الحج: هو الركن الخامس في الإسلام، ولكن يأتي من الناحية المجتمعية والتواصل بين المسلمين في الدرجة الأولى، حيث أنه يتوافد المسلمون بألوانهم وأعراقهم وطوائفهم ومذاهبهم كافة، وقومياتهم إلى مكان واحد، ويلبسون ثوباً واحداً، ويؤدون عبادة واحدة، وهناك تتجلى الأخوة الإنسانية بأنقى صورها، ويقول الله سبحانه وتعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ” لذلك نرى أن الاختلاف يكون في إثبات شهر رمضان، أما الحج فإنه يثبت في يوم عرفة في التاسع منه، “كما قال النبي ﷺ: الحج عرفة، فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر؛ فقد أدرك الحج”، ويتجه المسلمون من أقصى أنحاء العالم إلى مكة المكرمة، فمهما حاولت القوى العالمية بأسلحتها وسياستها وثقافتها أن تجبر شعوباً على الاجتماع في موقع واحد بهذه الكثافة، لن تستطيع ولكن فريضة الحج تجمعهم، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، لذلك نرى أن قوة الإيمان بأداء فريضة الحج لما لها من العناء والتعب والسفر والتكاليف الباهظة، ومع ذلك نرى ملايين الحجاج يتوافدون إلى بيت الله الحرام، مع العلم أن أكثر من نصف ذاك العدد لا يتم قبولهم في دولهم لأداء الفريضة، وفي الحج لا يسمح بالنقاش والمجادلة ولا بالصراعات أو التشنجات أو التفرقة، فقد قال الله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾”.
وأن الذي جرى في سوريا سبب انقطاع الحجاج عن بيت الله الحرام، ولكن والحمد لله هذه السنة في الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، تم تقديم جميع المساعدات والتسهيلات لقبول الحجاج السوريين، وتم افتتاح مكاتب الحج والعمرة بشكل رسمي، وأخذ الموافقات اللازمة من الإدارة ليتسنى للمسلمين أداء فريضة الحج، وهذا أيضاً عمل صالح تقوم به الإدارة الذاتية.
