومناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، الأمر الذي جعل النيران تأتي على مساحة كبيرة من أراضي الأهالي الزراعية.
موقف الجهات المعنية من أفعال تركيا الإجرامية                                    
تعدُّ هذه الخطوة التصعيدية من دولة الاحتلال التركي فصلا جديدا من فصول الحرب، التي تشنها على الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة، الأمر الذي أثار موجة من ردود الأفعال المستنكرة هذه الجرائم، وأن محاربة أي شعب بلقمة عيشه تُعدُّ جريمة حرب.
وحول هذا الموضوع؛ التقت صحيفتنا الرئيسة المشتركة لبلدية شرنخ، قُدرت أجم، والتي أكدت إن السلطات التركية تلجأ إلى أساليب عدة في عدوانها، ومنها إضرام النيران، ومنع وصول فرق الإطفاء لمكان الحرائق: “في العشرين من شهر حزيران المنصرم، الساعة الثانية وعشرة دقائق بعد منتصف الليل، اشتعلت النيران بمساحة واسعة من الأراضي الزراعية التابعة لبلدية شرنخ، وقد استمرت النيران حتى ساعات الصباح، ولم تسمح سلطات العدالة والتنمية لفرق الإطفاء بمساعدة الأهالي في إخماد النيران”.
وتابعت منوهة إلى التظليل والكذب، اللذين تمارسهما حكومة العدالة والتنمية للتنصل من مسؤوليتها: “روّجت حكومة العدالة والتنمية العديد من الروايات حول هذه الواقعة، وكان أبرزها، أن هذا الحريق قد اندلع بسبب ماس كهربائي حصل في الخطوط، التي تمر بهذه الحقول، ولكن الصور والفيديوهات، وكذلك شهادات سكان المنطقة، كلها تفيد أن هذه الحرائق قد اندلعت بفعل فاعل، وجميعنا يعلم، أنه ليس لأحد أي مصلحة في حرق هذه المحاصيل سوى دولة الاحتلال التركي، وقد رأيناها كيف تعرقل جهود الإطفاء، في خلق روايات كاذبة، كتلك التي تتحدث عن ماس كهربائي، فضلا عن رفضها إجراء أي تحقيق في الحادثة، والمؤشرات كلها تدل على أن حكومة العدالة والتنمية ضالعة في هذه الجريمة حتى النخاع”.
مساعدة وتعاون البلديات المجاورة
 قُدرت أشارت إلى التعاون بين البلديات، والعمل التشاركي بعد أن اصطدمت مع السلطات، وأجبرتها على إفساح المجال لها في المساعدة لإطفاء الحرائق: “نظرا لكبر المساحة، التي التهمتها النيران، لم تستطع بلدية شرنخ وحدها التعامل معها، لذلك تدخلت البلديات المجاورة، مثل، بلدية سلوب وجزيرة بوطان، وماردين، وآمد، وغيرها من البلديات، حتى تمكنت فرق الإطفاء عندها من التعامل مع النيران، وذلك بالرغم من نصب حواجز تابعة لحزب العدالة والتنمية بين هذه البلديات؛ لمنع فرق الإطفاء التابعة لهذه البلدية من الوصول إلى مكان الحريق، ولكن فرق الإطفاء أصرت على الوصول وقامت بمهامها”.
قُدرت أشارت إلى الخسائر البشرية والمادية والمعنوية الجسيمة لهذه الحرائق: “خلفت هذه النيران 14 شهيدا، إضافة إلى شهيد آخر، استشهد متأثرا بجراحه بعد نقله إلى المستشفى. في مجمل القرى، التي تعرضت أراضيها للحريق، فضلا عن العديد من الاضطرابات لدى الأهالي، لا سيما الأطفال، فقد تأثروا بهذه النيران الكبيرة، وجثث الشهداء المُلقاة أمامهم، ما أثر على نفسية الأطفال، لذلك وجهنا دعوة للمختصين للتعامل مع هؤلاء الأطفال لإعادة تأهيلهم ومحاولة إخراجهم من حالة الصدمة التي يعيشونها بسبب ما شاهدوه”.
الرئيسة المشتركة لبلدية شرنخ، قُدرت أجم، أنهت حديثها: “إن التعامل مع الحرائق تم بفضل مساعدة البلديات المجاورة كما ذكرنا، والتي بدأت بعد إخماد الحريق بتقديم العون للأهالي المتضررين، كتأمين الأكل والشرب لهم، وكذلك تأمين السكن للبعض منهم، بعد أن رفضت حكومة العدالة والتنمية التدخل لإخماد الحريق، بحجة أن الظلام قد وقع، وفرق الإطفاء لا تستطيع التحرك”.
أهداف دولة الاحتلال التركي
وعن الأهداف، التي تسعى دولة الاحتلال التركي من هذه الأفعال، التقت صحيفتنا الإداري في مكتب البيئة في بلدية الشعب بمدينة الدرباسية، زيدان نوح، حيث أشار من جانبه إلى الضرر والخسائر التي لحقت بالأراضي الزراعية جراء الحرائق: “ما جرى في باكور كردستان يمكن تقييمه على مستويين، المستوى الأول هو الجانب البيئي للقضية، أما المستوى الثاني فهو الجانب السياسي. وفيما يخص الجانب البيئي، فإن هذه الحرائق تُخلف العديد من الأضرار على البيئة المحيطة، سواء على الأرض، أو على المياه أو الأشجار، من خلال إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يؤدي إلى حالات اختناق، وكذلك الجفاف، الذي تُخلفه هذه الحرائق، لا سيما في الآبار السطحية للأراضي”.
وأضاف نوح: “أما الجانب السياسي، فإنه يستند إلى محاولة حزب العدالة والتنمية إعادة فرض سلطته على الشعب في باكور كردستان وتركيا، وذلك بعد الخسارة التي مُني بها في الانتخابات الأخيرة التي أجريت، والتي أدت إلى خسارته عدداً من البلديات الكبرى في باكور كردستان وتركيا. وبذلك هو يسعى إلى إفشال الإدارات الجديدة لهذه البلدية، أي استعمال نوع من الدعاية لإعادة تجميع أوراقه”.
زيدان نوح تحدث عن الأهداف الخفية لهذه السياسة، وما ترمي إليه: “إن الهدف من ذلك هو إحداث شرخ بين شعب باكور كردستان، وبلدياتها، بهدف تقليص شعبية الأحزاب الكردية في باكور كردستان بحجة أنها غير مهيأة لإدارة تلك المناطق، ولكن هذه المخططات فشلت ولا تزال”.
وأردف: “إن محاربة دولة الاحتلال التركي البيئة والطبيعة، لا تقتصر على افتعال الحرائق، وإنما لها أساليب متعددة، من ضمنها القطع المستمر للأشجار في المناطق، التي تحتلها تركيا ومرتزقتها، وكذلك استخدام دولة الاحتلال التركي الأسلحة الكيميائية في حربها ضد الشعب الكردي، ذلك كله يُظهر مدى محاربة دولة الاحتلال التركي، لكل ما يتعلق بحياة الإنسان، ولا سيما الإنسان الكردي”.
الإداري في مكتب البيئة في بلدية الشعب بمدينة الدرباسية، زيدان نوح، اختتم حديثه بالقول: “إن الوقوف في وجه السياسات، التي تتبعها دولة الاحتلال التركي، هي مسؤولية مُلقاة على عاتق المنظمات الدولية المعنية بشؤون البيئة، لذلك فهي مُطالبة اليوم باتخاذ إجراءات جدية للوقوف في وجه دولة الاحتلال التركي، ومنعها من ارتكاب المزيد من هذه الأفعال والسياسات المعادية للإنسان والبيئة والطبيعة بأسرها”.